صندوق النقد الدولي: اقتصاد الجزائر مهدد بصدمات خارجية مع استمرار العجز المالي وارتفاع الدين العمومي

 صندوق النقد الدولي: اقتصاد الجزائر مهدد بصدمات خارجية مع استمرار العجز المالي وارتفاع الدين العمومي
الصحيفة – بديع الحمداني
الثلاثاء 1 يوليوز 2025 - 22:12

حذّر صندوق النقد الدولي من أن الاقتصاد الجزائري يواجه مخاطر كبيرة ناجمة عن صدمات خارجية محتملة، في ظل استمرار العجز المالي وتزايد الدين العمومي، مشيرا إلى أن الوضع المالي الراهن يعمّق هشاشة الاقتصاد ويقلّص هامش المناورة أمام التقلبات العالمية، وخاصة تقلب أسعار المحروقات.

 جاء ذلك في ختام مهمة مشاورات المادة الرابعة لعام 2025 التي قام بها فريق من صندوق النقد بقيادة كارالامبوس تسنغاريدس، إلى الجزائر خلال الفترة ما بين 16 و30 يونيو، حيث خلص الفريق إلى أن تعديل المالية العامة في الجزائر بشكل تدريجي ولكن عاجل يُعد ضروريا لتعزيز المرونة المالية وإعادة بناء الهوامش الوقائية، موصيا بأن تظل السياسة النقدية مركزة على استقرار الأسعار، مع الدعوة إلى تعزيز مرونة سعر الصرف لتمكين الاقتصاد من امتصاص الصدمات الخارجية، خاصة تلك المرتبطة بأسعار المحروقات.

كما أشار التقرير الذي نشره صندوق النقد الدولي عقب المهمة، أن تعزيز الأطر السياسية، إلى جانب تنفيذ إصلاحات تهدف إلى تقوية المرونة المالية، وتنويع الاقتصاد، وتشجيع الاستثمار الخاص، يُعد أمرا حاسما من أجل رفع وتيرة النمو وخلق فرص الشغل على المدى المتوسط.

ووفق التقرير، فقد سجل النشاط الاقتصادي الجزائري تراجعا إلى 3.6 بالمائة في 2024 مقارنة بـ 4.1 بالمائة في 2023، نتيجة تخفيضات أوبك+ في إنتاج المحروقات، في وقت حافظ فيه النشاط غير المرتبط بالمحروقات على قوته مسجلا نمواً بـ 4.2 بالمائة.

وفي هذا السياق، لفت التقرير إلى أن  ميزان الحساب الجاري تحول إلى عجز في 2024 بسبب تراجع إنتاج وأسعار الغاز، رغم بقاء الاحتياطات الدولية قوية عند 67.8 مليار دولار، ما يعادل 14 شهرا من الواردات.

كما أشار التقرير إلى انخفاض التضخم بشكل حاد من متوسط 9.3 بالمائة في 2023 إلى 4 بالمائة في 2024، مدفوعا أساسا بانخفاض أسعار المواد الغذائية، مع تراجع التضخم الأساسي أيضا، بينما بقيت السياسة النقدية تيسيرية خلال النصف الأول من 2025.

وسجل عجز الميزانية، وفق المصدر نفسه، اتساعا كبيرا في 2024 ليصل إلى 13.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، بسبب انخفاض إيرادات المحروقات وارتفاع الإنفاق على الأجور والاستثمارات، ومن المتوقع أن يبقى العجز مرتفعا في 2025.

ورغم أن الآفاق على المدى القريب تبقى إيجابية، حسب التقرير، لكونها مدعومة بتعاف تدريجي في إنتاج المحروقات مع تخفيف تخفيضات أوبك+، فإن الصندوق حذر من أن الضغوط المالية المتزايدة ستُفضي إلى تحديات تمويلية كبيرة، وإذا استمرت، فقد تزيد من الدين العمومي في الأجل المتوسط.

وأشار التقرير إلى أن حالة عدم اليقين العالمية وتقلب أسعار المحروقات قد تُضعف الصادرات والاستثمار، ما يسهم في زيادة العجز في الحساب الجاري خلال 2025، مضيفا أن الجزائر تواجه عدة مخاطر، أبرزها تقلب أسعار المحروقات في ظل تغير السياسات التجارية والتوترات الجيوسياسية.

وحذر صندوق النقد الدولي في تقريره من أن استمرار العجز المالي يضغط على استدامة الدين العام ويُعمق الروابط المالية بين الحكومة، والمؤسسات العمومية، والبنوك العمومية، معتبرا أن الآفاق الاقتصادية على المدى المتوسط قد تتحسن بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية وبرنامج الحكومة.

ولتفادي المخاطر قصيرة الأجل وسط بيئة عالمية متقلبة، أوصت البعثة بإعادة التوازن المالي بشكل تدريجي وفي الوقت المناسب، من أجل احتواء الحاجيات التمويلية المتزايدة الناتجة عن العجز الكبير وتراجع أسعار المحروقات، وتعزيز المرونة المالية واستقرار الدين العام على المدى المتوسط.

كما شددت على أهمية استمرار السياسة النقدية في الالتزام بأهداف التضخم، والإبقاء على رقابة لصيقة على تطورات القطاع المالي، مع الدعوة إلى زيادة مرونة سعر الصرف لتحسين قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات الخارجية.

وأوصى الصندوق بجعل الإصلاحات الهيكلية أولوية على المدى المتوسط، من خلال تعزيز استدامة المالية العامة، وتقوية الأطر النقدية والمالية، وتحفيز الاستثمار الخاص لتحقيق نمو شامل وخلق فرص العمل.

ودعا التقرير إلى إصلاح منظومة الدعم لترشيد النفقات وخلق هامش للإنفاق ذي الأولوية، وتحسين كفاءة الاستثمار العمومي لدعم جهود تنويع الاقتصاد، كما أوصى بتحسين الرقابة والحوكمة داخل المؤسسات العمومية للحد من المخاطر المالية الكبرى.

"بغيتلك الحبس"!

في 30 مارس 2015، شارك مصطفى الرميد، في لقاء بالرباط نظمه مركز "مالكوم كير كارنيغي للشرق الأوسط"، حول إصلاح منظومة العدالة في العالم العربي، والذي استحضر تجارب المغرب وتونس ومصر ...