فوضى في قناة "ميدي1 تي في".. أخطاء تمس السيادة المغربية وصراع على الخط التحريري من طرف صحافيين جزائريين وتعيينات في مناصب فيها الكثير من "الغموض"

 فوضى في قناة "ميدي1 تي في".. أخطاء تمس السيادة المغربية وصراع على الخط التحريري من طرف صحافيين جزائريين وتعيينات في مناصب فيها الكثير من "الغموض"
الصحيفة من الرباط
الثلاثاء 9 أبريل 2024 - 23:00

لم تعد قناة "ميدي 1 تيفي" قادرة على جذب الانتباه من خلال شبكتها البرامجية، بقدر ما أضحت تفعل ذلك بزلاتها ومشاكلها الداخلية واختياراتها المثيرة للجدل، لكن "الخطأ" الذي وقعت فيه في ليلة القدر من شهر رمضان الجاري، عندما نشرت عنوانا رأى فيه الكثير من المغاربة أنه يحمل إساءة كبيرة للمؤسسة الملكية، رفع منسوب التساؤلات المقلقة بخصوص وضعها.

القناة التي اعتادت في السابق الإشارة إلى العاهل المغربي بعبارة "الملك محمد السادس"، اختارت هذه المرة أن تستخدم عبارة "أمير المؤمنين"، الصفة الدينية الدستورية للملك، لكن وهي تتكلم عن صور صلاته بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء إحياءً لليلة القدر، التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي استخدمت عبارة "أميرة المؤمنين".

ولم يصدر عن القناة، بعد مرور يومين عن "الخطأ"، أي اعتذار أو إعلان عن ترتيب المسؤوليات بخصوص ما جرى، على الرغم من أنه أصبح حديث العام والخاص عبر منصات التواصل الاجتماعي، بالنظر لحساسية الأمر الذي يهم المؤسسة الملكية والمرجعية الدينية لشرعيتها، التي تُشكل إحدى أكثر الصفات التي لا تروق للجزائر تاريخيا.

استحضار الجزائر في هذا السياق له ما يُبرره، فالخطأ، بالإضافة إلى كونه إحدى "اللازمات" التي يرددها "الذباب الإلكتروني" الجزائري عبر منصات التواصل الاجتماعي، في إطار الإساءة المُتعمدة للمغرب ولرموزه، فهو يأتي في ظل عودة "اللوبي" الجزائري داخل القناة إلى مواقع المسؤولية، وبالتالي استحضار "قوته" قبل "مغربة" المؤسسة.

وسبق لـ"الصحيفة" أن أشارت إلى هذا الأمر قبل شهر، حين شهدت مكاتب القناة اعتداء جسديا ولفظيا على أحد العاملين بها، مغربي الجنسية، من طرف رئيس التحرير الجزائري هشام طبجون، ورغم توصل الرئيس المدير العام للمحطة، حسن خيار، بشكاية مفصلة بخصوص ما جرى، وخروج "الفضيحة" إلى العلن، إلا أن الإدارة فضلت نهج سياسة الصمت.

هذه التطورات تتزامن وتَعيين مدير مركزي جديد للأخبار، خلال الأشهر الماضية، ويتعلق الأمر بيوسف التسوري، وهو مزدوج الجنسية، من أب جزائري وأم مغربية، سبق له العمل في قناة "فرنسا 24" وفي "سكاي نيوز عربية" الموجود مقرها في الإمارات العربية المتحدة، وكذا في شبكة MBC السعودية، ليصبح حاليا المسؤول الأول عن الأخبار في القناة المغربية التي انضمت إلى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.

والصعود الجديد لـ"اللوبي الجزائري" داخل "ميدي 1 تيفي"، يحظى باهتمام كبير من لدن وسائل الإعلام الجزائرية، التي تدافع عنه بطريقة تدفع إلى التساؤل بخصوص ما إذا كان "راعيه" الفعلي من وراء الستار هو النظام الحاكم في قصر المرادية حاليا، ما يعني، إن ثبت، أن الجزائريين استطاعوا اختراق إحدى القنوات العمومية المغربية الرئيسية.

فعندما نشرت "الصحيفة" تفاصيل الاعتداء على الصحافي المغربي من طرف رئيس التحرير الجزائري، جاء الرد عبر وسائل الإعلام الجزائرية دفاعا عن المتهم بالاعتداء، ونقرأ مثلا في صحيفة "الجزائر الجديدة"، أن الأمر يتعلق بـ"محاولة من قبل نظام المخزن المغربي تصفية قناة "ميدي 1 تيفي" من الصحافيين الجزائريين الذين يعملون بها، منذ أن أصبحت تابعة كليا لنظام المخزن".

وللمقارنة، فإن هذا الخطأ المسكوت عنه من طرف "ميدي 1 تيفي" التابعة لـSNRT يأتي بعد أشهر من مغادرة صحافيين مغربيين معروفين لعملهما بسبب قضية الصحراء والصراع مع الجزائر، الأول هو رشيد المباركي، التي غادر BFMTV الفرنسية إثر استخدامه عبارة "الصحراء المغربية"، والثاني هو عبد الصمد ناصر الذي انتهت علاقته بقناة "الجزيرة" القطرية بسبب تدوينة شخصية هاجم فيها الإعلام الرسمي الجزائري لإساءته للنساء المغربيات.

لكن بحث الجزائريين عن أكبر قدر من "سلطة القرار" داخل "ميدي 1 تي في" ليس جديدا، خصوصا عندما يتعلق الأمر بملف الصحراء المغربية، فعلى سبيل المثال، في 3 نونبر 2010 كانت الصحافية الجزائرية جوهرة لكحل، تدير حلقة من برنامج "ملف للنقاش" حول موضوع إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر، بحضور 4 أكاديميين، اثنان من جزائرية والآخران مغاربيان.

المثير في الأمر، والذي وثقته وسائل إعلام مغربية حينها بغير قليل من الاستغراب، هو أن لكحل ظلت تقاطع تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، كلما تحدث بلغة الأرقام والمعطيات عن التكلفة الاقتصادية والإنسانية لاستمرار قرار الإغلاق الذي تتشبث به الجزائر، مستغلة غيابه عن البلاتو ومشاركته من خلال اتصال عبر الأقمار الإصطناعية.

وقبل ذلك، وفي منتصف غشت من سنة 2009، ستجري المذيعة السابقة بالقناة، ليلى البوزيدي، التي ستغادرها إلى قناة "العربية" ثم إلى قناة "الشروق الجزائرية"، حوارا مع جريدة "الوطن"، سُئلت فيه عن كيفية تعاملها مع موضوع الصحراء، لتجيب قائلة "في ميدي 1 سات (كما كانت تسمى حينها) لا نتحدث عن الصحراء المغربية أو الصحراء الغربية، بكل بساطة نستخدم عبارة الصحراء".

وستتسبب البوزيدي في أزمة لإدارة القناة التي يوجد مقرها في طنجة، حين أوردت أن تلك هي تعليمات الإدارة، والتي تشير بوضوح إلى "الاستقلالية عن السلطات المغربية"، وتابعت "الإذاعة والتلفزة المغربية وقناة 2M تتحدثان عن الصحراء المغربية، ولكن ليس نحن، أنا فخورة بذلك لأن القناة رغم كونها مغربية فإنها تدافع عن حيادها".

هذا الأمر دفع إدارة القناة إلى نفي ما جاء على لسان مذيعتها الجزائرية، التي عادت بدورها، سنة 2011، بعد مغادرتها، لتتحدث عن الموضوع بدبلوماسية أكبر، في حوار مع جريدة "الشروق"، نافية أن تكون قد تعرضت لأية ضغوطات أو مساومات طيلة سنوات عملها بالقناة، على خلفية الخلافات التي تميز المشهد السياسي الجزائري والمغربي بسبب قضية الصحراء، وقالت "كل ما كنت أقوم به يتمثل في تلاوة أخبار وتقارير، والمهنية تقتضي ذلك، وأظن أن حل هذه المشكلة يبقى من صلاحيات رجال السلطة وليس الصحفيين".

لكن البوزيدي، وفي الحوار نفسه، بررت مغادرتها نحو الخليج بالقول "أحسست أن القناة (ميدي 1 سات) لم تعد ترضي طموحاتي في حقل الإعلام، ولهذا قررت المغادرة فور تلقي العرض من قناة العربية الإخبارية"، علما أن رحيلها جاء في فترة متسمة بتبعات حراك 20 فبراير 2011، وحينها بدأت تظهر نوايا الدولة في تغيير نهج القناة، نحو التطابق أكثر مع السياسة الرسمية للبلاد.

ومع التحول المتكلل في هوية القناة، الذي أصبحت معه توُصف بأنها "حقل تجارب"، بين قناة إخبارية تارة، وعامة تارة أخرى، وبين محطة دولية مرة، ومغاربية مرة، ووطنية مرة أخرى، كان الثابت الوحيد هو أن الخط التحريري يسير بثبات ليتلاءم مع النهج الرسمي، خصوصا بالنسبة لملف الصحراء، في ظل الحرب الإعلامية الآتية من الشرق عبر القنوات الجزائرية، لكن التيار الجزائري داخل القناة ظل "مُقاوما" لهذا التحول.

ففي سنة 2014 مثلا، ستشهد إحدى حلقات برنامج "جاري يا جاري"، الذي كان يشارك في تقديم فقراته منشطون من الدول المغاربية الخمسة، احتكاكا صريحا بين المغاربة والجزائريين، حين أصرت المُنشطة الجزائرية سليمة عبادة على حذف عبارة "الصحراء مغربية" من أغنية للفنانة المغربية سعيدة شرف، لكن إدارة القناة رفضت ذلك، على اعتبار أن الأمر سيتحول إلى فضيحة، وهو ما دفعها إلى الانسحاب من بلاطو القناة، وهي خطوة كانت من أسباب الإقبار السريع لهذا البرنامج.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

هل يستحق تنظيم 30 مباراة في كأس العالم 2030 صرف 7 ملايير دولار؟

وفق تقرير صدر عن "صوجي كابيتال جستيون" (Soge Capital Gestion)، وهي شركة إدارة الأصول التابعة لبنك "الشركة العامة" المغربي، تحتاج المملكة إلى استثمارات تفوق 5 مليارات دولار من أجل تهييء بنيتها التحتية، من ملاعب وطرق ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...