كاتب سوداني: مَدينة فاس قطعة حية من المكان والتاريخ بمذاق خاص
قال الكاتب السوداني الخضر هارون، إن لمدينة فاس مذاق خاص لا تجده إلا فيها، فهي قطعة حية من المكان والتاريخ ومن حياة عامة الناس.
وكتب هارون، في مقال تحت عنوان "وراء فاس خلق كثير" نشره أمس الأربعاء في الموقع الإخباري السوداني "سودانايل"، أن فاس تمثل "الشفرة المزيلة للتناقض بين الطارف والتليد"، لأنها، برأيه، قطعة راسخة من الحضارة العربية الإسلامية، وهي ليست كقصور الحمراء في الأندلس تحكي قصص الكبراء، ولكنها "قطعة حية من حياة عامة الناس تراها بالعين وتحسها بالحواس تجد فيها الطهاة والحدادين وأهل الصناعات والباعة المتجولين يزاولون هذه المهن عبر قرون".
ولفت الكاتب الى أن هندسة المعمار في المدينة القديمة لفاس تكشف "المغزى العملي من وراء ذلك النسق"، مؤكدا أن من يرى فاس القديمة "يستطيع أن يتخيل ما كانت عليه حواضر المسلمين في الأزمنة المنقضية من عمر الزمن"، وبمقدوره ايضا أن "يتذوق أكثر كتابات الجاحظ وأقاصيصه الطريفة عن بغداد والبصرة ومرو وخراسان".
واستحضر الكاتب السوداني، في هذا السياق، من وصفهم بحذاق مهرة "يصنعون أوان من النحاس والفضة بديعة رائعة" من خلال صناعات "متوارثة في المغرب لقرون"، والى جانبهم "باعة الخضر والفاكهة يفترشون الأرض"، و"محلات وراقين" وهو ما يجنح بالخيال للبحث بينهم عن "شيخ الوراقين أبي عثمان الجاحظ"، ثم سرعان ما تتنبه حواس العابر الى الحاضر حينما تصل اليه نغمات عذبة من "أوتار الموسيقى المصاحبة للموشحات الأندلسية يشدو بها أميرها محمد باجدوب بصوت شجي من مذياع كبير هناك".
كما حرص هارون في جولته الثرية بالدلالات بين أزقة فاس واهلها ومآثرها وما توحي به من خيالات على تاكيد أنه ليس بحاجة الى أن يذكر الأهل في السودان أن "وراء فاس خلق كثير وأن ظنهم بفاس هو ظن السابقين ومبلغ علمهم".
والخضر هارون كاتب وديبلوماسي سوداني حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية من مؤلفاته رواية "ناس السكة" و "رسائل في الذكرى والحنين".