رهان المغرب على مشاريع تحلية المياه يجذب "إنرجي ريكوفري" الأمريكية للاستثمار بـ27.5 مليون دولار
يراهن المغرب على مشاريع محطات تحلية مياه البحر لتغطية أكثر من نصف حاجياته من الماء الصالح للشرب فضلا عن سقي مساحات فلاحية كبرى من هذه المحطات في أفق 2030، وهو ما دفعه إلى تشجيع الاستثمارات في هذا القطاع بما فيها الأجنبية، لعلّ اخرها شركات "إنرجي ريكوفري" الأمريكية المتخصصة في تصنيع أنظمة استعادة الطاقة للصناعات وتبريد المياه وثاني أكسيد الكربون، التي أعلنت توقيعها عقوداً بقيمة 27.5 مليون دولار لتوريد أجهزة مبادل ضغط، لمشاريع تحلية المياه بالتناضح العكسي للمياه البحرية (SWRO) في المملكة.
وباتت قضية تحلية المياه تبرز بشكل خاص لتوفير المياه الصالحة للشرب سيما في ظل الجفاف الحاد الذي تشهده المملكة في السنوات الأخيرة، وهي المشاريع التي تنجذب إليها الشركات الأجنبية وفي مقدمتها "إنرجي ريكوفري"، وهي شركة أمريكية متخصصة في تصنيع أنظمة استعادة الطاقة للصناعات وتبريد المياه وثاني أكسيد الكربون، أعلنت عن إطلاق برنامج استثماري كبير في المغرب بقيمة 27.5 مليون دولار، من أجل توفير مبدلات ضغط تسمح بتحلية مياه البحر.
وسيتم إطلاق المشروع رسميًا بحلول نهاية عام 2024، ما اعتبر مصدر ارتياح حقيقي للمغرب الذي يتكبّد ويلات الوصول إلى المياه الصالحة للشرب بسبب الجفاف الحاد والذي وصف بكونه الأسوأ من نوعه من ستينيات القرن الماضي، إذ تسعى البلاد لضمان الحصول على مياه نظيفة وصالحة للشرب، حيث أطلق المغرب مشروعًا كبيرًا للتحلية، فيما وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يتم إنتاج نصف مياه الشرب في البلاد من خلال هذا المشروع.
ستمكن المشاريع الممولة من قبل "إنرجي ريكوفري" من إنتاج أكثر من مليون متر مكعب من المياه يوميًا، مما سيمكن 600,000 مغربي من الحصول على مياه شرب كافية، وهي استراتيجية متبناة، وفقًا للحكومة ونائب رئيس الشركة الأمريكية، الذي يعتبر أن التحلية الوسيلة الوحيدة لدول شمال إفريقيا لمواجهة الجفاف المتكرر، وفق ما نقله موقع "بيزنس واير" المتخصص، الذي أشار إلى أن هذه العقود التي أبرمتها الشركة الأمريكية مع الحكومة المغربية برزت سابقا ضمن التوجيهات المالية للشركة، ومن المتوقع تنفيذها في عام 2024، في ظل الطلب المتزايد في المنطقة على تحلية المياه بتقنية SWRO..
وفي السياق ذاته، قال رودني كليمنتي، نائب الرئيس الأول لشؤون المياه في "إنرجي ريكوفري"، إن التحلية "تعتبر المصدر الوحيد المقاوم للجفاف، ومن الضروري أن تسعى المناطق الجافة مثل شمال إفريقيا للحصول على المياه العذبة من خلال الاستثمار في تقنيات معالجة المياه المتنوعة، بما في ذلك التحلية بكفاءة الطاقة"، معتبرا أن "هذه العقود تشمل أحد أكبر مشاريع التحلية في شمال إفريقيا، والتي ستسهم في تقليص الفجوة بين إمدادات المياه الحالية والطلب المتزايد في المغرب، بالإضافة إلى توفير مياه الشرب، حيث سيتم تخصيص أكثر من نصف الإنتاج المتوقع من التحلية للقطاع الفلاحي، مما يجعل التحلية وأجهزة مبادل الضغط الخاصة بنا تمثل عنصرين أساسيين في بناء نظام بيئي مستدام."
وتتميز أجهزة مبادل ضغط بقدرتها على تقليل استهلاك الطاقة في عمليات التحلية بنسبة تصل إلى 60% ويقدم أقل تكلفة دورة حياة لأي جهاز استرداد طاقة في السوق، فيما وعند اكتمال هذه المشاريع وتشغيلها، تؤكد "إنرجي ريكوفري" أن أجهزة مبادل ضغط ستمنع انبعاث أكثر من 475,000 طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، وهو ما يعادل إزالة أكثر من 100,000 سيارة ركاب من الطرق.
ويخطط المغرب لبناء ما لا يقل عن عشرين محطة لتحلية مياه البحر بحلول عام 2030 بسعة تبلغ 1.3 مليارات متر مكعب من المياه سنويا، مخصصة للاستخدامات المختلفة، حيث ستخصص المياه التي تنتجها هذه المحطات لـ 53 في المائة لمياه الشرب، و23 في المائة للري، و24 في المائة لقطاع الصناعة.
ويحتل المغرب المرتبة الأولى على الصعيد الإفريقي والمرتبة السادسة على الصعيد العربي من حيث الاستثمار في مشاريع تحلية مياه البحر، بقيمة استثمارية إجمالية بلغت 2.37 مليار دولار، وفق تقرير حديث لـ “BNC Intelligence”، أكد أن استراتيجيات تحلية المياه للمشاريع الحالية والمستقبلية، الخاصة بالمملكة تعتمد على سواحلها الأطلسية والمتوسطية الشاسعة لتأمين مياه الشرب الآمنة، وذلك بفضل تركيب عدد من مشاريع التحلية.
وأورد التقرير أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هما الدولتان الأكثر استثمارا في مشاريع تحلية المياه، نظرا لمناخهما الجاف ومحدودية مواردهما المائية، حيث بلغ إجمالي استثماراتهما 14.58 مليار دولار و10.28 مليار دولار على التوالي، يأتي بعدهما كل من الأردن ومصر وعمان، فيما المغرب حل في المركز السادس باستثمارات إجمالية 2.37 مليار دولار متقدما على تونس (950 مليون دولار)، والجزائر (210 ملايين دولار)، والكويت (130 مليون دولار.
ويتوفر المغرب على 11 محطة في الخدمة و5 محطات أخرى قيد التشييد تدخل ضمن استراتيجية محطة التحلية الجديدة، وهي تخص منطقة الدار البيضاء الكبرى ومنطقة أكادير والصحراء المغربية من خلال محطتين في العيون والداخلة، فيما تعتبر محطة الدار البيضاء مشروعا ذا أولوية، وتبلغ طاقته الإنتاجية 548 ألف متر مكعب في اليوم أو 200 مليون متر مكعب في السنة.
أما بخصوص الإحدى عشرة محطة المشتغلة حاليا نجد على وجه الخصوص محطة تحلية شتوكة آيت باها الواقعة في أكادير، وهي تعمل منذ يناير 2022. وبالنسبة لمشروع العيون، سيتم توسيع محطة التحلية التي تم تركيبها بالفعل لتغطية احتياجات مياه الشرب لجميع سكان العيون والمناطق المجاورة تدريجيا.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمحطة الداخلة، التي ستكتمل أعمال إنشائها في عام 2025، من 90 ألف متر مكعب إلى 100 ألف متر مكعب في اليوم. وسينتج هذا الهيكل مياه الري لـ5 آلاف هكتار، وكذلك مياه الشرب لمدينة الداخلة ومحيطها.