طماطم الصحراء المغربية "تخنق" المزارعين الإسبان وسط مطالب للمفوضية الأوروبية باستثنائها من اتفاقية الشراكة بين البلدين

 طماطم الصحراء المغربية "تخنق" المزارعين الإسبان وسط مطالب للمفوضية الأوروبية باستثنائها من اتفاقية الشراكة بين البلدين
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأثنين 29 ماي 2023 - 13:46

يُواصل المزارعون الإسبان، التعبير عن تذَمُّرهم من اكتساح الطماطم المغربية، لسوق الصادرات الأوروبية مندّدين بما وصفوه بـ "المنافسة غير العادلة"، التي تستدعي تدخُّل المفوضية الأوروبية بصفة عاجلة تضع حدا لواقع تجاوز المغرب حصصه وإغراقه السوق بطماطمه، وذلك من خلال تطبيق الامتيازات الجمركية لاتفاقية الشراكة بين البلدين على منتجي الطماطم في الصحراء المغربية.

وعلى الرغم من إعلان الحكومة المغربية، عن فرضها حصصا محددة على صادرات الطماطم في محاولة لزيادة المعرض المحلي وخفض الأسعار مع استمرار موجات الجفاف في المملكة، إلا أن المغرب تحوّل إلى ثالث قوّة مُصدرة للطماطم في العالم متجاوزا ولأول مرة منذ عقود إسبانيا وفقا لمعطيات من قاعدة بيانات الأمم المتحدة "كومتراد".

وهذا المُعطي، لم يرُق بطبيعة الحال مصدّري الفاكهة والخضروات في الجارة الشمالية إسبانيا، الذي اعتبروا وضع استيراد الطماطم المغربي "خارجا عن السيطرة تمامًا"، خاصّة وأن دولًا أخرى مثل تركيا بدأت بدورها تدخل مضمار المنافسة القوية، ما يشكل تهديدا جديدا للمنتجين الإسبان في ظل تراجع السوق.

ومنذ دخول اتفاقية الشراكة والتبادل الحر بين المغرب والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في 2013، ارتفعت واردات إسبانيا من الطماطم المغربية، من 365.695 طنًا إلى 557.225 طنًا في عام 2022، وهو حجم يرتفع إلى 701.541 طنًا إذا شمل المملكة المتحدة المنسحبة من التكتل الإقليمي والتي باتت تستورد بشكل أساس ورئيسي من المغرب على حساب ممونها الأول إسبانيا ما خلّف انزعاجا كبيرا لدى المزارعين والمسؤولين على القطاع في الجارة الشمالية.

وتُظهر أحدث البيانات المتاحة من وزارة الفلاحة الإسبانية، بناء على توقعات الموسم الفلاحي لسنة 2022/2023 أن الكميات المصدرة من إسبانيا تقل عن تلك المسجلة في 2016/2017 ومتوسط ​​المواسم الفلاحية الخمس الأخيرة. وعلى الرغم من النمو المُسجل في الموسم الثاني على التوالي في المنطقة المزروعة بالطماطم الشتوية، استمرت صادرات الطماطم الإسبانية، حتى فبراير من هذا العام، في الانخفاض من حيث الحجم.

وتحدث مدير اتحاد الفواكه والخضروات في Fepex، خوسيه ماريا بوزانكوس، عمّا وصفه بـ "الخسارة التدريجية لحصة السوق" من جانب إسبانيا، منبّها في الآن ذاته، إلى ظاهرتين مقلقتين فيما يتعلق بهذا التراجع، أولها تحول تركيا إلى مورد رئيسي لأسواق أوروبا الشرقية، بحيث أنه في المجموع، استورد التكتل الإقليمي 117.411 طنًا من الطماطم من هذا البلد، وفقًا لأحدث البيانات الرسمية الصادرة بهذا الخصوص.

أما التحذير الثاني، والذي بات مُقلقا بصفة مرعبة لكبار مصدّري الطماطم الإسبانية، هو استمرار هذه الفاكهة الحمراء، الأقل كلفة وسعرا من نظيرتها الإسبانية في تسيّد قائمة الموردين في العالم مزيحة إسبانيا من موقعها المُريح وذلك "بشكل واضح" على حد تعبير المسؤول الإسباني الذي لم يُعجبه واقع اكتساح المملكة للأسواق خاصة أوروبا الغربية.

ولا تُعد المسألة ككل تسويقية فقط، بحيث باتت الطماطم المغربية تنسف الموسم الفلاحي الإسباني، فيما تعلّق بالإنتاج والتصدير، ممّا يمنحها تواجدًا طوال العام في السوق الأوروبية، مستغلة التدابير المنصوص عليها في اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.

ويرى بوزانكوس، أن التعامل مع الزيادة "غير المنضبطة" في الواردات من المغرب "لا يتم تطبيقها، ما يجعل الرباط تستفيد من الامتيازات التي تم إطلاقها في إطار امداد التكتل الإقليمي". وما يُجابهه مزارعو الطماطم في الجنوب الإسباني، امتد وميضه أيضا للمصدرون الكناريون أيضًا، الذين سجّلوا انخفاض مبيعات الطماطم في الخارج في السنوات الأخيرة بسبب تراجع المساحة المزروعة، على الرغم من تعافيهم نسبيا في الموسم الفلاحي الأخير.

ووصف المتحدث باسم الاتحاد الإقليمي لرابطات مصدري المنتجات البستانية في "لاس بالماس دي غران كناريا"، غوستافو رودريغيز، رحيل المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي بـ "القشة التي قسّمت ظهر البعير". ويرى رودريغيز، أن المغرب تقدّم على جميع بلدان دول الاتحاد الأوروبي، بإقامته علاقات تجارية مع بريطانيا، الأمر الذي جعله يستفيد من مكانته على واجهتين ويرفع من مستوى صادراته وأرباحه.

وبالمقابل، تسجّل البيانات الصادرة عن شعبة الإحصاء بالأمم المتحدة، تراجعا على مستوى صادرات الطماطم الإسبانية إلى المملكة المتحدة من 143182 طنًا إلى 70780 طنًا. وفي فبراير وحده، أوقفت جزر الكناري شحن ما بين 30 و40 في المائة، من الطماطم إلى المملكة المتحدة بسبب الظروف الجوية غير المواتية للغاية، وهي كلها أسباب دفعت نحو تسجيل تراجع صادرات الطماطم الإسبانية مقابل نجاح نظيرتها المغربية في تسلم الريادة.

وتواجه جزر الكناري، واقع إغلاق عدد من الشركات المُصدّرة، بحيث أنه من بين 1086 شركة كانت تعمل في تصدير الطماطم في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لا تزال ست شركات فقط مستمرة"، حسب ما أكده المتحدث باسم المصدرين الكناريين ونقلته عنه الصحف الإسبانية. ولا يفوت المصدرون الإسبان، فرصة للضغط على التكتّل الإقليمي من أجل عرقلة مسار ارتفاع صادرات المغرب نحو أوروبا، متحجّجين بتضرّرهم من الاتفاقية بين الطرفين.

وفي هذا الصدد، فإن الحل حسب المصدّرين يتمثل في "طلب مساعدة استثنائية من المفوضية الأوروبية تصل إلى 10 في المائة من قيمة إنتاج الطماطم المسوقة لمنظمات المنتجين"، وفقًا لـ Fepex. وبهذه النسبة يأملون في تعويض الضرر الناجم عن "الإهمال في تطبيق بنود التعاون والضمانات لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب".

وشدّد المصدّرون الإسبان، على ضرورة تطبيق الامتيازات الجمركية للاتفاقية على منتجي الصحراء المغربية التي "أصبحت منطقة تصدير الطماطم الرئيسية في البلد".

ومن المؤكد أن هذا المُقترح الذي يسعى إليه المصدّرون سيصطدم، بواقع الاتفاق الثنائي بين المغرب وإسبانيا القائم على التغيّر التاريخي لموقف الجارة الشمالية من مغربية الصحراء والذي تلا التوقيع على خارطة طريق جديدة تقوم على احترام سيادة البلدين على أراضيهما، وهو ما يعني بطبيعة الحال أنه لا يمكن أبدا استثناء الصحراء المغربية من الاتفاقية الموقعة بين البلدين.

وكما هو معلوم، فإن المغرب حسم في وقت سابق بشأن المبادلات والخطوات الاقتصادية والتجارية على مستوى الصحراء المغربية، عندما عبّر على لسان أعلى سلطة في البلاد الملك محمد السادس، بأنه لن يقوم مع أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية، وذلك خلال الخطاب الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء.

وعبّر الملك، للدول والتجمعات، التي تربطها بالمغرب اتفاقيات وشراكات، والتي تعتبر أقاليمنا الجنوبية، جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني، مضيفا: "لدينا (..)، شرکاء دوليون صادقون، يستثمرون إلى جانب القطاع الخاص الوطني، في إطار من الوضوح والشفافية، وبما يعود بالخير على ساكنة المنطقة".

وأبرز أيضا، أن التطورات الإيجابية، التي تعرفها قضية الصحراء، تعزز أيضا مسار التنمية المتواصلة، التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، لافتا إلى أن هاته الأقاليم تعرف نهضة تنموية شاملة، من بنيات تحتية، ومشاريع اقتصادية واجتماعية، وبفضل هذه المشاريع، أصبحت جهات الصحراء، فضاء مفتوحا للتنمية والاستثمار، الوطني والأجنبي.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

هل سيغير قرار محكمة العدل الأوروبية من واقع ملف الصحراء؟

قضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بـ" بإبطال" اتفاقين تجاريين يتعلقان بالفلاحة والصيد البحري بين الرباط والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي. المحكمة التي يوجد مقرها بلوكسمبورغ وتسهر على "تطبيق" قانون الاتحاد الأوروبي ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...