سفير المغرب في روسيا: البوليساريو "تحجّرت" والجزائر عالقة في الماضي.. والصحراء تتعلق بمصير أمّة
اعتبر السفير المغربي لدى روسيا، لطفي بوشعرة، التطور الأخير في العلاقات بين بلاده وإسرائيل بأنه ليس تطبيعا ولا مبادلة، معتبرا أن القرار الذي اتخذ بإقامة مكاتب صلة بين المغرب وإسرائيل هو عمل يندرج في سياق عملية بناءة للترويج للسلام في المنطقة.
وقال السفير المغربي في حوار مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، إن قرار الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، يأتي انطلاقا من المعرفة بتاريخ المغرب وبأن الصحراء كانت جزءا منه على الدوام.
وتوقع أن يكون للاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي، معتبرا أنه سيسمح بخلق فرص استثمارية جديدة لكل المنطقة.
وأشار السفير المغربي في موسكو أن الولايات المتحدة اتخذت قرارها بكل سيادة وبشكل مستقل، وهذا القرار ليس معزولا، فهناك عدد متزايد من الدول التي تعترف بمغربية الصحراء.
مضيفا أن هذه الدول تعترف بمغربية الصحراء انطلاقا من معرفة بتاريخ المغرب، الذي يوجد كدولة منذ أكثر من 12 قرنا والذي كانت الصحراء جزءا منه على الدوام. هي تعترف أيضا بمغربية الصحراء، من خلال احترامها الصارم للقانون الدولي؛ وليس احترام السيادة ووحدة الأراضي للدول التي تعد مبدأ أساسيا في القانون الدولي. والمقطع الرابع من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة ينص على ذلك بشكل واضح.
وأشار سفير المملكة في موسكو أن هذه الدينامية القائمة على اعتراف العديد من الدول بسيادة المغرب على صحرائه ستُستكمل ولا يمكن الرجوع للوراء لأنها تتماشى مع مسار التاريخ.
مضيفا أنه من المهم أن نفهم أنّ مسألة الصحراء بالنسبة للشعب المغربي ليست فقط مسألة يتم طرحها في مجلس الأمن. هي مسألة أساسية ووجودية تتعلق بمصير الأمة؛ يجب على الدوام أن نتذّكر هذه النقطة عندما نتخذ موقفا تجاه مسألة الصحراء.
المغرب والموقف الروسي من قرار ترامب
في ذات الحوار، شدّد السفير المغربي في روسيا إلى أن المغرب وروسيا أمتان قديمتان تحرصان على احترام هويتهما. مؤكدا أن المغرب وروسيا تقيمان علاقات دبلوماسية منذ نهاية القرن الثامن عشر وتربطهما شراكة استراتيجية تعمّقت منذ عام 2016. كما أشار إلى أنه قد جرت ثلاثة اتصالات بين وزارتي خارجية المغرب وروسيا خلال الأسابيع الأخيرة، وأن البلدين راغبين بمتابعة هذه الحوار السياسي من خلال الاحترام المتبادل.
مشدّدا على توضيح مسألتين بالقول: "أولا، من غير المجدي وغير الواقعي أن نبحث عن دوافع لنزرع الشقاق لدى الشعب المغربي خاصة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على وحدة أراضي المغرب وأيضاً بالدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة. يجب التنويه أن ما جرى ليس تطبيعا ولا مبادلة. الدبلوماسية المغربية قائمة على مبادئ ونحن نتحمل مسؤولية خياراتنا".
القرار الذي اتخذ بإقامة مكاتب صلة بين المغرب وإسرائيل - يضيف السفير المغربي في موسكو - هو عمل يندرج في سياق عملية بناءة للترويج للسلام في المنطقة. ولطالما سعى المغرب للتقريب بين الشعوب وخلق مساحات حوار من أجل تعزيز السلام ولطالما لعب دورا رائدا وسباقا في هذا المجال في أفريقيا والعالم العربي.
مضيفا أن موقف الولايات المتحدة كان على الدوام داعما "للمبادرة المغربية للحكم الذاتي"، وقرار الولايات المتحدة الذي صدر في العاشر من ديسمبر لم يصدر عبر بيان أو تصريح بل من خلال مرسوم رئاسي؛ وهذا يؤكد على فعل سياسي وقانوني قوي. إنه قرار تاريخي وقد قدمته واشنطن على هذا الشكل.
ملف الصحراء ومسؤوليات الجزائر
نوّه السفير المغربي لدى روسيا إلى أنه لو لم يكن للجزائر علاقة بهذا الخلاف كما تدعي دائما، كيف إذا ستكون معنية بالقرار الأمريكي؟ نحن في قلب التناقض الجزائري. لا يمكن أن ندين من يعترفون بمغربية الصحراء وفي نفس الوقت ندعي أن لا علاقة لنا بهذا الخلاف.
مضيفا في ذات الحوار مع وكالة "سبوتنيك" الروسية بأنه لا يمكن أن نحيك الخطط في الكواليس وفي نفس الوقت نتملص من كل مسؤولية في حل مسأة الصحراء، ولا يمكن أن نتحدث عن احترام القانون الدولي وفي نفس الوقت نقوم بمنع الأمم المتحدة من إحصاء أعداد السكان في مخيمات تندوف.
القانون الدولي الذي تستحضره الجزائر - يضيف السفير المغربي - ليس مجرد شعار يُطلق من أجل غايات سياسية، بل هو كامل متكامل، وعندما ندعو الآخرين لاحترام القانون يجب أن نتحلى بالأدب ونطبق ذلك على نفسنا.
مشيرا إلى أنه لا يمكن لأحد أن يحتكر الدفاع عن القانون، والمغرب لا تقبل أن تُعطى دروسا في القانون الدولي من قبل الجزائر. لا يمكن أن نبني مغرب (يقصد العالم المغاربي) الغد وفق مكونات أيديولوجية أصبحت من الماضي. التحديات التي تواجهها منطقتنا اليوم لم تعد نفس تحديات الستينات والسبعينات، ويجب أن نقدم اليوم حلولا محلية ومحددة لكي نواجه أزمة الهجرة والتغير المناخي والاندماج الاقتصادي المحلي. يجب أن نضع أفقا وهدفا، ونبني المستقبل وألا نبقى عالقين في الماضي.
اعتبر السفير المغربي أن اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه ستكون له نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي. فـ"كل الدول التي تتمسك بالتنمية الاقتصادية والبحبوحة في المنطقة ستسرّ بالدينامية التي تجري حاليا. هذا القرار سيسمح بلا شك بخلق فرص جديدة لكل المنطقة". يؤكد السفير المغربي.
وأشار سفير المملكة لدى روسيا إلى أنه من المثير للشفقة أن يتم نشر بيانات ضبابية بشكل متكرر للحديث عن صراعات وهمية. إذا أردنا أن نكون شركاء نتمتع بمصداقية في العملية السياسية يجب أن نتصرف بمسؤولية. مشدّدا في نفس الآن إلى أن جبهة البوليساريو قد "تحجّرت".