فرانس 24: تنافس مغربي وتركي وإيراني على استقطاب دول الساحل الإفريقية بعد انسحاب فرنسا من المنطقة
قالت قناة "فرانس 24" عبر منصتها الإلكترونية الإخبارية، إن المغرب وتركيا وإيران يتنافسون لاستقطاب دول الساحل الإفريقية لصالحها، بعد صعود أنظمة عسكرية تبحث عن شركاء جدد، على إثر انسحاب فرنسا تحت ضغط هذه الأنظمة الراغبة في التغيير.
ووفق نفس المصدر في تقرير نشرته الثلاثاء، فإن المبادرات التركية والمغربية التي تهدف إلى خلق نفوذ لدى دول الساحل مثل مالي والنجير وبوركيناف فاسو، شهد زيادة في الفترة الأخيرة، مع ظهور منافس جديد، ويتعلق الأمر بإيران التي تسعى إلى إيجاد موطء قدم في المنطقة.
وأوضح التقرير في هذا السياق، أن تركيا تُقدم نفسها للأنظمة الجديدة في منطقة الساحل كمزود جديد بالأسلحة، مثل الطائرات بدون طيار، في حين يُبادر المغرب لتقديم بدائل لوجيستية لتعزيز اقتصاد هذه البلدان التي تسعى للنهوض من جديد بعد عمليات الانقلاب التي شهدتها.
وقالت "فرانس24"، إن المملكة المغربية تضع بنيتها التحتية واللوجيستيكية لصالح بلدان الساحل التي لا تتوفر على أي واجهة بحرية، مثل النيجر والمالي والتشاد وبوركينا فاسو، لاستخدام هذه البنية كنقطة عبور لاستيراد وتصدير المنتجات، وبالتالي انعاش اقتصادها، وقد أشادت هذه البلدان وعلى رأسها النيجر التي أكدت، حسب التقرير، على متانة العلاقات التي تجمعها بالرباط.
وأشار التقرير، إلى أن إيران بدورها تسعى للدخول إلى المنطقة، حيث أنشأت جامعتين في مالي، كما أنها من البلدان التي تصنع الأسلحة الدفاعية، مثل الطائرات بدون طيار، وهو ما قد يفتح لها الباب مع هذه الدول كمزود جديد بالأسلحة إلى جانب تركيا، خاصة أن جميع الأنظمة الحاكمة تعاني من خصاص كبير في العتاد العسكري، حسب "فرانس 24".
هذا، ولم يشر التقرير بأي إشارة إلى الجزائر ودورها في المنطقة، وهو ما ضعف النفوذ الجزائري لدى دول الساحل، وخاصة بعد التحولات التي عرفتها المنطقة مؤخرا، بصعود أنظمة عسكرية لديها مخططات مختلفة وترغب في شركاء جدد تبني علاقاتها معهم بما يخدم مصالح الطرفين.
وكانت مجلة "جون أفريك" الفرنسية المهتمة بالشؤون الإفريقية، قد نشرت في الأيام الماضية تقريرا قالت فيه بأن فرنسا تغادر منطقة الساحل في إفريقيا بعدما أصبحت جل الدول ترفض تواجدها في المنطقة، وتتبعها الجزائر التي بدأ نفوذها يتراجع، في حين أن المغرب هو الذي يُشكل الاستثناء حيث يسجل تقدما في تثبيت نفوذه في هذه الدول.
وجاء هذا في مقال تحليلي لمدير تحرير المجلة المذكورة، فرنسوا سودان، الذي أكد ما سبق أن أشارت إليه العديد من التقارير التي تحدثت في الفترة الأخيرة، عن انحسار نفوذ فرنسا في منقطة الساحل ومغادرتها لأغلب الدول، جراء الانقلابات التي شهدتها دول مثل مالي والنيجر، والتي تأسست على عقيدة رفض التواجد الفرنسي.
كما أشار صاحب المقال، إلى تراجع نفوذ الجزائر مع عدد من دول منطقة الساحل، خاصة بعد أزمتها مع مالي وإقدام الأخيرة على إنهاء اتفاق السلام والمصالحة الذي تم توقيعه تحت الوساطة الجزائرية في 2015، والذي كانت الجزائر تضمن من خلاله استقرار حدودها الجنوبية، على اعتبار أن هذا الاتفاق وضع حدا للمواجهات المسلحة بين النظام الحاكم في مالي، والجماعات المسلحة في الشمال التي تطالب بالانفصال.
ووفق مقال "جون أفريك"، فإن المجالس العسكرية التي تحكم حاليا دول الساحل، كمالي والنيجر وبوركينا فاسو، لا ترتبط بأي علاقات جيدة مع فرنسا، وحتى مع الجزائر، حيث تشهد العلاقات بين تلك المجالس وباريس والجزائر على وقع استمرار تدهور العلاقات الثنائية.
وبالمقابل، يضيف المقال، تضاعف الممكلة المغربية من مبادراتها من أجل اقتناص فرصة كسب علاقات جيدة مع دول الساحل وإشغال الفراغ الناتج عن انحسار النفوذ الفرنسي والجزائري. ومن بين المبادرات الهامة التي استأثرت باهتمام دول الساحل، مبادرة المغرب الأطلسية، والتي تتعلق بتوفير المغرب بنيته التحتية من طرق وموانئ على الواجهة الأطلسية لفائدة دول الساحل التي لا تمتلك واجهات بحرية، من أجل انعاش تجارتها الخارجية، وبالتالي إنعاش اقتصادها المحلي.