مصدر دبلوماسي من سفارة الهند بالمغرب: العملية العسكرية في باكستان سبقت هجمات جديدة وشيكة.. ومحاسبة منفذي هجوم "باهلغام" كان ضروريا
توصلت "الصحيفة"، عبر مصدر دبلوماسي مسؤول من السفارة الهندية بالرباط، بإيضاحات بخصوص النزاع العسكري بين الذي احتدم أمس الثلاثاء بين الهند وباكستان، معتبرة أن الدافع للعملية التي تطلق عليها اسم "سيندور"، هو هجوم "باهلغام" في إقليم كشمير الشهر الماضي، قائلة إن نيودلهي تتوفر على معطيات تؤكد أن المهاجمين يستقرون على أراضي جارتها الغربية، وتلقوا تدريباتهم هناك، وذلك تفاعلا مع التصريحات الحصرية للسفارة الباكستانية التي نشرها الموقع مساء أمس.
وأورد المصدر أنه في 22 أبريل 2025، قامت "جماعة إرهابية" تابعة لمنظمة "لشكر طيبة" وتضم "إرهابيين باكستانيين وأخرين مدربين على يد باكستان"، بشن "هجوم وحشي" على سياح هنود في باهلغام في منطقة جامو وكشمير الواقعة في الهند، وقد أسفر الهجوم عن مقتل 26 شخصًا، بينهم مواطن نيبالي، ليصبح بذلك "أكبر حادث إرهابي يستهدف المدنيين في الهند منذ هجمات 26 نونبر 2008 في مومباي".
وتابعت السفارة الهندية عبر المصدر الدبلوماسي نفسه، أن "الهجوم المروع الذي وقع في باهلغام اتسم بوحشية بالغة، حيث قُتل معظم الضحايا برصاصات استهدفت الرأس من مسافة قريبة وأمام عائلاتهم، وتعمد مرتكبو الجريمة إصابة أفراد الأسر بصدمة نفسية من خلال الطريقة التي نفذوا بها عملية القتل، مصحوبة بتحذيرهم بألا ينقلوا خبر مقتل ذويهم".
وأورد المتحدث أنه "من الواضح أن الهجوم كان يهدف إلى تقويض عودة الحياة الطبيعية إلى جامو وكشمير، وعلى وجه الخصوص، استهدف الهجوم قطاع السياحة الذي يشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد، حيث سجلت المنطقة رقماً قياسياً بلغ 23 مليون سائح زاروا الوادي العام الماضي"، وتابع "لعل الحسابات كانت أن الإضرار بالنمو والتنمية في إقليم الاتحاد سيساعد على إبقائه متخلفاً ويخلق مرتعاً خصباً لاستمرار الإرهاب عبر الحدود من باكستان، وانطوى الهجوم أيضاً على هدف إثارة الفتنة الطائفية، سواء في جامو وكشمير أو في بقية أنحاء البلاد"، موردا "يرجع الفضل إلى الحكومة والشعب الهندي في إحباط هذه المخططات".
وتبنّت جماعةٌ تطلق على نفسها اسم "جبهة المقاومة" (TRF) مسؤولية الهجوم، وفق الدبلوماسية الهندية، وتعد "واجهةً للجماعة الإرهابية الباكستانية المحظورة من قبل الأمم المتحدة،" لشكر طيبة"، حسب تعبيرها، مذكرة بأن الهند قدمت معلومات عن "جبهة المقاومة" في التقرير نصف السنوي المقدم إلى فريق الرصد التابع للجنة العقوبات 1267 التابعة للأمم المتحدة في شهري ماي ونونبر 2024، حيث أبرزت دورها "كواجهة للجماعات الإرهابية التي تتخذ من باكستان مقراً لها".
وحسب المصدر نفسه فإنه، في وقت سابق، وتحديدا في دجنبر 2023، أبلغت الهند فريق الرصد عن جماعة "لشكر طيبة" وجماعة "جيش محمد" التي تنشط من أجل تحقيق أهدافها عبر "جماعات إرهابية صغيرة مثل جبهة المقاومة"، وأشار في هذا الصدد إلى "الضغوط التي مارستها باكستان لإزالة أي إشارة إلى جبهة المقاومة من البيان الصحفي الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 25 أبريل".
وأوضح المتحدث نفسه أن التحقيقات التي أجريت في هجوم باهلغام "أظهرت نقاط الاتصال الخاصة بالإرهابيين داخل باكستان وخارجها، وتكشف الادعاءات التي أطلقتها جبهة المقاومة وإعادة نشرها على حسابات معروفة تابعة لجماعة لشكر طيبة، على مواقع التواصل الاجتماعي عن حقيقة الأمر" مضيفا أن "التحقيقات المضنية أحرزت تقدمًا في تحديد هوية المهاجمين استنادًا إلى إفادات شهود العيان والمعلومات الأخرى المتاحة للأجهزة الأمنية، وتوصلت أجهزتنا الاستخباراتية إلى صورة دقيقة عن المخططين والممولين لهذا التشكيل".
وترتبط معالم هذا الهجوم أيضًا، وفق سفارة الهند بالمغرب، بما وصفته "تاريخ باكستان الحافل في ارتكاب أعمال إرهابية عبر الحدود مع الهند، وهو أمر موثق جيدًا لا شك فيه"، على حد تعبير متحدثها، الذي أضاف أن باكستان "تشتهر بكونها ملاذاً للإرهابيين من جميع أنحاء العالم، حيث يتمتع الإرهابيون المدرجون على القوائم الدولية بالحصانة"، وتابع "علاوة على ذلك، فإن باكستان معروفة بتضليلها المتعمد للعالم والمنتديات الدولية، مثل فريق العمل المالي المعني بالإجراءات المالية المتعلقة بتمويل الإرهاب، وخير مثال على ذلك قضية ساجيد مير، الذي أُعلن عن وفاته، ولكنه أعيد إلى الحياة استجابة للضغوط الدولية، حيث عُثر عليه حياً واعتُقل"، وفق توصيفه.
وقال المصدر "لقد أثار الهجوم الأخير في باهلغام حنقاً شديداً في جامو وكشمير وغيرهما من أقاصي الهند، وفي أعقاب الهجمات، كان من الطبيعي أن ترد حكومة الهند باتخاذ مجموعة من الإجراءات الأولية المتعلقة بعلاقاتنا مع باكستان".
من ناحية أخرى، أورد المصدر الدبلوماسي أن بلاده تؤكد على "التزامها التام بمسؤولياتها تجاه الشعب الباكستاني وتجاه المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومساعيه الرامية إلى زرع بذور الشقاق والفتنة بين الشعوب"، وأضاف "على الرغم من مرور أسبوعين على الهجمات، لم تتخذ باكستان أي خطوة ملموسة لملاحقة البنية التحتية الإرهابية على أراضيها أو في الأراضي الخاضعة لسيطرتها، وبدلاً من ذلك، اكتفت بإنكار الوقائع وتوجيه الاتهامات"، وأورد أن "معلومات استخباراتية هندية مراقبة للخلايا الإرهابية المتمركزة في باكستان، أفادت بأن هجمات جديدة ضد الهند وشيكة، وبالتالي، كان من الضروري اتخاذ إجراءات ردع استباقية".
وخلص المتحدث إلى أن الهند "استخدمت حقها في الرد واتخاذ إجراءات وقائية وردع المزيد من هذه الهجمات عبر الحدود، وجاءت هذه الإجراءات مدروسة وغير تصعيدية ومتناسبة ومسؤولة، وتركزت على تدمير البنية التحتية للإرهابيين وتعطيل نشاطهم ومنعهم من العبور إلى الهند"، على حد تعبيره، مذكرا بإصدار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 25 أبريل 2025 بيانًا صحفيًا بشأن الهجوم أكد فيه "ضرورة محاسبة مرتكبي هذا العمل الإرهابي المشين ومنظميه ومموليه وداعميه وتقديمهم إلى العدالة"، كما اعتبر أن "الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الهند ينبغي النظر إليها في هذا السياق".