مشروع أنبوب الغاز.. توترات الجزائر مع دول الساحل تُقلص من رصيدها "كشريك موثوق" بين إفريقيا وأوروبا
تلتزم الجزائر الصمت بخصوص ما تتداوله العديد من التقارير الدولية، بشأن إقدام النيجر على إيقاف الدراسات المتعلقة بمشروع أنبوب الغاز العابر لأراضيها بين نيجيريا والجزائر، وقد ذهب بعضها إلى حد التأكيد بانسحاب النيجر من هذا المشروع، في ظل التوترات السياسية التي تفجرت مؤخرا بين الجزائر ودول الساحل، ومن ضمنها النيجر.
وجاء التوتر بين الجزائر والنيجر، على خلفية إسقاط الجزائر لطائرة "درون" مالية كانت بصدد استهداف تجمع لانفصاليي الأزواد في شمال مالي، الشهر الماضي، حيث سحبت مالي سفيرها من الجزائر كرد فعل على "العدوان الجزائري"، وهو ما دفع بالنيجر إلى التضامن مع مالي في إطار التحالف الثلاثي AES الذي يجمع النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
وردت الجزائر على خطوات البلدان الثلاثة، بخطوة مماثلة، فسحبت سفيرها من النيجر، لتفتح بذلك توترا سياسيا جديدا مع النيجر، وقد ازداد هذا التوتر في الأسابيع الأخيرة، بعدما عمدت السلطات الجزائرية على طرد المئات من المهاجرين المنحدرين من دول جنوب صحراء إفريقيا من أراضيها نحو أراضي النيجر، وهو ما استنكرته النيجر عبر قنواتها الرسمية.
وحسب العديد من التقارير الدولية، فإن هذا التوتر السياسي والدبلوماسي الذي نشب مؤخرا بين الجزائر والنيجر، دفع بنيامي إلى إيقاف الدراسات التي كانت قد شرعت فيها بخصوص مشروع أنبوب الغاز الجزائري – النيجيري، الأمر الذي يُهدد هذا المشروع بالفشل وانتهاء طموحات الجزائر بشأنه بعد سنوات طويلة من المحاولات.
وكانت الجزائر قد بدأت هذه المشروع منذ أكثر من عقد من الزمن، إلا أنها حاولت في السنوات الأخيرة تسريع وتيرة خطوات إنجازه، بعدما أعلن المغرب بشكل رسمي عن إطلاق مشروع مماثل، يربط نيجيريا بالمغرب مرورا بـ11 بلدا في الواجهة الأطلسية لإفريقيا، بهدف إحداث انتعاش اقتصادي في المنطقة ككل.
ومما ساهم في التعثرات الكثيرة التي عرفها مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والجزائر، هو التوترات السياسية التي تشتعل بين الجزائر ودول الساحل، إذ ليس هذا أول توتر ينشب بين الجزائر الدول الواقعة في حدودها الجنوبية، حيث وقع العام الماضي خلاف حاد بين الجزائر والنيجر بسبب طرد الجزائر للمهاجرين إلى الأراضي النيجرية وصد إلى حد استدعاء السفراء للتشاور.
وجاء التوتر الجديد بين الجزائر والنيجر وباقي دول الساحل، بعد أسابيع قليلة من احتضان الجزائر لاجتماع لتسريع وتيرة إنجاز مشروع أنبوب الغاز مع نيجيريا، وقد حضرته النيجر أيضا، الأمر الذي يعكس هشاشة الأرضية التي يقف عليها هذا المشروع، بالرغم من المحاولات الجزائرية الحثيثة لإخراجه إلى الوجود ضدا في المشروع المغربي.
كما يرى مراقبون أن تجدد التوترات بين الجزائر ودول الساحل، وخاصة ممن ترتبط معه باتفاقيات ومشاريع مهمة لها ارتباط بأطراف دولية أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي، يُقلص كثيرا من رصيد الجزائر "كشريق موثوق" فيه لدى باقي الدول.
وأضافت ذات المصادر في قراءات متفرقة ضمن تقارير دولية، أن دخول الجزائر في العديد من الأزمات، (أزمات مع مالي وبوركينا فاسو والمغرب وليبيا وفرنسا وإسبانيا والإمارات العربية المتحدة)، يُقدم صورة سلبية سيكون لها تداعيات على الجزائر نفسها، خاصة فيما يتعلق بالاستثمارات الدولية في مثل هذه المشاريع.
هذا وبخصوص تطورات مشروع أنبوب الغازي المغربي النيجيري، فقد أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، في الأسابيع الماضية في البرلمان، أن العمل جار حاليا على تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع، التي تشمل محور السنغال–موريتانيا–المغرب، مشيرة إلى أن المشروع قطع أشواطا هامة، حيث تم الانتهاء من دراسات الجدوى والتصميم الهندسي، ويجري حاليا استكمال الدراسات الميدانية ودراسة الأثر البيئي والاجتماعي.
وسجلت بنعلي أن المشروع شهد تقدما مؤسساتيا مهما، تمثل في انعقاد اجتماع وزاري ضم دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، إضافة إلى المغرب وموريتانيا، أواخر سنة 2024، وتم خلاله المصادقة على الاتفاق الحكومي بين الدول المعنية، فضلا عن اتفاقية البلد المضيف.
وأضافت الوزيرة أن مشروع أنبوب الغاز، الذي بات يحمل اسم "أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي"، يعد مشروعا تنمويا واستراتيجيا بامتياز، يسهم في تسريع الربط الكهربائي، وتحفيز الاستثمار في مجال الطاقة، وخلق فرص شغل، إلى جانب دعمه لجهود التحول الطاقي في المنطقة.