عرفوا مايا ولم يعرفوا التراب.. "هزة خصر" تُقدم "رجل الفوسفاط" للمغاربة بعد 14 عاما من وجوده في منصبه!
لعل الكاتب المصري الراحل إحسان عبد القدوس، لو كان حيا بيننا اليوم، كان سيستلهم تفاصيل قصة جديدة على شاكلة "الراقصة والسياسي" التي تحولت إلى فيلم شهير للمخرج سمير سيف ولكان أسماها "الراقصة والاقتصادي". فحكاية الراقصة المغربية "مايا دبايش"، التي وضعت، عن غير قصد ربما، الرئيس المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط، مصطفى التراب، تحت مجهر مواقع التواصل الاجتماعي بعد هزة خصر وسط البحر أقامت الدنيا، تبدو جديرة بالتمعن.
ومنذ مساء أول أمس الأحد انتشرت فيديوهات لـ"مايا" وهي تستعرض قدراتها في الرقص على أنغام "الشعبي" على متن قارب سياحي رفقة العديد من الأشخاص، أحدهم كان بينه وبين التراب شبه واضح، ما حول الأمر بسرعة من نقاش حول مدى احترام الموجودين على متن اليخت الذي كان يتجول بسواحل إقليم المضيق الفنيدق لضوابط التباعد الاجتماعي، إلى التساؤل عن ما إذا كان المسؤول الأول عن فوسفاط المملكة هو بالفعل أحد الحاضرين، الأمر الذي دفع الراقصة الشهيرة إلى الخروج بـ"نفي رسمي".
لكن المفارقة هي أن العديد من الأشخاص الذين تعرفوا سريعا على "مايا" بمجرد ما وقعت أعينهم على الفيديو، لم يستطيعوا التعرف على هوية التراب الذي أوردت العديد من المصادر أنه ليس الرجل الذي يظهر في الصورة حتى قبل نفي المعنية بالأمر، بل الأغرب هو أن الكثيرين سيتعرفون لأول مرة على اسم وصورة الرجل الذي يوجد على رأس المكتب الشريف للفوسفاط منذ 14 عاما، والذي حل بمجلس النواب شهر دجنبر الماضي في ظهور نادر أمام البرلمان.
ورغم أن الكثير من المغاربة كانوا يرددون خلال احتجاجات اجتماعية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي "فلوس الفوسفاط فين مشات"، إلا أن هذا لم يكن كافيا لوضع التراب تحت مجهر مواقع التواصل الاجتماعي بالشكل الذي فعلته "مايا" في جلسة "نشاط" كما وصفت هي الأمر، بالرغم من أن الرجل يتحكم في ثالث أكثر قطاع يُصدر المغرب منتجاته إلى الخارج، وأهم ثروة طبيعية مكتشفة إلى حدود الساعة بالمملكة.
وكان الملك محمد السادس قد عين التراب، خريج معهد "ماساشوستس" للتيكنولوجيا بكامبريدج الأمريكية، على رأس مكتب الفوسفاط سنة 2006 ومنذ ذلك التاريخ حقق القطاع نتائج إيجابية، خاصة خلال الفترة ما بين 2007 و2012، لكنه أيضا واجه تحديات كبيرة مثل تعطيل الإنتاج سنة 2009 وتراجع الأسعار في السوق العالمية وخاصة أسعار الأسمدة، ما أثر في الأرباح الصافية في السنوات الأخيرة وخفض رقم المعاملات الذي انتقل من حوالي 56 مليار درهم سنة 2018 إلى 54 مليارا سنة 2019.
ولم يحظ التراب ذو الـ64 عاما، بهذا الاهتمام حتى وهو يقف قبل 9 أشهر أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب على ضوء تقرير كان قد أعده المجلس الأعلى للحسابات حول المكتب الذي يرأسه، في لقاء استعرض خلاله استراتيجية عمل المؤسسة منذ وصوله إليها وبرامجها إلى غاية سنة 2026 وشبكة أسواقها واستثماراتها على مستوى العالم، وكذا أرقام معاملاتها وأرباحها ومساهمتها في ميزانية الدولية سنويا.. كل ذلك لم يكن كافيا ليتعرف جل رواد منصات التواصل الاجتماعي على الرجل، وهي المهمة التي نجحت فيها "راقصة" ولو "عن بعد".