خلال سنتين.. 3 آلاف و88 حادثـة سيـر بالطرق السيّارة بالمغرب خلفت 427 قتيلا و5 آلاف و699 مصابا

 خلال سنتين.. 3 آلاف و88 حادثـة سيـر بالطرق السيّارة بالمغرب خلفت 427 قتيلا و5 آلاف و699 مصابا
الصحيفة - المهدي هنان
الأثنين 8 يناير 2024 - 12:00

شَهدت الطريق السيار، وخاصّة على المستوى الرابط بين الدار البيضاء ومراكش، خلال الأسابيع الماضية، حوادث سير مميتة بسبب عاصفة رملية حجبت الرؤية عن السائقين، وجعلت المركبات ترتطم ببعضها البعض، بحيث خلّفت هذه الحوادث 3 قتلى وعددا من الجرحى، 3 منهم كانت حالتهم الصحيّة خطيرةً.

وهي واقعة أبانت عن غياب أي استراتيجيّة من قبل المؤسّسة المسؤولة عن هذا الطريق، والتي استثمرت مبالغ ضخمة في مشروع لم ير النور بعد للتواصل الفوري مع السائقين، للتعامل مع الحالات الاستثنائيّة للظروف الجويّة، كالعواصف الرمليّة والريحيّة والأمطار الغزيرة والتساقطات الثلجيّة وغيرها.

وتُسجَّلُ هذه الحوادث في ظل واقع أشملَ يصفهُ خبراء السلامة الطرقيّة بـ"الكارثيّ"، سمتهُ الأساسيّة ارتفاعُ عدد قتلى وجرحى حوادث السّير في مختلف طرقِ المملكة، كل سنةٍ، بالرغم من كلّ الحملات التحسيسيّة التي تُنظّم، وبالرغم من تغيير القانُون ليصبحَ الزَجْرُ في حالات المخالفات أقسَى، وهو واقع يتحدّى جميع الاستراتيجيّات التي تأتي بها الحكوماتُ المتعاقبة، وآخرها الاستراتيجيّة الوطنية للسلامة الطرقيّة 2017 -2026 التي سطّرت هدفاً كبيراً هو خفضُ عدد قتلى حرب الطرقات بالمغرب من 3776 إلى أقل من 1900 قتيل.

فلماذا يعرفُ الطريق السيار نسباً كبيرةً من حوادث السّير؟ وكيف تحوّلت بعضُ مقاطعهِ إلى أوراشٍ مفتوحةٍ لمدد طويلة جدا تخلّف الحوادث، وتمنح المستعمل تجارب غير مُرضيةٍ؟ وما هي استراتيجيّةُ الطرق السيارة بالمغرب لتحسين الوضع، خاصةً أننا نعيش فترة تستعدّ فيها المملكة لتحسين بنيتهِا التحتيّة وخاصة الطرقيّة منها لأفضل مستوياتها، استباقا لحدثين هاميّن الأول هو تنظيم كأس إفريقيا للأمم سنة 2025، والثاني غير مسبوقٍ في تاريخ المملكة، وهو تنظيمُ كأس العالم لكرة القدم سنة 2030، بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال؟

كارثة تفضح اختلالات الطريق

شَهد يوم الأحد 22 أكتوبر 2023، تزامنا مع عودة العائلات من العطلة المدرسيّة، واقعةً بالطريق السيار كادت أن تتحول إلى كارثة أكبر من التي حدثت بالفعل والتي أدّت إلى وفاة 3 مواطنين وإصابة ثلاثة آخرين بإصابات بليغة، فالعاصفة الرمليّة الاستثنائيّة التي شهدتها عدد من مناطق المملكة، وتحوّلت السماء على إثرها إلى اللون البرتقالي الغامق، أسفرتْ عن حجب الرؤية عن سائقي الطريق السيار، وتسبّبت في اصطدام بعض السيارات ببعضها الآخر.

وليس هذا فحسب، بل تسبّبت الرياح القويّة التي صاحبت هذه العاصفة في سقوط عدد من الإشارات الكبيرة الخاصة باتجاهات الطريق، إلى جانب أعمدة الإنارة، كما قُطعت بعض الأسلاك الكهربائية، وهو ما يؤشر على أن البنية التحتيّة "للأوطوروت" غير مستعدة لظروف جوية استثنائية كالرياح القوية جدا، وتم تسجيل حوادث سير أخرى للأسباب نفسها، ثلاثة على الأقل، حسب بلاغ عمّمته الشركة الوطنية للطرق السيارة على وسائل الإعلام، كشفت فيه الإجراءات التي قامت بها للتفاعل مع نتائج هذا الطقس الاستثنائي.

وفي هذا السياق، تقول بشرى جَلاَلِي، الخبيرة في مجال السلامة الطرقية أن "الطرق السيّارة بالمغرب غير مستعّدة لمواجهة بعض حالات الطقس الخاصة، ففي مثل هذه الظروف الجويّة الخاصّة يجب القيام بإجراءات استثنائيةٍ من قبل المسؤولين عن الطريق السيار كمنع السياقة بالسرعة القصوى 120، وتوقيف السيارات في بعض المقاطع لحثها على خفض السرعة إلى أدنى حدّ ممكن".

عاصفة رملية شهدتها العديد من مناطق المغرب تسبب في العديد من حوادث السير بالطرق السيّارة بسبب عدم وجود تجهيزات التي السلامة في مثل هذه الظروف الطبيعية

وتضيفُ المنسّقة الجهوية للجامعة الوطنية لجمعيات السلامة الطرقية بالمغرب بجهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب أن "هذه الإجراءات ربما قد تشارك فيها حتى شركات الاتصالات، عبر بعث رسائل نصيّة فورية لزبنائها لتحذّرهم من السياقة في مثل هذه الظروف الطبيعية".

وتأتي هذه الواقعة في ظلّ تساؤلاتِ مستعملي للطريق السيّار عن سبب تدهور الخدمة في بعض المقاطع، بحيث تكثرُ الطرق التي تعرفُ أشغالاً تمتدّ لسنوات، وتتسبّب هي الأخرى في حوادث سير بعضها مميت، كما تعرفُ أماكن أخرى ضُعف أو غياب وسائل التشوير.

غير أن ما يثير التساؤلات هو تحوّل مقاطع بعينها إلى طرق أكثر اكتضاضا من الطريق العادي، بحيث يُزاحم أصحاب الدرّاجات النارية من الحجم الصغير أصحابَ السيارات والعربات الأخرى، علما أن أصحاب الدراجات هم أكثر ضحايا حوادث السير بالمغرب، بل وتُسجّل أحيانا حالاتٌ يستعمل خلالها أصحاب الدراجات الهوائية والعربات المجرورة من قبل الدوابّ الطريقَ السيار، إضافة إلى الراجلين الذين يعبُرون الطريق جرياً من أماكن تشكّل خطورة عليهم وعلى السائقين، إذ يشكّلون ثُلث ضحايا حوادث السير داخل الطريق السيّار، في غيابٍ شبه تامّ للمراقبة والزجر.

قتلى بالمئات على الطريق السيار

بالرغم أنه من المفروض أن تكون طرقا أكثر أمانا من الطرق الوطنية والجهوية والساحلية، التي تسجّل كل سنة أرقاما مهولة من الحوادث المؤسفة التي تخلف قتلى وجرحى بالآلاف، إلاّ أن الطُرق السيّارة بالمغرب، تعرف بدورها تسجيل أرقام مرتفعة من حوادث السير كل سنة، تخلف عشرات القتلى سنويا.

فمن خلال أرقام رسمية حصلت عليها "الصحيفة" من مصدر مسؤول بالوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، المعروفة اختصارا بـ"نارسا"، شهد الطريق السيّار بالمغرب 3 آلاف و88 حادثة سير خلال السنتين الماضيتين، مخلّفةً 427 قتيلا و287 مصابا بشكل بليغ، ثم 5 آلاف و699 مصابا بشكل خفيف.

ففي سنة 2021 عرفت الطرقُ السيّارة بالمملكة تسجيل 1559 حادثة سير، تسببت في مقتل 215 شخصا وإصابة 151 شخصا إصابات بليغة، مقابل 2830 كانت إصاباتهم خفيفة، بينما في سنة 2022 ستنخفضُ الأرقام، باستثناء الإصابات الخفيفة، بشكل طفيفٍ، ليتم تسجيلُ 1529 حادثة سير خلّفت 212 قتيلا و136 مصابا بشكل بليغ، ثم 2869 مصابا بشكل خفيف.

وتراجعت، بذلك، أعدادُ حوادث السير بالطريق السيّار بين 2021 و2022 بناقص 1,9 في المائة، وأعداد القتلى بناقص 1,4 في المائة، وأعداد الجرحى بشكل بليغ بناقص 9,9 في المائة، بينما ارتفعت نسبة الجرحى بشكل خفيفٍ بـ1,4 في المائة.

مصطفى العزوزي، وهو مهندس مغربي حاصل على الدكتوراه في السلامة الطرقية، وخبير دولي في هذا المجال يقدم استشارات لمؤسسات دولية مثل البنك الدولي، أكد لـ"الصحيفة" أن أول معدل يمكن الوقوف عنده هو كثافة القتلى، أي عدد القتلى في الطريق السيّار مقسوم على عدد الكيلومترات، ويقول "في المغرب هناك تقريبا 0,12 قتيل لكل كيلومتر واحد، من أصل 1839 كيلومترا تقريبا الذي هو مجموع الطريق السيار على المستوى الوطني، في حين أن الطرق الوطنية الأخرى، المعبدة وغير المعبدة، والتي طولها في حدود 13683 كيلومتر، لا يتجاوز فيها معدل كثافة القتلى 0,04، أما بالطرق الجهوية، فهذا المعدل هو في حدود 0،036 قتيل لكل كيلومتر".

ويُضيف الخبير في السلامة الطرقية "بالتالي عندما نقارن نتائج هذا المؤشر، وهو ما نسمّيهِ معدّلَ كثافةٍ كيلومتريّ، والذي يهم بالدرجة الأولى مسيّري الطرق، يتبين لنا أن أكبر معدل لكثافة القتلى هو المسجل على الطرق السيار، إذ بالرغم من أن شبكتها أقل بالكيلومترات من باقي شبكات الطرق الأخرى، إلاّ أن معدل عدد القتلى فيها مرتفع".

أما المقارنة الثانية التي يركز عليها العزوزي، في الحديث الذي خصّ به "الصحيفة"، فهي المتعلقة بحساب معدّل عدد الكيلومترات المقطوعة للمركبة، الذي هو معدّل يقيس حركة السير والأحجام المرورية التي تستعملُ شبكة الطرق المعْنِيّة، "فبالنسبة لهذا المعدل بالطريق السيار، يُسجّل 2,4  قتلى لكل 100 مليون كيلومتر مقطوعة للمركبة، بينما الشبكات الطرقية الأخرى تسجل معدل 5,4 تقريبا ويعلقّ على هذين المؤشرين بالقول "إن المؤشر الأول يجعل من الطريق السياّر الأخطر استعمالا، بينما المؤشر الثاني يضعها في مرتبة الأكثر أمانا مقارنة بباقي الشبكات الطرقية".

غير أن المؤشر الثالث، الذي هو عدد القتلى لكل 100 جريح خطير، لن يكون بدوره في صالح الطريق السيّار، إذ يُسجل، حسب العزوزي، 156 قتيلا، في حين لا يتجاوز الرقم 59 قتيلا بالنسبة للشبكات الطرقية الأخرى، "وهنا يتبين حجم الخطر المطروح بالنسبة لمستعملي الطريق السيار، حيث إنه راجع لعدة أسباب لعل أبرزها السرعة العالية، سواء المسموح بها أو الخارجة عن القانون"، يسجّل المتحدث ذاته.

ومن بين إجمالي حوادث السير المسجّلة بالمغرب، 7 في المائة فقط منها هي المسجلة بالطريق السيّار، "غير أنه، في المقابل، خطورة الحوادث التي تقع بالطريق السيار تبقى عالية جدا مقارنة بباقي الشبكات الطرقية خارج المدينة، بحيث يصل الرقم إلى الضعف مرّتين أكثر، ومرّة أخرى ترجع هذه الخطورة بالطريق السيار إلى السرعة الكبيرة، إذ إن هذه السرعة تتحّول إلى طاقة حركّية وهذه الأخيرة، في حالة حصول حادث، تُمتصُّ من قبل الأجسام الأقل ضعفا، أي جسم الإنسان، سواء تعلق الأمر بالسائقين أو الراكبين أو غيرهم"، يوضّح الخبير الدولّي في السلامة الطرقية.

هذه الأرقام المسجّلة بالطريق السيار تبقى مرتفعةً، شأنها شأن أرقام حوادثِ السير بشكل عامّ وأعداد القتلى والجرحى سنويا، إذ تتسبّب حوادث السير في المتوسط في حوالي 3500 وفاة و12 ألف إصابة خطيرة سنويا، بمعدل 10 قتلى و33 إصابة خطيرة كل يوم.

ففي سنة 2021، سجّلت المملكة 10 آلاف و28 حادث سير على المستوى الوطني، بزيادة 18،6 في المائة مقارنة بنفس الشهر من سنة 2020، و13،8 في المائة مقارنة بشتنبر 2019، وبلغ عدد قتلى سنة 2021، 3685 شخصا، بينهم 900 من الراجلين، و187 من أصحاب الدراجات الهوائيّة، و1450 من أصحاب الدراجات ذات محرّك، و929 قتلى في المركبات السياحيّة، و18 في الحافلات، و122 في الشاحنات. وفي سنة 2022 بلغ مجموع الحوادث 113 ألف و740، وعدد القتلى 3201، وعدد الإصابات الخطيرة 8090 حالة، فيما بلغ عدد الإصابات الخفيفة 153 ألفا و486 حالة.

ضُعف التشوير وغياب الحماية

عبّر عدد من مستعملي الطريق السيار الذين تحدثنا إليهم عن ملاحظات سلبية في ما يتعلق بضعف التجهيزات على جنبات الطريق، وانعدام علامات التشوير في بعض المقاطع وتدهور جنبات الطريق، وغير ذلك من أشكال ضُعف جودة وصيانة الطريق السيّار.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد عرسي، الخبير الوطني في السلامة الطرقية أنه "بالنسبة للتشوير بالطريق السيار هناك بعضُ النواقص، فمثلا عندما نتجاوز باحة الاستراحة الموجودة ببوزنيقة في اتجاه محطة الأداء، سنجد علامة كبيرة مكتوب عليها "لا تنسُوا أن تراقبوا عجلاتكم"، والمشكل هنا أن هذه العلامة يجبُ أن يكون مكانها قبل محطّة الاستراحة، وإلاّ ما الفائدة في أن تخبرني بأن أراقب عجلاتي وأنا للتّو تجاوزتُ محطّة الاستراحة ولن أجد المقبلة حتى أقود لفترة أخرى".

بالنسبة لعلامات التشوير والتنبيه، يجب الرفع من عددها في بعض المقاطع، والكلام هنا لمصطفى العزوزي، المتخصص في السلامة الطرقية، الذي يُبرز أن علامة خفض السرعة مثلا، تكون أحيانا في مسار بالرغم من أنها موجهّة للجميع، سواء سائقي المسار الأول أو الثاني أو حتى الثالث، في بعض المقاطع التي تتوفر على ثلاث مسارات، وهو ما يخلقُ إشكالا حسب الخبير في السلامة الطرقية، "فقد تكون في وضعية تجاوز شاحنة مثلا، وستفوتك بالتالي إشارة خفض السرعة أو غيرها من الإشارات، إذ يجب بالتالي وضع إشارة لكل مسار على حدة، وهي عملية غير مكلفة ماديّا بينما فوائدها الأخرى كبيرة"، يوضّح المتحدث ذاته.

وإذا كان من المفروضِ على الساهرين على خدمة الطريق السيّار أن يوفّروا بنية تحتيّة ويقوموا بإجراءات تحمي المستعملين من خطر الاصطدام أو الانزلاق وغيره من مخاطر الطريق، فالملاحظ في الوضعية الراهنة أن بعض مشاريع الطريق السيار تكون هي السبب في حوادث السير،  من جهته يؤكد محمد عرسي الخبير الوطني في السلامة الطرقية أنه "في الدار البيضاء، ضمن مقاطع الطريق السيّار التي تعرف إصلاحات، هناك يوميا حوادث سير، وكثير منها أعاينها شخصيا، وبالتالي فالمقاطع التي تعرف هذا النوع من الأشغال لا يجب أن نعتبرها من ضمن الطرق السيارة".

ويضيف المتحدث "هذه المقاطع التي تعرف أشغالا، تشكّل خطرا كبيرا على سلامة مستعملي هذا المرفق، خاصة منهم الذين ليسوا على دراية مسبقة بمكان الأشغال، على اعتبار أن السائقين يألفون السياقة، لساعات أحيانا، بالسرعة القصوى المسموح بها، ليضطروا فجأة لتخفيض السرعة إلى أدنى مستوى أحيانا، كما أن هذه المقاطع تخلق حالة من الازدحام المروري في أوقات الذروة وفي المناسبات والأعياد عندما يكون الطلب على استعمال "الأوطوروت" مرتفعا".

والأكثر إثارة للانتباه، وفق المتحدث نفسه، هو بطء هذه الأشغال واستمرارها لسنوات أحيانا، فالطريق السيار بالدار البيضاء، في المقطع الذي يمكّن من التوجه صوب مراكش أو الجديدة أو برشيد وقعت عيله حوادث مميتةٌ، يؤكّد عرسي، ويُردف "فأين الخلل هنا إذن، هل في العامل البشري أم في هذه الطريق التي منذ سنوات وهي تجهّز ولم تنته بها الأشغال بعد؟"، وبخصوص استمرار الأشغال لمدد طويلة، يقترح المتحدث ذاته أن يكون موعد الانتهاء من الطرقات معروفا.

وأشار الخبير في السلامة الطرقية أن "العديد من الطرقات ومن المقاطع بالطريق السيّار لا تنتهي بها الأشغال أبدا، لدرجة أنها عندما تصبح جاهزة تكون عاجزة عن مواكبة تطور عدد المركبات الجديدة، ويتم البدء في مشروع جديد لحل المشكل، وهو بذلك، ضياع للوقت والمال والجهد"، ويسجّل عرسي نقطة مثيرة للجدل لا يتم الحديث عنها بالشكل الكافي، وهي حوادث السير التي تقع لمستعملي الطريق السيار ضد حيواناتٍ ودوابٍ "فكم من سائق تفاجىء، وهو يسوق بـ 120 كيلومترا في الساعة، بمجموعة من الدواب انفلتت من حراسة الرعاة، الذين تكون أراضيهم أحيانا متاخمة للطريق السيار، فلا يجدُ أي مخرجٍ سوى الاصطدام بالحيوان أو تجاوزه بشكل مفاجئ، الشيء الذي قد يتسبّب في اصطدام السيارة بجنبات الطريق، أو فقدانها التوازن وانقلابها، مضيفا "أتمنى أن تشمل إحصائيات حوادث السير كذلك لائحة الناس الذين تقع لهم حوادث سير مع حيوانات داخل الطريق السيار".

وبالنسبة لعدد القتلى في الطريق السيار، إذا ما اطلعنا على المؤشرات الخاصة بتركيبتهم، سنجد أن 44 في المائة توفّوا في ما يسمى "الحوادث المنفردة" ويشرحُ العزوزي هذا المعطى بالقول "إن هذه الحوادث لا يتدخل فيها طرف ثانٍ، بل السائق المعني فحسب، فقد السيطرة على العربة، أو خرج عن المسار أو شيء من هذا القبيل، وهذا الرقم مرتفع، إذ يقارب نصف عدد القتلى المسجلين كل سنة".

لكن المثير في الأمر، أن الثلث الآخر من معدل القتلى بالطريق السيار، يتعلق بالراجلين، أي أشخاص توفّوا على الطريق السيار دون حتى التواجد داخل عربة، بل حدث ذلك وهم يحاولون عبور الطريق، "هي معضلة كبيرة، على اعتبار أن الطريق السيار ممنوع عبوره خارج الممرات الآمنة، الأرضية أو العلوية"، يُبرز العزوزي، مضيفا "مع الأسف هذه الظاهرة مستمرة في المغرب وهي نقطة مهمة وجب التوقف عندها بالإحصائيات، إذ إن هذا المؤشر مرتفع جدا، ويشكل خطرا على الراجلين وعلى سائقي العربات بالطريق السيار على حد سواء، فالسائق داخل الطريق السيار يسير بسرعة عالية مسموح بها، وبالتالي لا يجب أن يجد أي عائق أمامه، سواء تعلق الأمر بإنسان أو حيوان أو غير ذلك".

فالعديد من المقاطع بالطريق السيّار تثير الجدل بتخليفها المتكرر لحوادث سير خطيرة، لعل من أبرزها فاجعة تازة التي خلّفت 12 قتيلا وأزيد من 32 جريحا جلهم حالاتهم خطيرة، إذ لقيت هذه الفاجعة استنكار فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، الذي سجّل أن "المقطع الطرقي الواقع بالطريق السيار، على مقربة من المدخل الغربي لمدينة تازة، شهد يوم الثلاثاء 22 نونبر 2022، حادثة سير مفجعة راح ضحيتها ما لا يقل عن 12 من الوفيات، وعدد كبير من الجرحى، معظمهم مصابون بجروحٍ بليغة من شأنها التسبب في عاهاتٍ مستديمة".

وأورد الفريق أن "المقطع الطرقي المذكور كان قد شهد قبل سنتين حادثاً مماثلاً في نفس النقطة تقريبا، وذهب ضحيته 17 مواطنا، وهو ما يبرهن على أنه مهما تعددت أسباب حوادث السير فإنَّ المؤكد هو مساهمة رداءة الطريق المذكورة في وقوع مثل هذه الحوادث المأساوية ذات الضرر الإنساني والاجتماعي والاقتصادي البليغ".

والظاهر أيضا أن هناك سوء توزيع لباحات الاستراحة في عديد من مقاطع الطريق السيار، إذ تكون متوفرة بكثرة في منطقة معينة، بينما تكون شبه منعدمة في مناطق أخرى، ويضطر السائقون لقطع مسافات طويلة ليحصلوا على وجبة أو يستعملوا المرافق الصحية أو يأخذوا قسطا من الراحة، "الطريق السيار بين مكناس والرباط، مثلا، لا يتوفر على أي محطة استراحة قبل الكاموني. فالسائق الذي أحس بالعياء أو النوم خلال هذا الجزء من الرحلة أين سيتوقف إذن؟"، يتساءل عرسي.

أسئلة من بين أخرى نقلتها "الصحيفة" إلى السائقين من مستعملي الطرق السيّار في المغرب، حيث أكد أحدهم، ويدعى "أشرف" وهو سائق شاب لشاحنة لنقل البضائع، يَستعمل الطريق السيار في أغلب رحلاته بين الرباط وعدد من مدن المملكة، أن تجربة الطريق السيار تبقى بشكل عام أفضل من الطرق الوطنية الأخرى، لكنه يعود للتشديد على أنّه قياسا بالأموال التي يدفعها المستعمل، والتي يراها باهظة في حالة الاستعمال المتكرر، فعلى الطريق أن يكون أكثر ليونة وأمانا مما هو عليه حاليا.

وما يثير قلق أشرف أكثر هو وضع الطريق السيّار بالليل، بحيث تصبح علامات التشوير في كثير من المقاطع شبه مختفية، شأنها شأن العلامات المضيئة بجانبي الطريق، وهو قلق مجاني، يضيف المتحدث ينضاف إلى الحيطة من السائقين المتهورين والمتعاطين للممنوعات وغيرها، فهذا الوضع يصفه السائق الشاب بـ"السياقة في يد الله".

ويؤكّد العزوزي أن الإضاءة بالطريق السيّار منعدمة بالمغرب، بينما في بعض الدول المتقدّمة الإضاءةُ متوفّرة بجميع مقاطع الطريق السيّار حتى الموجودة منها في مسارات وعرة كالجبال وغيرها، "السبب في غياب الإضاءة يعود بالمغرب للتكلفة العالية لمشروع كهذا، لكن يمكن تحسين الوضع على الأقل، عبر توفير الإضاءة في المبدلاّت، أي مسارات الطريق التي تمكنك من تغيير الطريق السيار الذي أنت عليه للولوج لطريق سيار آخر"، يوضّح الخبير في السلامة الطرقيّة.

ويُردفُ المتحدث نفسه "يمكن توفير الإضاءة على مستوى 100 أو 200 متر قبل ولوج المبدّل، مع توفيرها طيلة مسار المبدّل، ثم 100 إلى 200 متر بعد الخروج من المبدّل. وهي فرصة لتوفير الرؤية الواضحة خلال هذا النوع من المقاطع، وأيضا من أجل رفع معايير السلامة داخل هذه المبدلاّت".

حربُ "الأوطوروت".. ماكينةُ موتٍ لا تتوقّف

"مع الأسف ما تزال حوادث السير تخلّف خسائر كبيرة سواء بشرية أو مادية أو اجتماعية ونفسية، إذ تكلف الظاهرة بالمغرب ما يعادل 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، أي حوالي 18 مليار درهم، وهو رقم ضخم كان بالإمكان استثماره في أشياء كثيرة مفيدة"، تسجّل جلالي، التي عملت لسنوات طويلة إطارا في وزارة التجهيز والنقل.

فالأرقام التي تسجّلها حوادث السير، التي سبق وأشرنا إليها، سواء في ما يخص عدد القتلى أو الجرحى، أو حتى الخسائر المادية، تظهر أننا نعيش حربا غير معلنة، إذ إن كثيرا من الصراعات المسلّحة لا تكلّف معدل 10 أرواح في اليوم، وعشرات الملايير كخسائر، لهذا يبقى مصطلح "حرب الطرق" الذي يتم تداوله إعلاميا بالمغرب منذ سنوات طويلة، مصطلحاً أقرب إلى الحقيقة من المجاز.

ومع كل هذه الأرقام المفزعة، حاولنا في "الصحيفة" التواصل مع الشركة الوطنية للطرق السيارة، لمعرفة وجهة نظرها في كل هذه المشاكل التي ترافق مستعملي "أوطوروت المغرب" ومعدل الضحايا المرتفع، ومعطيات تخص جوانب أخرى غير أن الأخيرة لم تتفاعل إيجابا مع طلباتنا المتعددة.

وحاولت الشركة مع توالي المشاكل المتعددة، ضمان تواصل أكبر مع مستعملي الطريق السيار، خاصة في الأوقات الاستثنائية التي تشهد فيها الطريق حادثة سير تعرقل الحركة الطبيعية، أو في لحظات أحوال الطقس الاستثنائية، حيث تحاول الشركة الوطنية للطرق السيارة، أن تُنجح مشروعا جديدا مكلفا، عبارة عن إذاعة خاصة، بدل تطبيق ADM Trafic الموجود على متاجر التطبيقات الخاصة بـ"أندرويد" و"إي أو إس"، والذي قام مستعملو الطرق السيار بتقييمه بشكل متدنٍ، بحيث لا يتعدى 3,4 على 5، ما يفسر أن المستعملين المغاربة يفضلون استعمال تطبيقات عالمية أخرى، معروفة بجودتها وبدقة معلوماتها، عوض تطبيق الشركة الوطنية للطرق السيّارة.

هذا المشروع الجديد هو عبارة عن إذاعة خاصة اسمها "آنفو ترافيك راديو" أو إذاعة أخبار حركة السير، للتحذير من المقاطع التي تعرف حركة غير عاديّة أو خروجا عن الخدمة لأسباب مختلفة، بحيث كانت ستمكن هذه الخدمة، خلال العاصفة الرملية الأخيرة مثلا، من تحذير مستعملي الطريق السيار وحثهم على التوقف مؤقتا، غير أن التحدي الكبير الذي يواجه هذه الإذاعة الجديدة، والتي لم يُعلن بعد عن موعد انطلاقها، هو ضعف الإقبال عليها، إذ لا يمكنها القيام بدورها مادام السائق لم يختر موجتها المحددة للاستماع لما تقترح من محتوى.

وحسب المعلومات التي تداولتها وسائل الإعلام المغربية حول هذا المشروع الجديد، فقد أسندت مهمة إنجازه، تقنيا، لثلاث شركات خاصة، هي "ستوديو تيك" البلجيكية و"RVR" الإيطالية ثم "SERVAS" المغربية، إذ بلغ التعويض الذي ستحصل عليه هذه الشركات حوالي 32 مليون درهم، وذلك "نظير تزويد الطريق السيار بين القنيطرة ومطار محمد الخامس بالدار البيضاء ببنية تحتية بالألياف البصرية، وإعداد استوديو للبث بالرباط، وموجة إذاعية، وحسب نفس المعطيات، يُرجّح أن تكون هذه الشركات قد انتهت بالفعل من المشروع، لتقوم بتسليمه لشركة الطريق السيارة التي تبقى الجهة التي ستحدد التاريخ الفعلي لانطلاق هذه الخدمة.

معايير سلامة خارج التصنيف الدولي

يؤكد مصطفى العزوزي، المهندس المغربي المتخصص السلامة الطرقية أنه "بالنسبة للطرق السيارة بالمغرب، وبحكم أنني اشتغلت في هذا المجال على صعيد 27 دولة، معاييرها جيدة على مستوى التصميم الهندسي والدراسات التصميميّة، وهذا بشهادة خبراء أجانب يأتون للمغرب، فهي بالتالي دقيقة وجميلة وذات جودة عالية، لكن كل هذا على مستوى معاييرنا الوطنية، إذ إن المعايير تختلف من بلد لبلد".

ويضيف "أما على مستوى المعايير الدولية، وخاصة إذا ما قارنا طرقنا السيارة مع الدول المتقدمة في هذا المجال، وهي دول شمال أوروبا مثلا، وكندا وغيرها، فأكيد أن هناك مجالا للتحسين والتطوير والاستلهام"، مقدما بعض الملاحظات التي يرى أنها مهمّة من أجل تحسين معايير السلامة بـ"الأوطوروت"، خاصة أننا مقبلُون، في المرحلة القادمة، على تنظيم أحداث رياضية كبرى مثل "الكان في 2025 و"المونديال" في 2030، وهما مناسبتان في غاية الأهمية ستجعل الزائرين الأجانب يقبلون على المملكة من جميع بقاع إفريقيا والعالم، وستضع بلدنا على رادار النقاش الدولي، وهي مناسبات يرى العزوزي أن استعمال التكنولوجيا خلالها من أجل الرصد والمراقبة والتنبيه والتبليغ، أمر ضروريّ، وخاصة الذكاء الصناعي الذي يفرض نفسه بقوة في هذا المجال، حسب المتحدث، ويعتبر حتميّا في القريب العاجل.

ومن بين الملاحظات التي تحدث عنها العزوزي، ضرورة "الرفع من جودة ونوعية ومستوى أداء الحواجز المعدنية الموجودة بجنبات الطريق، فهناك تطوّرات كثيرة تحصل على هذا المستوى في أنظمة السلامة، من حيث المواد والتكنولوجيات المستعملة، بحيث هناك حواجز تتفوق على أخرى في حالة خروج سائق العربة عن الطريق، إذ تتميز حواجز على نظيراتها في كيفية امتصاص الصدمة وفي توجيه العربة مجددا نحو الطريق، بدل السماح لها بالانقلاب أو السقوط من أعلى مرتفع أو التوجه نحو الاتجاه المعاكس وغيرها من السيناريوهات"، يسجّل العزوزي.

فالمعايير التي نتوفر عليها بالمغرب على مستوى الحواجز المعدنية، يوضّح الخبير الدولي في السلامة الطرقية، تمّ الرّفع منها على الصعيد الدولي، وخاصّة بالاتحاد الأوروبي، بحيث تم إدراج معايير جديدة على هذا المستوى، تحت مسمى "EN1317" ويضيف "أتمنى من المشرعين، والمسؤولين على أنظمة التصنيع بالمغرب أن يدفعوا نحو الرفع من كفاءة هذه الحواجز المعنيّة، لتتماشى مع المعايير الدولية الجديدة، فهذا الأمر مهمّ جدا، وأعتقد أنه سيُحقّق، في حال حدوثه، قفزة نوعيّة في مجال تحسين السلامة على الطرق السيارة بالمغرب"، يُؤكّد المتحدث ذاته.

كما شدّد على ضرورة تركيب الحواجز المعدنية داخل الجُزُرِ الوسطيّة، ما يفصل بين المسارين بالطريق السيار، إذا ما كان عرضُها أقل من 10 أمتار، بحيث تقترح معايير السلامة المرتفعة تركيب هذه الحواجز كلّما كانت هذه الجزر الوسطية أقل سُمكا من العرضِ المشار له، حتى نضمن الحماية من الخطر لحظة فقدان أحد السائقين السيطرة على عربته واتجاهه بذلك نحو اليسار، فهذه الحواجز تحمي من إمكانية خروج العربة إلى المسار المقابل وتشكيل خطر كبير على سائقي هذا المسار، وهي حالات تسبّبت بالفعل في حوادث خطيرة عديدة بالمغرب، أما المعايير الوطنية على هذا المستوى، فتشترطُ سُمك 3 أمتار فقط بدل 10، قبل ضرورة تركيب هذه الحواجز على الجزر الوسطية.

ومن معايير السلامة الطرقيّة التي يجب تحسينها كذلك، حسب المتخصّص ذاته، هي توسعة الأكتاف"، ففي الطريق السيار "هناك المسارات الرئيسية التي تسير عليها العربات، وهناك ما يسمى بالأكتاف، فهو جزء من الطريق لكنه خاص بالحالات المستعجلة ويبلغ سمكه 1,5 متر"، يُوضّح العزوزي، ويزيدُ "أتمنى أن يرتفع سُمكُ هذا الجزء من الطريق ليوازي المعايير الدولية، إلى غاية 3,5 أمتار، وخاصة الأكتاف على يسار الطريق، فتكبيرُ حجم هذا الجزء بطريقنا السيار له تكلفة مادية، هذا أكيد، لكن له، بالمقابل، فوائد أهم وهي تحسين السلامة الطرقية، والمساهمة في إنقاذ الأرواح".

ومن الإجراءات التي ليست فقط معاييرها في الطرق السيارة بالمغرب ضعيفة، وإنما غائبة تماما، هي الممرات الآمنة الخاصة بإيقاف العربات التي فقدت مكابحها، وهي "ممرّات خاصة وآمنة يتم إخراجها عن مسار الطريق ويتم ملؤها بالرمال، بحيث تقوم داخلها العربات التي فقدت السيطرة على المكابح بالتوقف بمساعدة قوة الاحتكاك"، يشرُح العزوزي، فهذه الممرات الآمنة تبقى وسيلة جد فعالّة لتجنيب مستعملي الطريق السيار خطر العربات التي فقدت مكابحها، الثقيلة منها كالشاحنات والحافلات على وجه الخُصوص، خاصة أننا رأينا مع الخبيرين جلالي وعرسي كيف أن المركبات المستعملة بالمغرب تبقى جودتها، في العموم، على المستوى التقني والميكانيكي ضعيفة.

ويضيف المتحدث نفسه أنه "يجب تعميم أجهزة مراقبة السرعة "الرّادار"، وخاصة الذي يقيس السرعة المتوسطة، فهو جهاز يكمل الرّادار الأول الذي يأخذ معلومات سيارتك وسرعتك فور دخولها لمقطع معين بالطريق السيار، بينما يقيس الثاني السرعة المتوسطة للعربات طيلة المقطع المشار له"، يقول الخبير في السلامة الطرقية، مستطردا "هذا الإجراءُ سيمكن من محاربة السلوك المعروف والمنتشر، والمتعلقُ بتخفيض السرعة فور المرُور من جهاز رادار معيّن، ورفعها مباشرة بعد تجاوزه".

فالحلولُ كثيرة إذن، والمسار لإحداثِ النتائج المنتظرة ما يزال طويلاً، إلاّ أن أي تأخر في تطبيقها بالشكل المطلوب، يعني مباشرة مزيدا من ضحايا الطُرقات، وهم مواطنونَ كُثرٌ تُهدر دمائهم على الأرصفة، أو يصابُون بعاهاتٍ مستديمةٍ لا أمل من علاجها، وكلُ هذا بسبب أخطاء لم يقترفُوها في الغالبِ.

البرلمان يتحرك أخيرا

ويبدو أن البرلمان المغربي انتبه أخيرا إلى البون الشاسع في معاير السلامة الطرقية بين ما هو كائن وما يجب أن يكون، وهو الأمر الذي اتضح قبل نحو شهر حين وجد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، نفسه أمام أسئلة حارقة من طرف أعضاء مجلس المستشارين، تتمحور حول شركة الطرق السيارة بالمغرب نتيجة حوادث السير المتكررة، إلى جانب الاختلالات الحاصلة على مستوى الانتهاء من الأشغال.

وركزت الأسئلة، التي طُرحت خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز والماء، على جملة من الاختلالات التي عاينها البرلمانيون، مثل نتائج برنامج إعادة الهيكلة المالية للشركة الوصية على الطرق السيارة ابتداء من 2018، وتردي الخدمات المقدمة للمستعملين في مقابل ارتفاع الأسعار، إلى جانب التأخر، بل التوقف، الذي عرفته مجموعة من المشاريع.

وكانت معايير السلامة من الأمور التي تم الوقوف عندها بإسهاب من طرف البرلمانيين الذين يمثلون أحزابا وهيئات نقابية متعددة، على غرار ضعف التشوير الطرقي في العديد من المسارات، إلى جانب تأثير الأشغال غير المكتملة على سلامة مستعملي الطريق، وتسببها في العديد من الأحيان في حوادث سير خطيرة، إلى جانب اتساع الهوة بين المعايير المعمول بها دولا وتلك التي يعتمدها المغرب.

وقبل ذلك، وتحديدا في نهاية شهر أكتوبر الماضي، خرجت إلى العلن اللجنة البرلمانية المكلفة بالمهمة الاستطلاعية حول الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، والتي يرأسها النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، إبراهيم خيي، والتي ستركز على الاختلالات التي تعاني منها هذه الشركة، خصوصا على المستوى المالي والخدماتي.

ومن الأمور التي ستقف عندها اللجنة، المشاكل المتفاقمة للسلامة الطرقية الغائبة عن العديد من المقاطع الطرقية، إلى جانب الأشغال المتوقفة وعدم توصل بعض الشركات بمستحقاتها، إلى جانب غلاء تكلفة استخدام الطريق السيار بالمغرب، وإجبار المستخدمين على استخدام آلية الدفع المسبق "جواز" عن طريق تقليص منافذ الأداء المباشر.

ووفق مصادر برلمانية فإن اللجنة ستقوم بزيارات ميدانية إلى العديد من الطرق السيارة بالمغرب، كما ستلتقي أيضا بالعاملين في الشركة للوقوف على ظروف اشتغالهم، وذلك في ظل الانتقادات الموجهة للإدارة التي ترفض إلى غاية الآن الجلوس إلى طاولة النقاش مع ممثليهم النقابيين، من أجل تحسين الأجور والتعويضات والوصول إلى اتفاق اجتماعي يحمي حقوق الشغيلة.

أقيلوا هذا الرجل !

صناعة الفشل في المغرب سلعة رائجة. هذا على الأقل ما يمكن استخلاصه عند الإطلاع على حال شركة الخطوط الملكية المغربية التي يقودها عبد الحميد عدو إلى الهاوية وهو مستمتع بالمُهمة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...