دخلها سرّا ولم يرغب أن يعلم المغرب.. هل فعلا استقبال إسبانيا لزعيم "البوليساريو" كان قرارا شجاعا؟!
تتناقل العديد من المنابر الإعلامية الإسبانية تصريحات زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، ابراهيم غالي، في اليومين الأخيرين، خاصة تلك التي اعتبر فيها أن قرار نقله إلى إسبانيا للعلاج على ما قيل إصابته بفيروس كورونا، كان قرارا شجاعا من مدريد، وتأسف على ما سبّب لإسبانيا من أزمة ديبلوماسية مع المغرب بسبب ذلك.
وفي ذات التصريحات، اعتبر زعيم "البوليساريو" أن ما حدث بعد واقعة دخوله إلى التراب الإسباني، من إقالة وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليز لايا، وتعويضها بخوسي مانويل ألباريس، هو رضوخ من حكومة سانشيز إلى المغرب، وقال بأنه ما كان يجب أن يرضخ الإسبان للمغرب إلى هذا الحد.
تصريحات زعيم "البوليساريو"، وفق العديد من المتتبعين، حملت الكثير من التناقضات، واعتبروا أنه حاول تليين الجانب الإسباني وإظهاره بمظهر البلد صاحب المواقف الشجاعة، من أجل تغيير السخط العارم لدى الكثير من السياسيين الإسبان تُجاه إبراهيم غالي، حيث اعتبره قادة العديد من الأحزاب السياسية الإسبانية أنه السبب في ما حدث من أزمات ديبلوماسية بين الرباط ومدريد.
وكانت عدد من الأحزاب الإسبانية، وعلى رأسها الحزب الشعبي، قد انتقد بشد حكومة سانشيز على السماح لزعيم "البوليساريو" بدخول التراب الإسباني والتسبب في تأزيم العلاقات الديبلوماسية مع الجار المغربي الذي ترتبط به إسبانيا بالكثير من الشراكات والاتفاقيات وعلاقات حسن الجوار.
كما اعتبر المتتبعون، أن قول زعيم "البوليساريو" بأن قرار إدخاله إلى إسبانيا للعلاج كان قرارا شجاعا من مدريد، يتناقض مع الوقائع المرتبطة بهذه القضية، حيث أن قرار إدخاله إلى التراب الإسباني كان "قرارا سريا" ولم يكن المسؤولون الإسبان الذين يقفون وراء هذا السماح له بالدخول، يرغبون في أن يخرج خبر دخول إلى إسبانيا إلى العلن، أو أن يعرف المغرب بهذا "التسلل"، وبالتالي فإن الأمر لا يتعلق بأي شجاعة حسب تعبيرهم.
كما أن الجزائر، وفق ذات المتتعبين، لعبت دورا مهما في هذه القضية، حيث كشفت العديد من المعطيات أن الجزائر هي التي تواصلت مع إسبانيا وحصلت على ضمانات من أجل نقل زعيم "البوليساريو" إليها للعلاج، وقد تم نقله إلى مدينة سرقسطة على متن طائرة رئاسية تابعة للنظام الجزائري، لكن المخابرات المغربية والصحافة الدولية كان لها "اختراق" فضح هذه العملية برمتها، مما تسبب في أزمة ديبلوماسية حادة بين الرباط ومدريد، ولازالت الأخيرة تعاني من تبعاتها إلى اليوم.
ومسألة أخرى، أشار إليها المتتبعون لهذه القضية، هو أن قرار إدخال زعيم "البوليساريو" إلى إسبانيا، كان قرار أريد له أن يبقى في السر، بالنظر إلى أن ابراهيم غالي مطلوب للقضاء الإسباني بتهم جرائم ضد حقوق الإنسان، ولازالت قضيته لدى القضاء الإسباني إلى حدود اليوم، حيث أن العديد من ضحاياها هم أشخاص يحملون الجنسية الإسبانية.
ويبدو واضحا للعديد من المهتمين للشؤون الإسبانية، أن إسبانيا خسرت الكثير في هذه الأزمة التي تسبب فيها زعيم الجبهة الانفصالية، واعتبرت الكثير من الأحزاب السياسية أن ما قامت به حكومة سانشيز كان خطأ ديبلوماسيا جسيما، ولم يكن قرارا شجاعا حسب تعبير إبراهيم غالي.