طلبة الطب يطالبون الحكومة بحلول جذرية للمشاكل الدراسية بدلاً من التركيز على الامتحانات
نفت مصادر قيادية في اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، توصّلها بأي مستجد من فرق الأغلبية بمجلس النواب حول وجود تطورات إيجابية لملفها في إطار الوساطة البرلمانية التي تقودها، مشدّدة على أنها لا تعلم حتى الآن حقيقة اقتناع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، أخيرًا بمطالبها التي وصفتها بـ"المشروعة" وبضرورة التراجع عن العقوبات التي أقرّها في حق هذه الفئة، والموافقة على برمجة امتحانات جديدة تنقذ العام الدراسي من البياض.
وأكدت المصادر ذاتها، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها تجنّبًا "للإجراءات الانتقامية التي تقودها الوزارة الوصية إزاء قادة اللجنة"، وفق وصفها، في تصريح لـ "الصحيفة"، أنها لم تتوصل حتى الآن بأي مستجد حول نتيجة الوساطة البرلمانية التي قادتها فرق الأغلبية بمجلس النواب، والتي همّت تقريب وجهات النظر بين الحكومة وطلبة الطب لحلحلة الأزمة المتفاقمة التي عمرت لما يُناهز السنة وتهدد مصير الموسم الجامعي المقبل، لافتة إلى أنه "لم تتبقّ سوى أيام معدودات عن انطلاق الدراسة في مختلف المؤسسات الجامعية، بيد أن الملف ما يزال قيد الركود".
وكانت لجنة الحوار الممثِلة لفرق الأغلبية بمجلس النواب، قد قالت إنها توصلت برد من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أعلمتها فيه عن رغبتها في إنقاذ الموسم الجامعي 2023/2024 بكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، مؤكدة التزامها أخيرًا والتزام عمداء الكليات، بـ "تمكين الطلبة الذين سيُجرون اختبارات الدورة الاستدراكية للفصل الأول المبرمجة بتاريخ 5 شتنبر 2024، من دورات أخرى تهم الفصل الثاني."
ووفقًا لما أكدته لجنة الحوار الممثِلة لفرق الأغلبية في البرلمان، في بلاغ لها أعلمت من خلاله طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، وأمهات وآباء وأولياء الطلبة، أنه وتتويجًا لمسار الوساطة والحوار مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، فقد تلقت الوزارة الوصية جوابًا عن المقترحات التي رفعتها اللجنة إلى الوزير عبد اللطيف ميراوي ضمن فرصة أخيرة تستهدف طي هذه الأزمة التي عمّرت طويلاً.
وأبرزت اللجنة أنه وفي إطار الوساطة التي تقوم بها الفرق البرلمانية من أجل المساهمة في إيجاد الحلول المناسبة لإنهاء إضرابات طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، تخبر لجنة الحوار لفرق الأغلبية بمجلس النواب عموم الطلبة المعنيين، وتتوّج مسار الوساطة والحوار مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، فقد تلقت فرق الأغلبية بمجلس النواب أجوبة الوزارة بهذا الشأن، وستحرص على متابعة التزامات الوزارة المصرح بها في اللقاء بمجلس النواب بتاريخ 10 يوليوز 2024، خاصة ما يتعلق برفع العقوبات الصادرة في حق الطلبة وممثليهم، وإلغاء نقطة الصفر، إضافة إلى برمجة دورتين للأسدس الأول والثاني، فضلاً عن العمل على ضمان الوعاء الزمني للتكوين للأفواج 2019-2024 بحسب الصيغ البيداغوجية المعمول بها والمتخذة من طرف اللجان المختصة.
من جانبهم، كذّب طلبة الطب في حديثهم لـ "الصحيفة"، توصّلهم بأي مستجد أو إبلاغ بهذا الخصوص، لافتين إلى أن الامتحانات الاستدراكية المقررة في 5 شتنبر هي بالأساس مبرمجة، لكنها في ذات الوقت مقاطعة، على اعتبار أن الامتحانات وبالنظر للسياق العام يجب أن تكون مبرمجة بطريقة جيدة لإنقاذ الموسم الجامعي.
وأضافت المصادر القيادية ذاتها: "لدينا أمل كبير في الدولة، لكن الحكومة تنقصها الجدية، أي نفس الجدية التي لطالما دعا إليها الملك محمد السادس في خطاباته، عوض الاستمرار في التعنت وضم الآذان عن مطالب الطلبة المشروعة. وهنا نؤكد أن المسؤولين الحكوميين يجب أن يمتلكوا جرأة القرار، إذ أنه لا يعقل أننا عقدنا ما يناهز 100 اجتماع مع مختلف الفاعلين وجميعهم تفهموا مواقفنا ومطالبنا، ونقولوها للوزارة الوصية والحكومة لكن هذه الأخيرة ترفض، والمتدخلون في الوساطة يجدون أنفسهم أمام الباب المسدود."
وشدّدت المصادر ذاتها، على أن المطلوب اليوم وبشكل استعجالي هو تحرك الحكومة نفسها لتحل المشكلة وأن تعمل بجدية، من خلال ابتكار طريقة مكثفة لتكثيف الدروس النظرية بالنسبة لفئة السنتين السابعة بدلاً من التعنت مع إعفاء الدفعات الخمس من قرار خفض السنوات، وهذا يعني أن المطلوب اليوم هو الجرأة السياسية التي تفتقدها هذه الحكومة.
وبخصوص ورود قرار تراجع الميراوي عن العقوبات التأديبية في حق الطلبة المقاطعين وقادة اللجنة في مختلف ربوع المملكة ضمن بلاغ لجنة الحوار الممثِلة لفرق الأغلبية بمجلس النواب، أكدت اللجنة لـ "الصحيفة" أنها لم تتوصل بمضامينه، وقالت المصادر ذاتها إنه في حالة حدوث ذلك فهو إجراء يستحق التثمين، بيد أنه يحتاج إلى ضمانات، خصوصًا وأن المجالس التأديبية تحظى بسلطة مستقلة عن الوزارة، وبالتالي يجب أن يصدر القرار عن رئاسة الجامعات، إذ أن الوزير لا يمكنه سحب القرار، وفي حال أخذت رئاسة الجامعات بهذا الصيغة فمن المفترض أن تعقد مجالس تأديبية ثانية، وهذا يبشر بالخير، ومع ذلك، نثمن الأمر وإن كان لحد الساعة لم نتوصل بشيء.
والمطلوب اليوم بالنسبة لطلبة الطب، بحسب المصادر القيادية في اللجنة، هو إنصاف الدفعات الخمس، وأن لا يتم تطبيق النظام الجديد عليهم مع الإبقاء على نفس النظام القديم، فيما يمكن لطلبة السنوات الأولى الاستفادة منه لتكون الأمور منطقية وواضحة.
ونبّه المصدر ذاته، إلى أن الامتحانات ليست بالمطلق إشكالًا بالنسبة للطلبة، فهي "مبرمجة سابقًا وبأريحية وكان التوقيت كافٍ للطلبة من أجل استيفائها، بيد أننا نؤمن بأهمية عدالة قضيتنا بالنسبة للدفعات الخمس، وهم ضحايا إصلاح غير معقول وجب تداركه، وعليه نطالب بإنصاف الدفعات الخمس وتأجيل القرار، بينما يمكن للسنوات الأولى الاستفادة من النظام الجديد لتكون الأمور منطقية وواضحة." وفق تعبير المصادر ذاتها.
وكانت فرق الأغلبية بمجلس النواب قد أعلنت عن إطلاق مبادرة الوساطة، من أجل رأب الصدع بين الحكومة وطلبة الطب المتمسكين بمقاطعة الامتحانات إلى حين الاستجابة لمطالبهم، بحيث اقترحت على وزير التعليم العالي والابتكار عبد اللطيف ميراوي، الدعوة إلى تنظيم دورة استدراكية جديدة في شهر شتنبر المقبل لتمكين طلبة الطب من اجتياز امتحانات الدورة العادية، على أن يتم تنظيم دورة استدراكية إضافية يعلن عنها في تاريخ معقول، وإلغاء جميع القرارات المتخذة في وقت سابق بحق الطلبة دون أي شروط، وعلى رأسها التوقيفات والنقاط الموجبة للرسوب، مقابل الإبقاء على القرار المتعلق بتقليص سنوات التكوين إلى ست سنوات وفق الصيغة الأخيرة التي أقرتها الحكومة.