مخلفات أزمة "كورونا" على البطولة المغربية.. اختلالات عدة وخارطة تتغير
تعجز الكرة المغربية عن دحرجتها الطبيعية، كما يعجز اللاعبون عن مداعبتها، خلال هذه الفترة الاستثنائية التي يمر منه العالم، بسبب جائحة "كورونا". الأخيرة التي تسببت في أزمة خانقة، شوهت من الحجم الطبيعي للمستديرة وأحدثت فيها "ثقوبا" يصعب حياكتها.
أندية مهددة بالإفلاس
أضحى ناقوس الخطر يدق باب بعض الأندية الوطنية، بسبب عجزها عن الالتزام
بتعاقداتها تجاه لاعبيها، المتمثلة خاصة في صرف الأجور الشهرية، وذلك ناتج عن
التداعيات التي خلفها توقف البطولة الاحترافية المحلية بسبب أزمة
"كورونا".
مخلفات الأزمة قد تجر تبعات أخرى على الأندية المتضررة، عل أقربها؛ احتمالية هجرة أجود عناصرها نحو وجهة أخرى، توفر لهم طلباتهم، حسب ما أكده لنا أحد الوسطاء المعتمدين لدى الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والاتحاد الدولي "فيفا"، في تواصله مع موقع "الصحيفة".
من جملة الأندية التي تعاني، فإن شبح الأزمة يلوح في أفق شمال المملكة، عند ناديي المغرب التطواني واتحاد طنجة، على سبيل الذكر لا الحصر، حيث تعاني خزانتهما من أزمة مالية خانقة، إذ وجد المسؤولون صعوبة في توفير مستحقات لاعبيها، لمدة أربعة أشهر.
"هذه المدة التي تخول للاعبين
فسخ عقودهم بشكل تلقائي، بحسب قانون الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والاتحاد
الدولي، حيث يسمح للاعبين الذين لم يتوصلوا بأجورهم الشهرية لثلاثة أشهر متتالية الرحيل،
دون متابعتهم من الأندية التي يرتبطون بها"،
يضيف المتحدث ذاته.
عائدات الجماهير في خبر "كان"
حتى وإن كان الأمل قائما في استئناف النشاط الكروي، في غضون الأسابيع
المقبلة، كما هو الحال في ألمانيا، اسبانيا وانجلترا، فإن الأندية المغربية لن
تستفيد من أحد ركائز حياتها الطبيعية، المتمثل في عائدات الحضور الجماهيري، حيث
بات مؤكدا أن "سيناريو" رفع التوقف عن البطولة المحلية مرتبط بخوض
المباريات "وكيلو"، أي بدون حضور جماهيري، في إطار التدابير الوقائية
المتخدة عالميا.
منصف اليازغي، الباحث في السياسات الرياضية، يعتبر أن الضرر المادي الذي يمس
الأندية المغربية، خلال هذه الفترة الاستثنائية، يتجسد في عائدات الجماهير، خاصة
لدى أقوى النواد المحلية "اقتصاديا"؛ يخص بالذكر الرجاء والوداد
الرياضيين، والتي تعتمد ميزانيتهما السنوية على مداخيل الشبابيك، حيث قد تصل إلى 300 مليون سنتيم في المباراة
الواحدة، على حد قوله.
الرعاية الكروية في زمن "كورونا"
في البطولة الاحترافية، لا تتعدى ميزانية أكبر الأندية 20 مليار سنتيم، على أقصى تقدير، فيما أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، باعتبارها الساهرة على تسيير الشأن الكروي ككل بمختلف متداخليه، لا تتعدى ميزانيتها السنوية 87 مليار سنتيم، وهو الرقم الذي لا يمثل إلا نسبة قليلة مما هو مطروح لدى الأندية الأوروبية، الأخيرة التي تضررت أرقامها بنسب صاروخية، نتيجة مخلفات جائحة "كورونا".
يقول منصف اليازغي، إن جامعة الكرة المحلية تعتمد في تمويلها بدرجة أقل على دعم الخواص، حيث أن التمويل الرئيسي يأتي من المكتب الشريف للفوسفاط وبنك المغرب والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون من خلال البث التلفزي، وبالتالي، فإن الجهاز الكروي الذي يعتبر مرفقا عموميا لم يتأثر في هذه الحلقة، يضيف الباحث في السياسات الرياضية، في تصريح للموقع.
على النقيض من ذلك، ستضرر جل عقود
الرعاية من المستشهرين الخواص للنواد المغربية، كما سيشهد بعضها تعديلات مهمة،
خلال الأشهر القادمة، لاسيما في ظل الأزمة القائمة، مما دفع الجامعة الوصية إلى
التعجيل بصرف الأشطر المتبقية من المنحة السنوية، من أحل سد جزء من الثغرات في التوازن
المالي، في انتظار اتضاح الصورة حول مآل الموسم الكروي الجاري.
اللاعبون المحترفون.. الحلقة الأكثر تضررا!
طرحنا الموضوع على نور الدين مصدق،
وسيط معتمد من قبل الاتحاد الدولي والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والذي
كان لديه تصور لسبل معالجة الأزمة التي أرخت بظلالها على كل المتداخلين في الشأن
الكروي، ليس فقط المحلي وإنما حتى العالمي.
"دون أدنى شك، فإن تضرر الأندية ينعكس بطريقة مباشرة على اللاعبين، إلا أن أهم شيء هو كيفية صياغة هذه الأزمة بطريقة حبية وفيها نوع من الإبداع من أجل إرضاء جميع الأطراف، إيمانا منهم أنها أزمة عابرة وأن أي مساهمة للتخفيف من الأزمة ستكون في جوهرها اجتماعية، خاصة من جانب الأندية تجاه لاعبيها، بغض النظر عن العقود التي تربط الطرفين"، يضيف مصدق في تواصله مع "الصحيفة".
ويضيف وكيل اللاعبين والمدربين المغاربة، قائلا: "حاولنا خلال هذه الفترة أن نتعامل مع لاعبينا، بطريقة تسمح لهم الحفاظ على تركيزهم في التداريب التي يواظبون عليها من داخل منازلهم، من منطلق السند المعنوي كما المادي، حيث أن بعض اللاعبين لن يتوصلوا بأجورهم ومستحقاتهم، كان من اللازم من تدخلنا للعب دور الغطاء الذي يحميهم، وهو الدور المنوط بالوكيل سواء في أزمة كورونا أو غيرها".