دولةُ الانضِباط!
هذه دَولتُنا.. إنّها أنتَ وأنا ونحنُ جميعًا.. كُلّنا الدّولة.. وعلينا واجبُ الانضِباطِ مع الذّات، ومعَ الآخر..
قاعدةٌ سُلوكيّة، في أيّ مِن شؤون حَياتِنا المُشترَكة..
وإذا كانت الحكومةُ - على سبيل المِثال - عَرقلةّ للانضِباط، فيجبُ الإتيانُ بحُكومةٍ أخرى مَسؤولة..
والدولةُ التي هي "نحنُ جميعًا"، تُكوّنُ وتُؤطّرُ المُجتَمعَ على هذا الانضباط الذي يَشملُ أرضيةً أخلاقية وسُلوكية، ويَقُودُ إلى أخلاقياتِ السّلام والتّعايُش، والاستقرارِ التّنموِي، والاعتمادِ على الذات، والتآزُرِ والتّعاضُدِ والتّطوّع..
سُلوكيّاتٌ بنّاءة، لتنميةِ الإنسانِ والمُجتمع، والتعامُلِ الإداري، واحترامِ الغَير، والاندِماجِ بين مُختلف الفئات الاجتماعية، والالتزامِ بالقانون..
- على أن يكُونَ القانُونُ عادِلاً..
قائما على المَصلحة العامة..
وتَحرِصُ المؤسّساتُ المسؤولةُ عن تنفيذِه، على الحقوقِ والواجبات..
وَوحدَها دولةُ المؤسّشات مسؤولةٌ عن أرضية لهذه الدولة البنّاءة التي لا تُفرقُ بين مُواطنٍ وآخر..
الكُلّ سواسيةٌ أمام القانون!
لا فرقَ بين فُلانٍ وعِلاّن!
ودولةٌ بهذه المَعاييرِ النّموذجية هي المسؤولة عن حماية البلد من أية تجاوُزات..
والقانونُ فوق الجميع..
ولا قَبولَ للتّرامي على حقوق الغير، وعلى مِلكيةِ الآخر..
وعلى تُجاوُزِ الحُدُودِ الفردية..
وقد قيل قديما: حُدُودُك تنتهي عندما تبدأ حُدودُ غيرِك..
وهذه المبادئُ يتمُّ تدريسُها في مؤسّساتِ التعليم، والتأطيرُ عليها في مؤسّساتِ المُجتمع المدني، ويَحرِصُ عليها القضاءُ باعتباره من الأعمدةِ الرئيسيةِ لدولة المؤسّسات، وهي السلطةُ القضائية والتشريعية والحكومية..
وتَستطيعُ الحُكومةُ، باعتبارها سُلطةً تنفيذية، أن تكُون في مُستوى المسؤولية المنوطةِ بها، ولاّ تُشكل عرقلةً لأيّ من أعمدةِ الدولة.. ومن المفرُوضِ أن تكونَ قُدوةً في القولِ والعمل..
وفي مُستوى ربطِ التّنظير بالتّطبيق..
وعلى هذا الأساس ينشأ الفردُ والأسرةُ والمُجتمعُ وكلُّ الإداراتِ والمؤسّسات على احترامِ الأخلاق العامة، والحُرّياتِ الشخصيّة..
مع الالتزامِ بالوقت.. - وعلينا باحترامِ الوقت!
الوقتُ هو الوقت..
وعندما نُحدّد وقتا للإنجاز، أو اللقاء، أو الاجتماع، علينا بالتزامِ بالوقت..
الوقتُ هو يُحدّدُ مدى التزامِنا، دولةً وشعبًا، بوقتِ العمل، ووقتِ إكمالِ الإنجاز..
وبهذا نكُون مَضبُوطِين في حياتِنا اليومية..
ولا مجالَ لفوضَى التّوقيت..
وفوضَى التّعامُلات..
وفوضَى السّير.. والنّقل.. والمواعيد.. والعِلاج.. والشغل.. وإعطاءِ الأجيرِ أجرَه..
لا فوضَى في تعامُلاتِنا اليومية..
وهذه المبادءُ السلُوكية يجب تدريسُها من المهدِ إلى اللّحد.. من التعليمِ الابتدائي إلى ما بعدَ التّخرّج، وأثناءَ الشّغل، والإنجاز..
هذه أخلاقٌ عامّة لا تنازُلَ عنها..
أخلاقٌ عمومية حاضرة في مُلتقياتِنا، وتنظيراتِنا وقراراتِنا..
وعندَما نُقرّر، نلتزِم..
ولا أحدَ تحتَ أحَد… أو فوقَ أحد.. - القانونُ فوق الجميع..
ومن يخرقُ القانونَ يُعاقَب، ويكُونُ عِبرةً لمَن يَعتبِر..
وبهذه الأخلاقيات، تنضبِطُ حياتُنا وعلاقاتُنا ومسؤولياتُنا..
ويَكبُرُ الطّفلُ على احتِرامِ نفسِه واحترامِ الآخر..
وتكُونُ بلادُنا تحتَ أضواءِ دولةِ المؤسّسات.. دولة تُولِي الأخلاقَ أهمّيةً قُصوَى..
وفيها يَستوعبُ الجميع أن دولةَ الأخلاقِ وحدَها قادرةٌ على الارتقاءِ في سلاليمِ التّنمية، وفي تنشئةِ أجيالٍ هي نمُوذجٌ مِثالي للانضباط.. أجيالٌ تعرفُ ما لها وما عليها.. أجيالٌ هي مشروعُ قُدوةٍ في السلوكِ الخاصّ والعامّ، والتّعاوُن، واحترامِ الجميع..
وهذه مسؤوليةُ الجميع، وبالدّرجةِ الرئيسية: التربية داخلَ الأسرة، وفي المدرسة، وفي الحياةِ العامة..
في هذه الفضاءاتِ يَكتسبُ الطفلُ معلوماتٍ وتصَوّرات حول القيمة الأخلاقية والانضِباطيّة، وكيفيةِ تنميةِ المهاراتِ المرفُوقةِ بالقِيّم..
ومُجتمعٌ بهذه القِيّم الفرديّة والجماعية، هو فاعِلٌ في العَمليةِ التّربويّة التي بها نَبنِي معًا دولةَ الأخلاقِ التي هي المسؤولةُ الأولَى عن بناءِ الأخلاقِ العُمومية..
ودولةُ الأخلاق هي دولةُ الانضِباط.. دولةُ التّطوّر.. دولةُ النّمُوّ.. وهذه هي الدولةُ السّاكنةُ في أحلامِنا..
وعلينا مَسؤوليةُ بِنائِها وتَنميّتِها وتَطوِيرِها..
وبِها ومَعَها نتَطوّر، ونُطوّرُ بلدَنا.. ونَكبُر!