حمّى الاحتقان تنتقل إلى قطاع الفلاحة بإعلان إضراب وطني عام.. والوزير الصديقي يواجه اتهامات بـ "المماطلة وتعطيل مصالح المهنيين"
يبدو أن المتاعب والاصطدامات باتت تُلاحق حكومة أخنوش من كل صوب، إذ لم تُطو صفحة غليان قطاعي التعليم والصحة حتى انتقلت موجة الغضب إلى قطاع الفلاحة الذي يشهد احتقانا اجتماعيا من نوع آخر، بسبب فشل الحوار القطاعي مع وزير الفلاحة محمد صديقي، الأمر الذي دفع المهنيين إلى الإعلان عن خوض إضراب وطني إنذاري لمدة 24 ساعة على مستوى كافة مكونات القطاع الفلاحي بداية شهر مارس المقبل.
وجاء هذا الإعلان، على لسان اللجنة الإدارية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي التي اعتبرت أن نتائج الحوار مع وزير الفلاحة، محمد صديقي، كانت "دون مستوى" انتظارات شغيلة القطاع ممّن لم يجدوا أمامهم سوى سلك طريق سن برنامج نضالي في وجه الوزارة الوصية، سيما عقب ما وصفوه بـ "استخفاف" الوزير الصديقي بمستوى ما يعرفه القطاع من احتقان اجتماعي كبير وما لذلك من آثار سلبية على كل المستويات في ظل قلة الموارد البشرية وشح وتدهور وسائل العمل وتنامي الأعباء على الشغيلة.
واعتبر مهنيو قطاع الفلاح أن وزير الفلاحة انتهج أسلوب المماطلة وواصل عدم التجاوب الجدي مع أغلب المطالب الأساسية والملحة لشغيلة القطاع بكل مكوناته من جهة، من خلال الاعتماد على أساليب ملتوية وإطلاق وعود فضفاضة بالنسبة لمطالب أخرى خاصة منها الملفات المحتجزة لدى وزارة المالية من جهة أخرى، وفي مقدمتها مشروع النظام الأساسي للمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي وهيكلة المكاتب الجهوية للتنمية الفلاحية والقروية ORDAR ومشروع قانون إحداث مؤسسة الأعمال الاجتماعية للمحافظة العقارية ومراوحة النظام الأساسي لمستخدمي المكتب الوطني للسلامة الصحية والمنتجات الغذائية مكانه رغم الاتفاق عليه.
هذا، وحمّلت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، كل من وزير الفلاحة محمد صديقي والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع ورئاسة الحكومة كامل المسؤولية عن تعطيل حلحلة أغلب الملفات في استهتار غير مسبوق بمطالب شغيلة القطاع، مشدّدة على أنه كل من موقع مسؤوليته وجب التدخل العاجل قصد تدارك التدهور الخطير للأوضاع المعيشية والتأخر الفظيع الذي راكمته أهم الملفات المطلبية المطروحة على الوزارة.
وتوعّدت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي الحكومة بمزيد من التصعيد، مطالبة الوزارة الوصية بعقد حوار ثلاثي يضم كل من وزير الفلاحة والوزير المكلف بالميزانية، كما دعت إلى حوار مع وزير الشغل حول قضايا القطاع الخاص الفلاحي، مشيرة إلى أن حوار 20 فبراير الجاري ما بين الجامعة ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، كانت "دون مستوى انتظارات شغيلة القطاع".
وتكمن أهم مطالب شغيلة قطاع الفلاحة بكل مكوناتها والتي تم عرضها على وزير الفلاحة والمتمحورة حول احترام الحقوق والحريات النقابية، (تكمن) في مأسسة الحوار الاجتماعي بالقطاع، وتحسين دخل شغيلة القطاع الفلاحي من خلال الزيادة العامة في الأجور بما لا يقل عن 2000 درهم شهريا وفي التعويضات والمعاشات، وتحقيق المماثلة في التعويضات الجزافية خاصة في المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي والمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية والمطالب الخاصة بالنساء والقانونين الأساسيين لشغيلة المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي ORMVA (قانون أساسي مؤقت منذ 1975) ولشغيلة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) والقوانين الأساسية لباقي المؤسسات العمومية (ADA، ENA ،INRA، IAV، شركة مخازن الحبوب المينائية، الغرف الفلاحية، الوكالة الوطنية للمياه والغابات ANCFCC).
وإلى جانب مشروع إعادة هيكلة الوزارة والمعهد الوطني للبحث الزراعي والنهوض بالأعمال الاجتماعية بالنسبة لمختلف موظفي ومستخدمي ومتقاعدي القطاع والحماية القانونية للموظفين والمستخدمين أثناء مزاولتهم لمهامهم، يُطالب مهنيو القطاع أيضا بإدماج حاملي الشواهد في السلاليم المناسبة وإقرار نظام تكميلي للتقاعد RECORE وتوفير مقرات مناسبة للعمل (الحالة المزرية لوكالة التنمية الفلاحية كنموذج)، مع زيادة على توفير وسائل العمل وحركية موظفي الوزارة.
وشمل العرض الذي الجامعة لوزير الفلاحة، أيضا مطالب شغيلة القطاع الخاص الفلاحي على رأسها إخراج مرسوم شامل خاص بتنفيذ التزام الدولة والباطرونا بتحقيق المساواة في الحد الأدنى للأجور في أفق 2028 وضمان احترام الشق الاجتماعي في عقود الشراكة على أراضي الدولة الفلاحية، وحل معضلة نقل العاملات والعمال الزراعيين، وربط الدعم العمومي بتطبيق قانون الشغل وتوقيع اتفاقيات شغل جماعية، والتدخل قصد حل مشكل شغيلة التعاونية الفلاحية كوباك، وتنفيذ الاتفاق السابق مع الكاتب العام للوزارة على عقد اجتماع مع الجامعة حول أوضاع ومطالب الفلاحين.
واستنكرت اللجنة الإدارية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، واقع "المماطلة والتنكر" التي نهجها وزير الفلاحة في تنزيل التزاماته السابقة فضلا عن ضعف الترافع بشأن الملفات المتوافق حولها بين الجامعة لدى الجهات الحكومية المعنية وزارة المالية ورئاسة الحكومة"، مسجّلة في السياق ذاته عجز الوزارة عن الدفاع الجدي وفي حدوده الدنيا عن القانون الأساسي لشغيلة المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي قصد المصادقة عليه، رغم صياغته بشكل مشترك وتوافقي مع النقابات وهو ما ينطبق على باقي القوانين الأساسية للمؤسسات العمومية الأخرى بالقطاع الفلاحي.
وتأتي هذه المستجدات من جهة ثانية، تزامنا مع إعلان النقابة الوطنية للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية من جانبها، خوض إضراب وطني يومي 21 و28 فبراير الجاري في وجه الوزارة الوصية، من أجل التسريع بمسطرة المصادقة على مشروع القانون الأساسي لمستخدمي المكتب المتفق بشأنه بين النقابة وإدارة المكتب، والمطالبة بتوفير الموارد البشرية اللازمة وتدارك غياب التوظيف مع الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة لإعادة تهيئة مختلف مصالح المكتب.
وكانت اللجنة المشتركة المكلفة بمشروع القانون الأساسي للمكتب قد استنفذت جميع مراحل عملها، و توافقت على مسودة مشروع قانون أساسي تم وضعها رسميا لدى وزارة الفلاحة وتنتظر المصادقة من طرف مصالح وزارة المالية، بيد أنها لم تحقق أي تقدم بعد ذلك وظلت مسودة مشروع القانون مجمدة معها مصالح القطاع وشغيلته.
وتواجه الوزارة، جملة من المتاعب مع شغيلة القطاع في مقدمتها الخصاص المهول في الموارد البشرية وغياب عمليات التوظيف لسنة 2023 خاصة مع إحالة العديد من المستخدمين على التقاعد وهو المشكل الذي بات يطرح عدة تحديات ترتبط بمجمل البرامج التقنية التي يتم تسطيرها مركزيا والتي تستوجب الرفع من عدد مناصب التوظيف المخصصة للمكتب مستقبلا، وكذلك الاعتمادات المالية المخصصة لتسيير عمل المكتب وإصلاح مصالحه في مختلف الجهات.