صادرات المغرب إلى البرازيل تتجاوز 2 مليار دولار سنة 2021.. والأخيرة تعتبر المملكة بلدا استراتيجيا لها
صدّر المغرب نحو البرازيل، خلال سنة 2021، منتجات بقيمة قياسية تناهز 2 مليار دولار. كما واصلت المملكة تعزيز شراكتها الاقتصادية مع عملاق أمريكا الجنوبية، لتصبح المصدر العالمي الخامس والعشرين نحو هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 213 مليون نسمة.
وفي حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، قدم الخبير البرازيلي في الجيو-سياسة والعلاقات الدولية، ماركوس فينيسيوس دي فريتاس، قراءته لهذا الإنجاز التجاري الجديد للمملكة، التي تعتبر أول مصدر عربي للبرازيل بعد المملكة العربية السعودية، متقدمة بفارق كبير على الجزائر (المصدر العالمي الخامس والثلاثون نحو البرازيل)، ما مكنها من التموقع في نفس مستوى بلد مجاور للبرازيل مثل كولومبيا، الاقتصاد الرابع بأمريكا الجنوبية، وكذا أمام قوى اقتصادية أخرى مثل أستراليا وإندونيسيا وماليزيا أو حتى جنوب إفريقيا، العضو مع البرازيل في مجموعة "البريكس".
وقد أوضح الباحث البارز في مركز الدراسات من أجل الجنوب الجديد، كيف أصبح المغرب بلدا "استراتيجيا" بالنسبة للبرازيل، كما تطرق لتحديات التقارب السياسي والاقتصادي بين البلدين اللذين يسعيان إلى تعزيز وجودهما في أمريكا الجنوبية وإفريقيا.
بلغة الأرقام. بلغت قيمة الصادرات المغربية نحو البرازيل حوالي 2 مليار دولار خلال 2021، وهو رقم قياسي تاريخي، وهو ما اعتبره ماركوس فينيسيوس دي فريتاس، راجع إلى تكثيف العلاقات التجارية بين البلدين، حيث تمثل المملكة بالنسبة للبرازيل بلدا استراتيجيا منفتحا على عدة أسواق؛ إفريقية وعربية وإسلامية، فضلا عن كونه بوابة وحيدة للولوج إلى منطقة (إفريقيا) التي تعرف نموا اقتصاديا وديموغرافيا في الوقت الراهن، وسيتعزز نموها في المستقبل القريب.
كما أن قرب المغرب من الدول الأوروبية يجعل المملكة منصة لدخول الأسواق التي لم تستكشفها البرازيل؛ هذا البلد اللاتيني الذي يظل حضوره في القارة الإفريقية خجولا للغاية ومقتصرا بشكل خاص على البلدان الناطقة باللغة البرتغالية. حسب ماركوس فينيسيوس دي فريتاس.
وحسب الخبير البرازيلي في الجيو-سياسة والعلاقات الدولية، فمن ناحية المغرب، تتمتع البرازيل، رغم وضعها الاقتصادي الصعب في السنوات الأخيرة، بسوق استهلاكية هامة، مع قوة شرائية عالية نسبيا ونظام قانوني ملائم، ويمكن أن يمثل التبادل التجاري كذلك فرصة جديدة للمقاولات المغربية التي ترغب في توسيع أنشطتها دوليا، والتي يمكن أن توفر لها البرازيل إمكانية الولوج إلى سوق موسع، مع وجود فئة سكانية شابة ومتحمسة لاكتشاف أسواق وفرص جديدة.
وعن وصف الرئيس جايير بولسونارو للمغرب بالشريك الاستراتيجي للبرازيل، أكد فينيسيوس دي فريتاس أن المسألة التي طرحها الرئيس جايير بولسونارو ترتبط بشكل خاص بكون البرازيل، كمنتجة عالمية للأغذية، تحتاج إلى الإمداد بمنتجات الفوسفاط، التي يعد المغرب كأحد أبرز مصدريها على مستوى العالم.
وتشكل الفلاحة الرافعة الرئيسة للاقتصاد والمجتمع البرازيليين، إذ شكل هذا الميدان عبر الـ 522 عاما الماضية جزءا أساسيا من الهيكل الاقتصادي للبرازيل.
وقبل الانتقال نحو المزيد من المنتجات الصناعية، من المهم أن يعمل المغرب والبرازيل معا على تثمين المنتجات الأولية على جانبي المحيط الأطلسي. كما يمكن أن يسمح قرب المغرب من شمال شرق البرازيل بإنشاء خطوط مباشرة وروابط تجارية أوثق بين البلدين، وكذا إنشاء ممر بحري في المحيط الأطلسي، مع حركة أسرع وأكثر كثافة وذكاء للبضائع، مما يتيح للبلدين العمل كمنصة للوصول إلى أسواق أكبر عبر امتداداتهما الجيو-سياسية.
وعن كيفية ولوج البلدين إلى منصات منطقتي أفريقيا وأمريكا الجنوبية، أكد الخبير البرازيلي في الجيو-سياسة والعلاقات الدولية أنه يمكن للبرازيل أن تتعلم من المغرب عملية تعزيز الريادة الإقليمية اعتبارا لتاريخه الفريد (الملكية واللغة، وغيرها).
مشيرا إلى أنّ البرازيل بلد مختلف عن بقية أمريكا اللاتينية، الأمر الذي يجعله بلدا رائدا في منطقته، ولكن دون تأثير إقليمي عميق، لأن البلد لا يبذل الجهد اللازم من أجل ذلك، على عكس المغرب، على سبيل المثال، الذي يضطلع بأدوار ريادية إقليمية ويتولى تنفيذ أجندات التنمية الإقليمية. لكن الحقيقة هي أن البرازيل فاعل أساسي في المنطقة ويمكنها أن تتعلم من المغرب كيفية التصرف بشكل أفضل كرائد إقليمي.
بالإضافة إلى ذلك، سيكون من المهم زيادة تدفق التجارة الثنائية وزيارات رجال الأعمال والسياح من جانبي المحيط الأطلسي. لذلك، من المنطقي تعزيز التبادلات، بما في ذلك التبادل الأكاديمي والثقافي، بما يتيح تحقيق قدر أكبر من التفاعل والتكامل والتفاهم بين الشعبين.
علاوة على ذلك، تنطوي الأرقام الجديدة المتعلقة بالأعمال التجارية بين البلدين على إشارات ممتازة. وينبغي الآن الحفاظ على هذا الزخم من أجل رفع العلاقات بين الرباط وبرازيليا إلى مستوى أكثر إستراتيجية ومردودية.