في احتقان غير مسبوق.. الأطباء يشلون مستشفيات المملكة الأربعاء والخميس المقبلين ويحمّلون الحكومة مسؤولية "الاستخفاف" بصحة المواطنين
قرّر مهنيو قطاع الصحة، مواصلة تصعيدهم ضد الحكومة المغربية من خلال رفع مدة الإضراب إلى يومين متتاليين الأسبوع المقبل، كرد فعل "طبيعي" على ما وصفوه بـ "التماطل والتجاهل" المقصود الذي تنهجه وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في التعامل مع ملفّهم المطلبي وتراجعها عن الاتفاق المبرم في دجنبر.
وجاء هذا القرار الجديد، عقب اجتماع عقده مهنيو القطاع المنضوون في النقابات الصحية الأكثر تمثيلية، لتدارس وتقييم الإضراب الوطني عن العمل الذي شهدته مستشفيات المملكة وعرف نجاحا مهما وصفته مصادر نقابية في حديثها لـ "الصحيفة"، بـ "المبهر" بعدما انخرط فيه أمس الخميس 75 في المائة من العاملين في القطاع.
و تقرر بموجب هذا التنسيق النقابي خوض إضراب وطني يومي الأربعاء والخميس المقبلين على مستوى المؤسسات الصحية الاستشفائية والوقائية والإدارية بكل أنحاء البلاد باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش والعناية المركزة، تزامنا مع تنظيم وقفات احتجاجية إقليمية وجهوية حسب الشروط في اليوم الأول للإضراب، في يوم الأربعاء المقبل.
ويُعاتب أطباء المغرب الحكومة على عدم الوفاء بمخرجات ما تم التوقيع عليه مع النقابات الأكثر تمثيلية وزارة المالية ووزارة الوظيفة العمومية، من جهة والنقابات الأكثر تمثيلية من الجهة الثانية.
ويتعلق الأمر بالأساس بزيادة 1500 درهم صافية للممرضين وتقنيي الصحة، و1200 درهم صافية للموظفين الإداريين والتقنيين، وتحسين شروط الترقية لكل مهني قطاع الصحة، وإحداث درجة جديدة لكل فئات مهنيي الصحة سنة 2025، وإقرار مباريات مهنية.
وبناء عليه، حملت النقابة الوطنية للصحة، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الحكومة المغربية مسؤولية خوض مهنيو القطاع لإضراب وطني جديد لمدة يومين، بسبب استمرارها في ما وصفته بـ "الإخلال بالاتفاقات والالتزامات بخصوص مطالب موظفي الصحة ولعدم استخلاص الحكومة للدرس من حراك اجتماعي سابق ناتج عن سوء تدبيرها"، مشدّدة على أن "المسؤولية على ما قد يترتب عن تصرفها من عبث بالحوار الاجتماعي ومصداقيته وخلق أجواء احتقان بقطاع الصحة بمخلفاته، تتحملها الحكومة ورئيسها عزيز أخنوش".
وأكد المصدر ذاته أن التصعيد يأتي "تحملا منا لمسؤولياتنا وبعد التشاور والتنسيق ومن أجل تحقيق الاستجابة الفعلية للمطالب العادلة والمشروعة لكل فئات مهني الصحة بداية بتنفيذ مضمون الاتفاقات واستئناف التفاوض حول النقط المطلبية المتبقية"، مضيفا: "لم يبق لنا خيار إلا التصعيد النضالي والاستمرار في البرنامج الاحتجاجي".
وفي السياق ذاته، هنأت النقابة المذكورة موظفي الصحة "على النجاح الكبير للإضراب الوطني ليوم الخميس 29 فبراير 2024 بقطاع الصحة وعلى نجاح التنسيق النقابي النضالي الميداني في شل حركة المؤسسات الصحية وعلى وعيهم بدقة المرحلة وما تتطلبه من تضامن وتكامل ووحدة لفرض تلبية مطالبنا.
من جانبها، حمّلت النقابة الوطنية للصحة العمومية، المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، بدورها مسؤولية الاحتقان غير المسبوق الذي يشهده القطاع للحكومة التي ما تزال تنهج أسلوب "الاستهتار" بمطالبهم المشروعة والعادلة.
وأكد الإطار النقابي، أنهم يستشعرون بانزعاج وأسف شديدين "مدى الألم المجتمعي الناجم عن تعطيل العلاجات والخدمات الصحية وانسيابيها بسبب الإضراب، والتي يتحمل ويلاتها المواطن البسيط المرتفق للمؤسسات الصحية العمومية".
وزادت النقابة التي تضم في صفوفها مئات الأطباء والممرضين في القطاع العام: "لقد خلقت الحكومة، بنهجها لسياسة النكوص والتراجع عن الالتزامات وضرب العمل المؤسساتي، أزمة ثقة كبيرة واحتقانا غير مسبوق في القطاع الذي يشهد ورشا ملكيا مهيكلا في إطار تطوير وإعادة تأهيل المنظومة الصحية برمتها، والتي جعلت من النهوض بأوضاع مهنيي الصحة إحدى ركائزها الأساسية".
واستنكر الإطار النقابي، ما اعتبرته "استخفاف الحكومة بتفاقم وتدهور الأوضاع المهنية والاجتماعية لمهنيي الصحة بمختلف فئاتهم، بسبب تقزيمها لكل الأشواط التي تم قطعها، والمخرجات التي تم التوصل إليها، مبخّسة العمل الذي أشرفت عليه وزارة الصحة والحماية الاجتماعية من جهة، وكان ثمرة للتفاعل النقابي مع ما تم طرحه والتداول فيه".