عُقدة "المورو".. هل تقف مخاوف التاريخ أمام علاقات "موثوقة" بين المغرب وإسبانيا؟

 عُقدة "المورو".. هل تقف مخاوف التاريخ أمام علاقات "موثوقة" بين المغرب وإسبانيا؟
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الأربعاء 19 ماي 2021 - 12:00

العلاقات المغربية الإسبانية تمر بفترات صعبة في الآونة الأخيرة، بعد تجدد التوتر بين البلدين، بسبب عدد من القضايا المتراكمة. بدأت بالخلاف حول الحدود البحرية، وبروز مواقف إسبانية معارضة للاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وصولا إلى أزمة استقبال إسبانيا لزعيم حركة إنفصالية تنازع المغرب على أقاليمه الصحراوية.

التوتر الحاصل ليس هو الأول وقد لا يكون الأخير، فتاريخ العلاقات بين الجارين يحبل بتوترات وصلت إلى حد معارك ضارية انتهت بالالاف القتلى من الجانبين في حقب تاريخية متعددة، وهو ما كان له آثار وانعكاسات على نظرة الجارين لبعضهما البعض، حيث يبرز الشك والحذر وعدم الثقة كلما عادت العلاقات للتوتر من جديد.

وقد ساد لعقود طويلة داخل إسبانيا، حسب مؤرخين ومهتمين بالعلاقات المغربية الإسبانية، أن المغرب هو ذلك الجار الذي ينظر إلى شبه الجزيرة الإيبرية كـ"أندلس مفقود" وبالتالي من الواجب على إسبانيا أن تحافظ على تفوقها على هذا الجار تفاديا لتكرار عودة "المورو" إلى أراضيها من جديد.

يقول محمد المودن، الاستاذ الجامعي والصحفي المتخصص في الشأن الإسباني بإشبيلية في حديث مع "الصحيفة" بأنه "كانت هناك سرديات ثقافية وسياسية ودينية ترسخت منذ تاريخ قديم وبالضبط منذ مرحلة ما يسمى بالاسترداد ترسم في المخيال الاسباني ملامح هذا التصور، حيث يشكل الجنوب عموما، مبعث الاسلام الذي بنظرهم اجتاح جنوب أوروبا، ويشكل مصدر تهديد بناء على اعتبار أن الوصول إلى الأندلس كان بطريقة الاحتلال العسكري المحض، والتركيز على هذه الرواية هو بغرض تبرير أمرين، وصول الإسلام إلى أوروبا كان اعتداء واحتلالا عسكريا ولا دخل للجانب الحضاري فيه، ثم أن عملية الاسترداد والطرد للمسلمين  يبقى فعلا مبررا".

ويضيف المودن في هذا السياق "ومع تعاقب السنين إلى حدود فترة المرحلة الإستعمارية في نهاية القرن التاسع تراكمت كتابات تخييلية عن هذا الجنوب وعن 'المورو' تكرس سرديات ثقافية رسخت إلى حد بعيد الانطباع السلبي عن ال آخر في هذا الجنوب وعمقت الاحساس بخطورته عليها، ومازال آثر هذه السرديات يظهر في قطاعات مجتمعية، خصوصا اليمينية والمتطرفة في الاعلام وفي الثقافة ".

وكان لهذا التراكم والتعاقب تأثير على السياسة الخارجية الإسبانية، وفق المودن، حيث كانت توجه التفكير الاستراتيجي الخارجي الإسباني، وقد ظهر ذلك بشكل واضح مع الرئيس الأسبق للحكومة الإسبانية، خوسي ماريا آثنار "الذي كان يعتبر أنه كلما كان الجنوب غير مستقر كانت إسبانيا آمنة".

وأوضح المودن، بأن هذه القاعدة الاستراتيجية تغيرت مع سقوط أثنار، الذي عرف في عهده المغرب واسبانيا أسوأ حالات الاصطدام، حيث "ظهرت بتزامن مع نوع من الخطابات الثقافية ما بعد الكولونيالي، نوع من التحرر من هذا الاعتقاد من جهة، ومع العولمة من جهة ثانية، وبدأت تتشكل اتجاه المغرب رؤى جديدة أملتها تطورات الواقع نفسه".

وقد أظهرت وقائع عديدة، وفق محمد المودن، أن "استقرار الجنوب واستقرار المغرب من استقرار اسبانيا، وبدأ الجيل الثاني من منظري السياسة الخارجية الإسبانية يشتغلون على هذه القاعدة، وإن كان الحذر من الجنوب باقيا في قطاعات محافظة جدا في اسبانيا مثل اليمين واليمين المتطرف، وفي بعض قطاعات مثل الجيش وبعض المثقفين".

ويظهر آثر هذا الحذر حسب المودن في "استراتيجيات ملموسة مثل ضمان التفوق العسكري على الجنوب، ومثل ظهور خطاب حول الهجرة حيث تتحدث سرديات يمنية عن نوع من الاجتياح الناعم ونوع من الاسترداد، وأعتقد أن هذا الأمر مبالغ فيه" مضيفا بأنه "توجد في المقابل كتابات في التاريخ الحالي تنسج سرديات جديدة عن المغرب كثقافة ومجتمعة تمنح انطباعا إيجابيا ومحفزا في الحقيقة على الانفتاح على المغرب يمكن تلمسه في انحسار الخطاب السياسي الذي يحمل هذه النزعة المترددة اتجاه الجنوب".

لكن بالرغم من وجود تغيرات في النظرة العامة للإسبان حول المغرب بسبب التطورات المرتبطة بالعولمة بالخصوص، إلا أنه، وفق عدد من المهتمين بالعلاقات الثنائية بين البلدين، سرعان ما تعود تلك المخاوف الإسبانية من الجار الجنوبي عند أي اصطدام، وتبقى الأزمة الأخيرة أبرز مثال على ذلك، حيث يرى متتبعون أن رفض إسبانيا اتخاذ أي مقاربة لصالح المغرب في قضية الصحراء، يرجع بالأساس إلى مخاوفها من توحد الجار المغربي وتوجيه أنظاره بعد ذلك صوب سبتة ومليلية المحتلتين.

ويتوقع أن تتعقد الأزمة، وفق المحلل السياسي المغربي، عادل بن حمزة الذي صرح لـ"الصحيفة" قائلا بأن هناك "تحولات يعرفها المشهد الحزبي والسياسي والانتخابي في إسبانيا، سيكون لها بالغ الأثر في الإتجاه الذي ستعرفه الأزمة، إذ لا يجب أن ننسى أن الشعبوية الصاعدة في إسبانيا باتجاهاتها اليسارية واليمينية تتغذى في جزء كبير منها على الصورة النمطية للمغرب وللمغاربة في المخيال الجماعي الإسباني".

وأضاف بن حمزة في هذا السياق "ومادامت هذه الصورة يمكن صرفها في صندوق الانتخاب، فإن الأمر قد يتجه إلى مزيد من التصعيد وفي كل الأحوال يجب الإنتباه إلى أن السند الأساسي والصادق للمغرب في مواجهاته الخارجية هو تماسك وصلابة الجبهة الداخلية وعلى ذلك يجب أن تنصب جهود معتبرة".

وتُعتبر الأزمة الأخيرة بين المغرب وإسبانيا، حسب عدد من المتتبعين، بمثابة خط فاصل بين العلاقات المغربية الإسبانية، ما قبل الأزمة وما بعدها، خاصة أن المغرب دفع نحو تصعيد غير مسبوق مع إسبانيا، وطالبها بتحديد موقفها من قضية الصحراء بشكل صريح، وهو الأمر الذي وضع مستقبل العلاقات الثنائية بين الجارين في حالة من الترقب.

هل سيغير قرار محكمة العدل الأوروبية من واقع ملف الصحراء؟

قضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بـ" بإبطال" اتفاقين تجاريين يتعلقان بالفلاحة والصيد البحري بين الرباط والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي. المحكمة التي يوجد مقرها بلوكسمبورغ وتسهر على "تطبيق" قانون الاتحاد الأوروبي ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...