على خطى معارك ليبيا وجيش أذربيدجان.. الدرونز سلاح المغرب لمواجهة البوليساريو دون خسائر في الأرواح
في ماي من سنة 2015 نشر مساندون لجماعة الحوثي في اليمن صورا مع بقايا طائرة "إف 16" تابعة لسلاح الجو المغربي التي يبلغ سعرها المرجعي الأدنى 20 مليون دولار، بعدما استطاعوا إسقاطها خلال أول عملية ميدانية تشارك فيها ضمن التحالف العربي، متسببين في مقتل قائدها، ما طرح عندها العديد من علامات الاستفهام حول جدوى استعمال الطائرات العسكرية التقليدية في مواجهة ميليشيات مسلحة صار حلفاؤها يوفرون لها الأسلحة المضادة.
لكن الصورة كانت أول أمس مختلفة تماما، حين أعلنت وسائل إعلام مؤيدة لجبهة "البوليساريو" الانفصالية، مقتل قائد درك الجبهة، الداه البندير، وذلك عندما حاول رفقة مجموعة من مسلحي الجبهة القيام بعملية بالقرب من الجدار الأمني بمنطقة تويزكي ما بين أسا والزاك، ليتضح أن الجيش المغربي استهدف المجموعة بواسطة طائرة "درون" جرى تسييرها من القاعدة العسكرية في ابن جرير، لتؤدي مهمتها بكفاءة عالية دون خسائر بشرية أو مادية في صفوف القوات المغربية.
طائرات مسيرة إسرائيلية
ومنذ بروز إرهاصات تحرك المغرب عسكريا في الصحراء بعد إعلان جبهة البوليساريو الانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع الأمم المتحدة سنة 1991، إثر فرض القوات المسلحة الملكية لسيطرتها على معبر الكركارات في 13 نونبر 2020، أضحى السؤال المطروح هو كيف ستواجه الرباط ميليشيات تتفادى الدخول في معارك شاملة مباشر وتعتمد على استراتيجية حرب العصابات؟ وهو السؤال الذي كانت "الطائرات المسيرة عن بعد" إحدى الأجوبة المطروحة له.
ولم يسبق للمغرب أن اعترف بامتلاكه طائرات "درونز" بشكل رسمي، غير أن مجموعة من التقارير تحدثت عن ذلك، وآخرها تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تحدث عن صفقات التسلح المبرمة بين الرباط وتل أبيب، موردا أن سلاح الجو المغربي توصل في يناير الماضي بـ3 طائرات بدون طيار تحمل اسم "هيرون" بقيمة 50 مليون دولار، ما يعني أن قيمة الطائرة الواحدة بقطع غيارها وأنظمتها ودورات التدريب على استعمالها أقل من الحد الأدنى لطائرة إف 16 دون أي إضافات أو ملحقات.
"قاتل السماوات" في المغرب
لكن توجه الجيش المغربي للاستثمار في سلاح الدرون إلى جانب الطائرات المقاتلة التقليدية، بدأ يطفو على السطح قبل هذا التاريخ، مع فارق وحيد هو أن الصفقات الخاصة باقتناء مروحيات "أباتشي" أو مفاوضات الرباط مع واشنطن للحصول على طائرات "إف 35"، كانت علنية نسبيا ولا يسودها الكثير من التكتم كما هو الحال بالنسبة للطائرات المسيرة، والتي كشفت تقارير أمريكية وإسبانية أن المغرب يتوفر على إحدى أكثر أنواعها تطورا، في يناير من سنة 2020.
وكانت المفاجأة هي الكشف عن توفر سلاح الجو المغربي على طائرة MQ-9-Reaper العملاقة الملقبة بـ"قاتل السماوات"، وهي نفسها التي استعملها الجيش الأمريكي في عملية اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني يوم 2 يناير 2020، ليكون المغرب بذلك البلد العربي والإفريقي الوحيد الذي يمتلكها مزاحما دولا قوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تُصَنّعها، والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وتركيا وهولندا.
على خطى "ناغورني كاراباخ"
ويبدو أن المغرب استفاد مما يجري في اليمن، إذ في الوقت الذي لم تفلح فيه الطائرات العسكرية التقليدية السعودية والإماراتية في حسم المعركة طيلة 6 سنوات، أضحت ميليشيات الحوثي قادرة على ضرب العمق السعودي بطائرات مسيرة تقول الرياض إنها إيرانية الصنع، ما أدى إلى الإضرار بمنشآت حيوية عملاقة أهمها مصافي شركة "آرامكو" النفطية.
لكن التجربتين الأقرب زمنيا لتطورات الوضع في الصحراء كانتا في ليبيا وأبيدجان، حين صنعت طائرات "بيرقدار" التركية الصنع الفارق ميدانيا لصالح قوات طرابلس الموالية لحكومة فائز السراج المعترف بها دوليا في مواجهتها لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي انتهى به المطاف مهزوما على مشارف العاصمة، ووحين مكنت "الدرونز" الجيش الأذري من استعادة سيطرته على إقليم ناغوني كاراباخ في نونبر الماضي بعد 30 عاما من احتلاله من طرف أرمينيا.
وتبدو التجربة الثانية أكثر قربا من قضية الصحراء، ليس فقط لأن الأمر يتعلق بصراع بين دولة وبين انفصاليين، ولكن أيضا لأن الجيش الأذري استخدم خلال معاركه هناك طائرات "هيرمز 900" الإسرائيلية ذات المهام الاستخباراتية والقتالية، والتي كشف موقع "ديفينسا" الإسباني المتخصص في الشؤون العسكرية، في دجنبر الماضي، أن القوات المغربية تمتلك 3 منها على الأقل أولاها وصلت إلى المملكة سنة 2017.