في تونس.. الحقيبة الوزارية تأتي إلى حضن شاب كفيف لكنه يرفضها مُفضلا التعليم الجامعي
اضطر رئيس الحكومة التونسي المكلف، هشام المشيشي، إلى البحث عن اسم بديل لوليد الزيدي، الشاب الكفيف الذي يعمل في مجال التدريس الجامعي، حيث رفض الأخير مقترحا لتعيينه وزيرا للثقافة وأعلن أنه قطع وعدا على نفسه بعدم استبدال الجامعة بأي موقع آخر بما في ذلك موقعه المقترح في الحكومة، معتبرا أنه "لا يصلح" لهذه المسؤولية.
ونقلت وسائل إعلام تونسية عن المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة المكلف، فيصل الضو، أن المشيشي حسم قراره بالتخلي عن مقترح تعيين وليد الزيدي في منصب وزير الثقافة وشرع في البحث عن شخصية أخرى لاقتراحها ضمن تشكيلة الحكومة الجديدة التي سيعرضها على الرئيس قيس سعيد، وذلك بعد إعلان هذا الأخير عدم رغبته في تحمل المسؤولية الحكومية.
والمثير في الإعلان الصادر عن المستشار الإعلامي للمشيشي، هو نبرة العتاب الموجهة للشاب ذي الاحتياجات الخاصة، الذي أتيحت له الفرصة ليكون ثاني وزير كفيف في العالم العربي بعد طه حسين الذي كان وزيرا للمعارف (التربية والتعليم) في مصر، حيث نقل عن رئيس الحكومة المكلف قوله "لا مجال للتردد في خدمة تونس والتعفف عن تلبية نداء الواجب الوطني".
ويمثل هذا التصريح ردا مباشرا على تدوينة الزيدي التي أعلن فيها رفضه للوزارة، حيث قال "يعلم الله أن الوزارة أتتني طوعا لا كرها، ولم أَرِد مواردها ولم أبلغ مبلغها، ويعلم الله أنني لا أرضى بالجامعة بدلا، ويشهد الله وأشهدكم أنني أتعفف عنها وأرفضها وأستعفي منها وأقنع بكُليتي فهي جنتي، وبدرسي للطلبة فهو بصري، وببيتي فهو سعدي ومستقري"، مضيفا "أعلن أنني لا أصلح إلا للجامعة أو لخدمة ذوي الاحتياجات الخصوصية... فلست وزيرا ولن أكون وزيرا".
ووليد الزيدي كان من المنتظر أن يكون أيضا أصغر وزير في الحكمة، حيث لا يتجاوز عمره 34 عاما، وهو مزداد بولاية الكاف وفقد بصره عندما كان عمره عامين، ما دفع أسرته لتقييده في معهد تعليمي للمكفوفين سنة 1993، قبل أن ينتقل إلى مدينة سوسة لمتابعة دراسته الإعدادية والثانوية ما بين 2000 و2006 بمؤسسة لفاقدي البصر أيضا، لكنه رغم ذلك كان متفوقا في دراسته وحصل على الباكالوريا بامتياز.
وواصل الزيدي طريق التفوق بثبات بولوج دار المعلمين العليا في العاصمة تونس حيث أصبح سنة 2011 أول كفيف في إفريقيا والعالم العربي يحصل على شهادة التبريز، ثم واصل تعليمه العالي بجامعة منوبة، حيث حصل في يناير من سنة 2019 على الدكتوراه في علم اللسانيات من كلية الآداب والفنون والعلوم الإنسانية، وكان بذلك أول تونسي كفيف يحصل على هذه الدرجة في الآداب.