لوموند: إلغاء زيارة ألباريس إلى الجزائر يرجع إلى فشل الأخيرة في إقناعه بالتراجع عن الموقف الداعم للمغرب في قضية الصحراء
قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية في تقرير لها، إن سبب إلغاء زيارة وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس إلى الجزائر يوم الاثنين الماضي، في اللحظات الأخيرة، يرجع بالأساس إلى فشل الجزائر في إقناعه إعلان موقف صريح مخالف لموقف مدريد الحالي الذي يدعم سيادة المغرب على الصحراء عبر مقترح الحكم الذاتي.
ونقلت الصحيفة الفرنسية عن مصادر جزائرية، أن المسؤولين الجزائريين كان لهم تحفظات بخصوص المواقف التي يُعبر عنها وزير الخارجية الإسباني بشأن قضية الصحراء، بخلاف -حسب المصادر الجزائرية- رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، مما أدى إلى إلغاء الزيارة بعدما رفض ألباريس توضيح الموقف الذي ترغب فيه الجزائر.
وقالت لوموند، إن ألباريس أعلن أن سبب إلغاء الزيارة هو "مشاكل في الجدولة" من طرف الجزائر، مشيرة إلى أن عدم تنفيذ هذه الزيارة، سيعني أن العلاقات بين البلدين ستحافظان على مستوى منخفض من التطبيع، في ظل تمسك مدريد بموقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء.
وكان إلغاء زيارة ألباريس التي كان قد تم الإعلان عنها من طرف الجزائر وإسبانيا قبل موعدها بأيام، قد أثارت العديد من التساؤلات وراء الأسباب الحقيقية، وقد كانت أغلب التكهنات تشير إلى عدم توصل الجزائر وإسبانيا إلى اتفاق واضح بشأن قضية الصحراء المغربية، حيث تصر مدريد على دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي في حين تطلب الجزائر منها التراجع عنه.
وكانت الجزائر قد أقدمت منذ مارس 2022 على قطع علاقاتها الدبلوماسية، ثم أقدمت في يونيو من نفس السنة على قطع علاقاتها الاقتصادية مع إسبانيا، كرد فعل على إعلان مدريد دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء، وقد ظلت على قرارها إلى غاية نونبر من العام الماضي، حيث بدأت بشكل تدريجي في إصلاح علاقاتها مع مدريد بدون أي سابق إنذار.
وطرحت الصحافة الإسبانية أنذاك تساؤلات حول الدافع الذي يقف وراء التحول المفاجئ للجزائر في علاقاتها مع إسبانيا، وقرارها بإنهاء القطيعة الدبلوماسية مع مدريد ابتداء من نونبر الماضي، أي بعد مرور 19 شهرا، ولم يقتنع الإعلام الإسباني بادعاءات المسؤولين الجزائريين، وآخرهم وزير الخارجية أحمد عطاف، الذي صرح أن ما دفع الجزائر لإصلاح علاقاتها مع إسبانيا هو تراجع مدريد عن موقفها الداعم لمغربية الصحراء، بدعوى أن تصريح بيدرو سانشيز الأخير في الأمم المتحدة لم يشر إلى مسألة الحكم الذاتي.
وهذا الادعاء، حسب ما جاء في تقارير صحفية إسبانية، لا يصمد كثيرا أمام حقائق، من قبيل أن بيدرو سانشيز سبق أن قدم خطابا مماثلا في الأمم المتحدة في العام ما قبل الماضي، ومع ذلك لم تتخذ الجزائر أنذاك خطوة إصلاح العلاقات مع مدريد، وبالتالي فإن الخطاب الأخير لم يأت بأي جديد. كما أن رئيس الحكومة الإسبانية لم يُعلن عن أي خطوة مخالفة لقراره السابق الذي أعلن فيه دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي، ما يشير إلى أن الموقف الإسباني لم يتغير.
ويبقى المرجح، وفق العديد من التحليلات السياسية للعلاقات الإسبانية الجزائرية في صحافة شبه الجزيرة الإيبيرية، أن هناك دوافع أخرى أدت بالجزائر إلى التوقف عن تعنتها في الأزمة مع إسبانيا، من بينها، هو أن استمرار الأزمة لا يخدم مصالح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي يدخل شهورا حاسمة في مساره الرئاسي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية هذا العام.
ويسعى تبون استغلال ما تبقى من شهور هذه السنة، قبل دجنبر المقبل، من أجل العمل على الترويج لفترته الرئاسية على أنها كانت فترة ناجحة، وقد أظهر هذه التوجه في خطابه الذي وجهه إلى الشعب الجزائري بمناسبة حلول السنة الجديدة 2024، حيث تحدث عن تحقيق العديد من الإنجازات والمكتسبات التي لازالت محط جدل داخل الجزائر وخارجها وفق ما يرى كثير من المحللين.