عام على الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.. من تغريدة لترامب إلى إعلان رئاسي رسخته إدارة بايدن
"لقد وقعت اليوم إعلانا يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية".. بهذه العبارة أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، يوم 10 دجنبر 2020، الخطوة التي مثلت أكبر انتصار للدبلوماسية المغربي في ملف الصحراء على ملاعب القوى العظمى، والتي كانت منطلقا للكثير من الأحداث التي غيرت مسار الملف جذريا لدرجة أن الرباط أصبحت تعتبر أنه قد طُوي إلى الأبد وصارت تُخير الدول الأوروبية بين السير على خطة واشنطن أو مراجعة الشراكات الاقتصادية معها.
ففي مثل هذا اليوم قبل سنة من الآن، قال ترامب إن إنه يعتبر مقترح المغرب "الجاد الواقعي" لإقامة حكم ذاتي في الصحراء هو "الأساس الوحيد لحل عادل ودائم ولتحقيق السلام الدائم والازدهار"، موردا أيضا "لقد اعترف المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1777، ومن ثم أرى أنه من المناسب الاعتراف بسيادته على الصحراء"، وهي الأسطر التي تزامن نشرها من تغريدة أخرى تعلن عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل عقب 20 عاما من قطعها.
وأغضبت هذه الخطوة بشكل كبير حينها الجزائر وجبهة "البوليساريو"، اللتان اعتبرتا أن الأمر "مناقض للشرعية الدولية" وليس له "قيمة قانونية" بالنظر لأن ترامب كان حينها قد خسر الانتخابات الرئاسية أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن، وذهبتا إلى وصفه بأنه "مجرد تغريدة لا قيمة لها"، لكن الرئيس الأمريكي لم يخرج من البيت الأبيض إلا وهو يمضي إعلانا رئاسيا يفتح الباب عمليا أمام تنزيل قرار الاعتراف بمغربية الصحراء.
وانطلق الأمر من السفارة الأمريكية في الرباط، التي أصبحت أول مؤسسة رسمية أمريكية تعتمد خارطة المغرب الكاملة التي تضم الأقاليم الصحراوية والتي وقعها السفير السابق ديفيد فيشر، وخلال عام من ذلك تبعتها العديد من المؤسسات الأمريكية التي أضحت تدريجيا تعتمد الخريطة الكاملة للملكة، ومن بينها وزارة الخارجية والاستخبارات المركزية الأمريكية CIA ووكالة الفضاء الأمريكية NASA والموقع الحكومي الخاص بالسفر.
وكانت الجزائر و"البوليساريو" تُعولان على تراجع الرئيس الجديد بايدن عن قرار سلفه ترامب بعد وصوله إلى البيت الأبيض رسميا يوم 20 يناير 2021، ورغم أن إدارته فضلت الحديث عن الموضوع في حدوده الدنيا، إلا أن إشارات عديدة كانت توحي بأن التراجع عن هذا الاعتراف يبدو طموحا بعيد المنال، إذ استمر اعتماد خريطة المغرب الكاملة من طرف الإدارة الأمريكية مثل ما فعل المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض في يونيو الماضي.
وكان أول موقف صريح من الإدارة الأمريكية الجديدة بخصوص هذا الأمر هو ذاك الصادر عن نيد برايس، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في 2 يوليوز 2021، حين أكد أن إدارة بايدن لم تغير موقفها بخصوص الاعتراف بمغربية الصحراء، ثم في 29 أكتوبر 2021 أثبتت واشنطن استمرار موقفها من هذا الملف حين دافعت عن صياغتها لقرار مجلس الأمن رقم 2606 الذي رحبت به الرباط وأعلنت الجزائر رفضها لمضامينه، وخلال مناقشاته أعلن المندوب الأمريكي أن بلاده تعتبر أن "مبادرة الحكم الذاتي المغربية واقعية وذات مصداقية وتلبي طموح الصحراويين".
وقبل أن يتم الاعتراف الأمريكي عامه الأول، كان لا بد من تسريع العمل الدبلوماسي المغرب للخروج بموقف أكثر وضوحا من إدارة بايدن للتأكيد على أن إعلان ترامب لم يكن "مجرد تغريدة"، وهو ما تأتى للرباط يوم 22 نونبر 2021 حين التقى وزير الخارجية المغربي نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في واشنطن، وانتهى الاجتماع بصدور إعلان عن هذا الأخير يقتبس تقريبا كلمات الرئيس الأمريكي السابق، إذ أعلن دعم الولايات المتحدة لمقترح الحكم الذاتي باعتباره "مبادرة جادة وواقعية وذات مصداقية، والحل الأكثر لنزاع الصحراء".