قيمته 3 مليارات دولار.. وقود مغشوش من "سوناطراك" يشعل صراعا بين الجزائر ولبنان
يقترب عملاق النفط الجزائري "سوناطراك" من خسارة السوق اللبنانية التي ظل يزودها بالمواد النفطية منذ يناير من سنة 2006، وذلك بعد فضيحة الوقود المغشوش التي لا تزال تفاعلاتها مستمرة منذ شهر مارس الماضي، والتي دفعت البلدين إلى فتح تحقيقات على أعلى مستوى، ففي لبنان جرى اعتقال 17 شخصا بأمر قضائي لتورطهم المحتمل في هذه الفضيحة، في حين أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بفتح تحقيق مماثل في الجزائر.
ووصلت هاته القضية مرحلة "كسر العظام" بين لبنان والجزائر، فالأولى قررت المضي بعيدا في تحقيقاتها باعتقال مدير فرع شركة "سوناطراك" بلبنان، ثم رفضت سلطاتها تسلم شحنة من الوقود القادم من الجزائر منذ يوم 2 ماي 2020، في الوقت الذي نفت فيه الجزائر رسميا أي علاقة لها بالوقود المغشوش بينما تصر "سوناطراك" على تسليم الشحنة العالقة على متن سفينة راسية بشواطئ كسروان بمنطقة جبل لبنان، أو فرض غرامات التأخير على الحكومة اللبنانية.
وكانت النائب العام لدى محكمة الاستئناف بمحافظة جبل لبنان، غادة عون، قد أمرت بتاريخ 25 أبريل بوضع 17 شخصا رهن الاعتقال الاحتياطي بمن فيهم مدير فرع "سوناطراك"، إثر فتح تحقيق حول شحنات من "الفيول" المغشوش، حيث يواجهون اتهامات بالتلاعب في عمليات الاستيراد وتوزيع رشاوى على موظفين كبار للتغاضي عن هذه العملية، وهو التحقيق الذي جرى فتحه استنادا إلى شكاية وضعها المحامي وديع عقل، وهو عضو بالمكتب السياسي للتيار الوطني الحر، الحزب الذي ينتمي له رئيس الجمهورية ميشيل عون.
ووفق هذه الشكاية، فإن الأمر يتعلق بعمليات استيراد للمحروقات بقيمة 36 مليار ليرة لبنانية، وجرى سداد قيمتها بالدولار لصالح "سوناطراك" من الخزينة العامة للبنان وهو ما كلفها 3,3 مليارات دولار، قبل أن يتضح أن الشحنات المتوصل بها غير مطابقة للمواصفات المتفق عليها، وهو الأمر الذي لم تنفه الشركة الجزائرية في بلاغ توضيحي، التي قالت إنها بالفعل تلقت مراسلة من وزارة الكهرباء والماء اللبنانية بتاريخ 30 مارس 2020 تتحدث عن وجود عيب في نوعية الشحنة المسلمة لكهرباء لبنان بتاريخ 25 مارس 2020.
غير أن "سوناطراك" أبعدت عن نفسها التهمة وألصقتها بـوكيل بحري مستقل يجري التحقيق معه من طرف القضاء اللبناني، وهو الطرح الذي تبنته أيضا الرئاسة الجزائرية، والذي أعلن عنه محند أوسعيد بلعيد، الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية خلال ندوة صحفية بتاريخ 14 ماي الجاري، حين أورد أن "الشيء المؤكد هو أن الجزائر كدولة غير متورطة في مثل هذه الأعمال، لكنها ربما تهم أفرادا"، وأضاف أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمر وزير العدل بلقاسم زغماتي بفتح تحقيق قضائي في هذه القضية.