لوموند: التحقيقات الفرنسية في قضية اختطاف المعارض "أمير دي زاد" تقود إلى تورط موظف في المخابرات الجزائرية يحمل "جوازا للخدمة"
كشف ناشط الجزائري المعارض "أمير دي زاد"، أن من بين الأشخاص الذين اعتقلتهم السلطات الفرنسية في قضية اختطافه ومحاولة تصفيته جسدي، شخص يحمل جواز سفر جزائري يشير إلى كونه يعمل لصالح أجهزة المخابرات، في الوقت الذي أكدت فيه وكالة الأنباء الفرنسية وصحيفة "لوموند" أن أحد الموقوفين تابع لقنصلية جزائرية.
وأورد أمير دي زاد، اليوم السبت، عبر حسابه على "فيسبوك" أن من بين الموقوفين الذين تم إيداعهم السجن في قضية اختطافه، شخص يحمل "جواز سفر خدمي" خاص بالمخابرات، وهو نوع من الجوازات التي تمنحها الدول لموظفيها الرسميين غير الحامليين لجوازات السفر الدبلوماسية، لأداء مهام خارج حدودها الوطنية.
وفي سياق ذي صلة، نقلت "لوموند" عن AFP أن أحد المتهمين في قضية "أمير دي زاد" يعمل في إحدى القنصليات الجزائرية في فرنسا، ونقلت مصدر قريب من القضية أن مسألة الحصانة الدبلوماسية ستُثار خلال الإجراءات، لكن المعني بالأمر ليس لديه جواز سفر دبلوماسي، بل جواز سفر خدمة.
وقالت صحيفة "لوموند" إن مكتب المدعي العام الوطني المكلف بقضايا مكافحة الإرهاب، أكد صباح اليوم السبت أنه تم توجيه اتهامات لثلاثة أشخاص يشتبه في اختطافهم الناشط "أمير دي زاد"، واسمه الحقيقي "أمير بوخرس" قبل عام، وتم وضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي.
وقال محامي أمير دي زاد، إريك بلوفير، إنه تم فتح تحقيق قضائي أمس الجمعة في محكمة باريس بتهم تكوين عصابة إجرامية مرتبطة بمشروع إرهابي من جهة، والاعتقال والاحتجاز المرتبط بمشروع إرهابي من جهة أخرى، مضيفا أن ذلك يُظهر أن "قوة أجنبية لم تتردد في القيام بعمل عنيف على الأراضي الفرنسية من خلال الترهيب والإرهاب الذي من المحتمل أن يمس بالحياة".
ووفق الصحيفة الفرنسية، فقد وقعت الحادثة مساء يوم 29 أبريل 2024، بينما كان أمير دي زاد عائدًا إلى منزله في بلدته "فال دي مارن"، حيث اعترضت طريقه سيارة بدون علامات وبأضواء قوية بالقرب من محل سكنه، وخرج أربعة رجال بملابس مدنية، اثنان منهم يرتديان شارات برتقالية اللون خاصة بالشرطة، وقاموا بتقييده بالأصفاد وألقوه في سيارتهم من طراز "رونو كليو"، التي انطلقت نحوه على الفور.
وأكد الناشط الجزائري أنه قد تم اختطافه من قبل ضباط شرطة مزيفين كان أحدهما "من شمال أفريقيا"، والآخر "من جنوب أوروبا"،أما الاثنان الآخران فقد أخفيا وجهيهما تحت غطاء للعنق، مبرزا أنه علم فورا بأنه يتعرض للاختطاف، وحينها حدثه أحدهم بلهجة جزائرية قائلا "هناك مسؤول جزائري يريد رؤيتك، إنها الطريقة الوحيدة التي ستمكنه من التحدث معك، وبعد ذلك سوف نأخذك إلى المنزل، لا تقلق".
وعند توقف السيارة أُبلغ الخاطفون هاتفيا أن اللقاء مع المسؤول الجزائري سيتم في اليوم التالي، وليس في عين المكان، بل في أمستردام في هولندا، وبعد ذلك، ووفقًا لرواية دي زاد، أجبره خاطفوه على ابتلاع حبوب منومة قبل أن يضعوه على فراش داخل حاوية، مع ثني معصميه، وعندما استيقظ في اليوم التالي، اكتشف وجود امرأتين شابتين، إحداهما ترتدي حجابًا مع قناع طبي، والأخرى وجهها مغطى بغطاء للرأس وكانتا مسؤولتان عن مراقبته.
وحسب تصريحات دي زاد، فإن إحدى الفتاتين أخبرته أنه سيتم إطلاق سراحه إذا ا أعاد شاحنة المخدرات التي سرقها في أمستردام، ليجيب بأنه لم يفهم ما تعنيه، وكشف عن هويته باعتباره لاجئا سياسيا في فرنسا، لتقوم هي بالبحث عنه عبر الإنترنت على هاتفها، وفجأة أصيبت بالذعر من فكرة التورط في شأن سياسي، وبدأت بالبكاء وتوسلت له ألا أرفع دعوى قضائية، وأوضحت أنهم حصلوا على مبلغ 1000 أورو لكل منهم لمراقبة شخص يفترض أنه لص.
وأخبرت الفتاة المختطَف بأنها سمعت أنه سيتم نقله إلى إسبانيا، وبعدها بقليل دخل بعض الأفراد إلى الملجأ، وسألوه قائلين "لماذا ذكرت الجزائر في فيديوهاتك؟" وأخبروه أنهم لن يطلقوا سراحه إلا عندما يقرر زعيمهم ذلك، وفي منتصف الليلة الثانية، وبعد 27 ساعة من اختطافه، تم إطلاق سراحه بالقرب من غابة، ومنها مشى إلى أقرب طريق سريع، ثم تمكن من إقناع السائق بتوصيله إلى منزله.
من ناحية أخرى، أوضحت الصحيفة أن التحقيقات التي تلت عملية الاختطاف، أوصلت ضباط شرطة المديرية العامة للأمن الداخلي، إلى شبكة تجسس، وتم القبض على موظف حكومي فرنسي جزائري يبلغ من العمر 56 عامًا، من المديرية الفرعية الرقمية للإدارة المركزية لوزارة الاقتصاد والمالية في ديسمبر 2024 لنقله معلومات حساسة إلى السلطات الجزائرية بشأن المعارضين المقيمين في فرنسا، بما في ذلك موقعهم وعنوانهم.
وأوضحت أن المعني بالأمر مثل أمام قاضي مكافحة الإرهاب، ووجهت إليه تهمة التخابر مع قوة أجنبية بعد 96 ساعة من احتجازه لدى الشرطة، وكشفت التحقيقات أنه كان على علاقة عاطفية عه عميلة في مكتب التحقيقات الفيدرالي الفرنسي OFIL، ولتي كانت لديها إمكانية الوصول إلى بيانات سرية عن طالبي اللجوء الجزائريين والمواطنين الجزائريين المقيمين في فرنسا.