طلبة الطب يواصلون الاحتجاج في مواجهة المصير المجهول بعد فشل الوساطة مع الحكومة
في مشهد يعكس تعقيد أزمة طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان بالمغرب، التي تقترب من طي صفحات عامها الأول دون حل يلوح في الأفق، أعلن الطلبة عن تنظيم إنزال وطني يوم السبت المقبل، تحت شعار "شباب المغرب وأطره من أجل حقوق صحية وتعليمية أفضل"، في خطوة تصعيدية جديدة تأتي لتضيف مزيداً من الوقود إلى نيران الأزمة التي طال أمدها، فيما تتعالى المخاوف من شبح "السنة البيضاء" الذي بات يهدد المسار الأكاديمي لأزيد من 15 ألف طالبا بعدما فشلت جهود الوساطة بين الطرفين، وسط استمرار تبادل الاتهامات بين الطلبة والحكومة.
واتهمت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، وزارة التعليم العالي بمحاولة عرقلة جهود الوساطة التي تقودها مؤسسة "وسيط المملكة"، من خلال فرض جدولة امتحانات بشكل أحادي الجانب، يرى فيها الطلبة خطوة محكومة بالفشل، على غرار كل المحاولات السابقة لإجراء الامتحانات، التي عمدت إليها الوزارة الوصية وتعتبرها "عربون" حُسن النية لحلحلة الأزمة.
وإلى جانب هذه التوترات، أعرب الطلبة عن سخطهم إزاء التدخلات الأمنية العنيفة التي ووجهوا بها خلال احتجاجاتهم السلمية في "الأربعاء الأسود" الذي شهدته الرباط الأسبوع الماضي، عندما تدخلت قوات الأمن بعنف لتفريق الاعتصام أمام كليات الطب، مما أدى إلى إصابات وإغماءات في صفوف المحتجين وأسرهم، فيما اتسعت دائرة الغضب بعدما تم اعتقال عدد من الأطباء الداخليين والمقيمين الذين انضموا إلى زملائهم تضامنًا، وهو ما زاد من استنكار النقابات والهيئات الحقوقية.
ومازاد "الطين بلة"، وفق الطلبة أن التدخلات الأمنية لم تقتصر على العاصمة الرباط، وإنما امتدت لتشمل مدن أخرى مثل طنجة والدار البيضاء ومراكش وأكادير، حيث تم قمع اعتصامات مشابهة، كما منعت السلطات تنظيم وقفات احتجاجية في مدن أخرى مثل كلميم وفاس.
وفي الوقت نفسه، استنكر الطلبة في بلاغ لهم توصّلت به "الصحيفة" استدعاء عدد من زملائهم للتحقيق، واصفين هذه الملاحقات القضائية بأنها "تصعيد خطير" يستهدف تكميم أفواههم ومعاقبتهم على تضامنهم السلمي، مستغربين باتهامات متعلقة "جرائم التضامن"، في حين أنهم كانوا يعبرون عن رأيهم بشكل سلمي، الأمر الذي يبقى مستقبل طلبة الطب في المغرب معلقًا وسط تعنت الحكومة واستمرار حالة الجمود، الذي يهدد بضياع عام دراسي كامل قد يُعمق أزمة القطاع الصحي والتعليمي في البلاد.
وفي هذا الإطار، قال محمد أيمن عضو اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، إن البرنامج النضالي للطلبة متواصل ولن يثنيهم تهديد أو متابعات قضائية على الرغم مما تُقاسيه هذه لفئة وذويهم طيلة الأشهر الانفة، مشدّدا على أن المقاطعة هي خيار غير قابل للمساومة مادامت الحكومة تواصل تعنتها ورفضها التحاور والتفاوض الفعال مع عرقلة كل مسارات الوساطة.
وأكد المتحدث، في تصريحه لـ "الصحيفة"، أن الطلبة متشبثون بالمقاطعة ولن يجتازوا الإمتحانات التي أقرها الوزير الميراوي وحدد تواريخها بشكل غريب وغير منطقي من تلقاء نفسه في إطار محاولته للَي أذرع الطلبة وابتزازهم وذويهم، موردا: "المؤكد أننا لن نرضخ، ومتّفقون على أن المقاطعة هي خيارنا الوحيد ما دمنا لم نوقع محضر الاتفاق مع الوزارة الوصية يكون ضمانة لنا ولا وجود لظروف ملائمة لاجتياز هذه الامتحانات".
وشدّد القيادي في صفوف طلبة الطب أيضا، على أن تحقيق المطالب المشروعة للطلبة هي الغرض الأسمى للبرنامج النضالي الذي يخوضون فيه والذي لم يكن الغرض منه في أي وقت من الأوقات تأزيم الأوضاع أو إحراج الحكومة أو عرقلة المسار الأكاديمي وإنما إحقاق الحق، وإعادة ممثلي الطلبة المطرودين، مع إسقاط كافة المتابعات القضائية والعقوبات الزجرية التي طالت الطلبة خلال الأشهر الثمانية الماضية.
ويشترط الطلبة على الحكومة، لاجتياز الامتحانات الاستدراكية وإنقاذ الموسم الدراسي، توفير ظروف ملائمة و السماح بفترة تحضير، والإعلان عن دورتين عادية واستدراكية وليس دورة واحدة فقط، فضلاً توقيع محضر الاتفاق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، يتوّج نهاية الأزمة وحلحلتها نهاية بتحقيق توافق بين الطلبة والوزير الوصي على القطاع.
وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار قد أعلنت مساء، الإثنين الماضي، أن كليات الطب والصيدلة ستتخذ عدة إجراءات على مستوى شعبة الطب، “في الوقت الذي لم يتوصل فيه بعد وسيط المملكة إلى تسوية مع ممثلي بعض الطلبة المنقطعين عن الدراسة”.
وأكدت الوزارة الوصية، أنه تقرر تمكين الطلبة الذين اجتازوا امتحانات الفصل الأول في دورة 5 شتنبر 2024، من استكمال امتحانات الفصل الثاني خلال دورة استثنائية خاصة ابتداء من الجمعة 4 أكتوبر 2024، إضافة إلى إجراءات أخرى، وهو ما يرفضه الطلبة من جانبهم مبديين تشبّثهم بالمقاطعة مع تنظيمهم اعتصامات إنذارية تعرضت لتدخلات أمنية لفضها كان أعنفها في العاصمة الرباط الأربعاء الماضي، في الوقت الذي تتابع فيه النيابة العامة بالرباط عدداً من طلبة الطب بتهم “العصيان والتجمهر غير المسلح” على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الأربعاء الماضي.