مع قرب إطلاق خط بحري يربط تونس بالمغرب وليبيا وصولا إلى إسبانيا.. خُبراء يرونه حلّا مغاربيا للاندماج الاقتصادي بعيدا عن الجزائر

 مع قرب إطلاق خط بحري يربط تونس بالمغرب وليبيا وصولا إلى إسبانيا.. خُبراء يرونه حلّا مغاربيا للاندماج الاقتصادي بعيدا عن الجزائر
الصحيفة - خولة اجعيفري
الخميس 29 فبراير 2024 - 20:16

 بعد يومين فقط، تُطلق السلطات التونسية الخط البحري التجاري الجديد، الذي يربط بين كل من مدينة صفاقس التونسية والمغرب، مرورا بليبيا ووصولا إلى إسبانيا في الجانب الأوروبي بعد استكمال الترتيبات الإدارية واللوجيستية، وهو الخط البحري الذي تُراهن عليه البلدان الأربعة لتعزيز علاقاتها التجارية بحرا بمعدّل رحلتين في الشهر، ويعتبرها مراقبون وخبراء اقتصاديون فرصة ثمينة لتوطيد العلاقات بين الدول الأعضاء.

وكان مالك العلوي، الوكيل البحري المعتمد للخط التجاري الجديد، قد صرح للإعلام التونسي بأن افتتاح هذا الخط بصفة رسمية والذي سيكون بداية شهر مارس سيمكن من إكمال الرحلة إلى المغرب في أربعة أيام فقط، في حين ستستغرق الرحلات إلى إسبانيا ستة أيام فقط، وهو ما سيكون له أثر إيجابي كبير على الحركة الاقتصادية والتجارية بين البلدان المغاربة وإسبانيا.

ووفق توقعات وزارة التجارة التونسية، والتي تتناغم وتوقعات الخبراء الاقتصاديين الذي تواصلت معهم "الصحيفة" فمن المرتقب، أن يشهد الشحن البحري بين المغرب وليبيا وتونس وإسبانيا تطوراً مهماً، إلى جانب أن نقل الحاويات، حسبه، سيكون أكثر مرونة ويحسن المبادلات التجارية بين الدول الأربع.

وتربط الدول الأربعة أي تونس، المغرب، ليبيا وإسبانيا، علاقة تجارية مهمة سيّما وأنها لا تتأثر بواقع الشلل التجاري الذي يحدث بين الفينة والثانية على مستوى البحر الأحمر بسبب اضطراب الشحن البحري، وتأثير أزمة الحرب الروسية على أوكرانيا على الحركة التجارية البحرية.

ويندرج هذا الخط التجاري في إطار استراتيجية رامية إلى تعزيز مكانة تونس كمركز للتجارة البحرية في البحر الأبيض المتوسط، وتعزيز علاقاتها مع شركائها الرئيسيين في المنطقة، وفي مُقدّمتهم المغرب وإسبانيا، وجارتها ليبيا، في وقت أن المبادلات التجارية البحرية بين تونس والجزائر شبه منعدمة، ما يُفسر نوعا ما سبب استثناء موانئها من هذا الخط البحري التجاري المرتقب.

وفي وقت تبدو العلاقة المغربية التونسية اقتصاديا وتجاريا جيدة على العموم، خلافا للوضع السياسي المشلول، كانت تونس قد عقدت منتصف شهر فبراير الجاي، اجتماعاً مع مصلحة الموانئ والنقل البحري في ليبيا، بهدف حلحلة كافة المشاكل وبحث آليات تفعيل خطوط بحرية بين صفاقس وعدد من المدن الليبية، من بينها طرابلس ومصراتة وبنغازي، كما اتفق الطرفان على تكوين شركة مشتركة بين الشركة التونسية للملاحة والشركة الوطنية العامة للنقل البحري، بهدف العمل في مجال النقل البحري، والاستحواذ على حصة في نقل الركاب والبضائع بالحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط.

وفي الشق المرتبط بحجم المبادلات التجارية التونسية مع البلدان الثلاثة، التي سيربط بينها الخط البحري الجديد، فإنها سجلت 970 مليون دولار بين تونس وليبيا سنة 2022، فيما وصل حجم التبادل التجاري بين تونس وإسبانيا إلى 1.9 مليار أورو (صادرات وواردات)، مسجلاً بذلك تحسناً بنسبة 27 بالمائة على مستوى الواردات، ونسبة 36 بالمائة على مستوى الصادرات.

ووفق المعطيات الرقمية التي تحصّلت عليها "الصحيفة"، من مكتب الصرف المغربي، فإن حجم واردات المغرب من تونس في سنة 2022 بلغ 3.147 مليون درهما مغربي، مقابل 1.221 مليون درهما من قيمة صادرات المملكة إلى تونس خلال نفس السنة.

وتتسيد السيارات على رأس واردات تونس من المغرب، بقيمة تجاوزت في 2022، ما يناهز 246 مليون درهما، فضلا عن الأسلاك والكابلات والموصلات المعزولة الأخرى للكهرباء بقيمة 114 مليون درهما، ثم النسيج والألبسة والخيوط القطنية بقيمة 90 مليون درهما، تليها مستخلصات القهوة والشاي والصناعة الغذائية بقيمة 65 مليون درهما، والمعجنات ومستلزمات صناعة الحلويات والمحضرات القائمة على الحبوب بمبلغ 44 مليون درهما فضلا عن الخضراوات والبقوليات التي بلغت صادراتها من المغرب إلى تونس 28 مليون درهما.

أما أبرز واردات المغرب من تونس، فتشمل بشكل رئيسي التمور التي بلغت قيمتها 600 مليون درهما في 2022، علما أن تونس تصدر سنويا حوالي 120 ألف طن من التمور إلى 31 دولة والمملكة المغربية تتصدر قائمة البلدان المستقدمة للتمور التونسية.

وبناء عليه، تأمل تونس في زيادة صادراتها نحو هذه الأسواق الثلاث وعلى رأسها المغرب خصوصا وأن هذا الأخير شرع في الانفتاح عل أسواق جديدة لاستقدام جملة من المواد خصوصا الغذائية على غرار التمور التي كانت في وقت سابق تستفرد بها السوق التونسية.

من جهة ثانية، يتزامن إطلاق هذا الخط البحري، وقرار السلطات الجزائرية الجديد الذي تبنّته جمعية البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية أيضا برفض أي عملية توطين لعقود النقل المتضمنة العبور عن الموانئ المغربية، وهو ما يُفسر استثنائها من ربط هذا الخط رغم تواجدها على نفس المسار البحري المؤدي إلى المغرب وإسبانيا.

وفي وقت اعتبر وزير التجارة التونسي السابق، محسن حسن، في حوار مع "الصحيفة"، أن تفادي هذا الخط البحري المنطلقة رحلته من مدينة صفاقس التونسية لموانئ الجزائر راجع للأزمة الدبلوماسية والقطيعة السياسية بين المغرب والجزائر، شدّد من جهة ثانية، على أهمية هذا الربط لبلده وليبيا المغرب على حد سواء، سيما على مستوى تطوير التجارة البينية بين البلدان المغاربية، في ظل وجود اتفاقيات ثنائية ومشتركة بين البلدان المغاربية الثلاث، سواء تعلق الأمر باتفاقية الجامعة العربية أو اتفاقية أكادير للتبادل الحر بين البلدان العربية في المنطقة.

ويرى وزير التجارة التونسي السابق، أن نجاح هذا الخط رهين بتجاوز كل الخلافات الممكنة حتى نُعطي نقلة نوعية للتجارة البينية والاستثمارات المشتركة بين تونس والمغرب اللذين يعيشان على وقع أزمة صامتة تسبب فيها الرئيس الحالي قيس سعيد بسبب استقبال خص به زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، إبرايهم غالي، قبل عام ونصف، مضيفا: "بلدينا يملكان نفس الميزات التفاضلية وأعتقد أنه التعاون بين تونس والمغرب وليبيا يمكن أن يشكّل منطلقا جديدا ويمكن أن يعرف نقلة نوعية على مسار هذا الخط البحري".

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي المغربي ورئيس مرصد العمل الحكومي، محمد جدري أن المملكة المغربية منذ ما يزيد عن 20 سنة شرعة في سياسة ونهج تنويع شركائها واقتصاديها، وبالتالي، فإن تعزيز بنيتها التحتية وربطها البحري مع مجموعة من الموانئ العالمية يبقى مهما سيما بوجود رغبة ملحة برفع المبادلات التجارية مع البلدان.

وأوضح جدري، في تصريح خص بها "الصحيفة"، بأن رفع المبادلات التجارية للمغرب مع الدول وهو الهدف الذي يصبو إليه يشترط  بالمقابل وجود بنية تحتية حقيقية ولوجيستيكية، وفي هذا الإطار تندرج هذا الخط البحري الجديد بين كل من تونس، المغرب، ليبيا وإسبانيا، خصوصا عقب تعمّد السلطات الجزائرية إغلاق أجوائها  في وجه الطائرات المغربية، ما يفرض تكلفة نقل مهمة مرورا عبر جنوب أوروبا.

ونوّه الخبير الاقتصادي، بتدشين هذا الخط البحري الجديد، الذي من شأنه تعزيز تدفق السلع من ليبيا وتونس صوب المغرب، والعكس أيضا صحيح من المغرب نو البلدين المغاربيين، وبالتالي هذا الخط سيُمكن من الرفع من المبادلات التجارية بين البلدان الثلاثة ومجابهة هذا الحصار الاقتصادي الذي تُحاول الجزائر من جانبها، أن تقوم به وفرضه ضد المملكة المغربية.

وبالمقابل، أشار المتحدث، إلى أن المغرب اليوم يملك جملة من الوسائل البديلة لمواجهة الحصار الذي تحاول الجزائر فرضه ومن بينه هذا الخط بحري جديد مع الدول المغاربية التي تربطه به علاقات تجارية متميزة، خصوصا وأن المغرب يدعم اليوم الحل في ليبيا ويشجع التنمية الاقتصادية في تونس.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

أقيلوا هذا الرجل !

صناعة الفشل في المغرب سلعة رائجة. هذا على الأقل ما يمكن استخلاصه عند الإطلاع على حال شركة الخطوط الملكية المغربية التي يقودها عبد الحميد عدو إلى الهاوية وهو مستمتع بالمُهمة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...