من أجل سد ثقوب الميزانية.. حكومة أخنوش تُخطط لبيع جزء من مؤسسات عمومية لجمع 500 مليار سنتيم 

 من أجل سد ثقوب الميزانية.. حكومة أخنوش تُخطط لبيع جزء من مؤسسات عمومية لجمع 500 مليار سنتيم 
الصحيفة - خولة اجعيفري 
السبت 11 نونبر 2023 - 23:18

تُراهن حكومة عزيز أخنوش على برنامج خوصصة المؤسسات العمومية، لتحصيل خمسة مليارات درهم (500 مليار سنتيم)، في غضون العام المقبل 2024، بحسب المذكرة التقديمية لمشروع قانون المالية لسنة 2024، وهو ما يعتبره خبراء الاقتصاد إجراء "مفهوم" في ظل الظروف الاقتصادية الحالية ورهانات الأوراش الاجتماعية الكُبرى التي وضعتها الدولة، شريطة "عقلنته".

ولا يُعد هذا الإجراء حديثا أو غير مسبوق بالنسبة للحكومة الحالية، التي تبنّته أيضا في قانون المالية لسنة 2023، عندما عوّلت على إنجاز مداخيل تبلغ 10 ملايير درهم برسم عمليات الخوصصة، منها 5 ملايير درهم يتم ضخها بميزانية الدولة و5 ملايير درهم بصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك في وقت كانت "حكومة العثماني" الأخيرة، قد قالت في قانون المالية لسنة 2021، إنه "تم إرجاء عمليات تفويت مساهمات الدولة (الخوصصة)، بالنظر إلى الوضعية الراهنة الناتجة عن جائحة كورونا وشروط السوق، بالإضافة إلى الآجال القانونية والتنظيمية وكذا المساطر الضرورية لإنجاز عمليات الخوصصة".

وبعدما أنشأ المغرب في سنة 2022 "الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة" لدراسة إمكانية خصخصة 57 مؤسسة وشركة حكومية، إما عن طريق الإدراج في البورصة أو البيع لمستثمرين من القطاع الخاص محليين أو دوليين، ومراهنته على حصد 500 مليون دولار من طرح حصص بشركات حكومية، وفقاً لبيان إنشاء "الوكالة"، عادت الحكومة المغربية، برئاسة عزيز أخنوش لتتراجع خلال العام الجاري عن "الخوصص"، على اعتبار أن ظروف الأسواق المالية "غير مواتية حالياً لطرح شركات حكومية أمام المستثمرين، أو في البورصة، وفق برنامج الخصخصة المعتمد" مؤكدةً في حوار مصور مع صحيفة "الشرق" الاقتصادية  أن الحكومة "بانتظار الوقت المناسب للتنفيذ".

ويبدو أن الوقت الحالي، بات مناسبا بالنسبة للحكومة ما دفعها إلى سنّه في مشروع قانون المالية 2024، والذي شرع البرلمان في مناقشته وتعديله هذا الأسبوع قبيل طرحه على المصادقة، فيما يرى اقتصاديون تواصلت معهم "الصحيفة"، أن إجراء خوصصة الشركات العمومية المغربية أو طرحها أمام المستثمرين أو في البورصة، إجراء "متفهّم" في سياق الظروف العالمية، والحاجة الماسة للحكومة المغربية للموارد المالية، سيّما وأنها مُقبلة على مجموعة من المشاريع الكبرى والاستراتيجية.

وتعليقا على هذا الإجراء الحكومي، قال الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المستقل للدراسات الاستشرافية، إدريس الفينة، إن الحكومة المغربية مُطالبة أكثر من أي وقت مضى بتوفير موارد مالية إضافية للوفاء بالتزاماتها وتعهداتها والأوراش المُقبلة.

الخبير الاقتصادي، وفي تصريحه لـ "الصحيفة"، شدّد على أن الخوصصة أصبحت أمرا مهما للحكومة للحصول على موارد مالية إضافية ولرفع فعالية الاقتصاد المغربي خلال السنة المالية 2024، موردا "بطبيعة الحال عملية الخوصصة في حد ذاتها يجب أن تتم بشكل عقلاني وان لا يتم تبخيس هذه المؤسسات كما في السابق".

وعلى الرغم من توفر المحفظة الحكومية المغربية على حوالي 227 مؤسسة و44 شركة عمومية تضم شركات تابعة، وهي المعطيات التي وفرتها وزارة الاقتصاد والمالية، إلا أن آخر عملية بيع لمساهمات الدولة كانت في عام 2019، وشملت 8 في المائة من حصة الحكومة في مجموعة "اتصالات المغرب"، مقابل 800 مليون دولار، والتي تمتلك اتصالات الإماراتية حصة الأسد فيها، فيما فشلت الحكومة المغربية، في تحقيق البيع السنة الماضية كون "الظروف لم تكن مواتية" على حد تعبير الوزيرة الوصية على القطاع.

وتتصدّر شركة  استغلال الموانئ (Marsa Maroc) التي تمتلك فيها الدولة 25 في المائة، قائمة الشركات المطروحة للخوصصة وطرحها أمام المستثمرين في البروصة، إلى جانب شركة "اتصالات المغرب " (Maroc Teleco، التي تتوفر فيها الدولة على حصة تناهز 22 في المائة وتعد أكبر شركة اتصالات في المملكة، إضافة إلى فندق "المامونية" الشهير بمدينة مراكش، وشركة الطاقة الكهربائية "تهدرات"، وشركة الإنتاجات البيولوجية والصيدلية البيطرية، والشركة الوطنية لتسويق البذور، فيما يستعد أيضا بنك "CFG" المغربي لإدراج أسهمه في السوق الرئيسية لبورصة الدار البيضاء قبل نهاية العام الجاري ليكون الإدراج الوحيد، من خلال مضاعفة رأسماله من 591 مليون درهم إلى 1.19 مليار درهم.

من جانبه، عزا الخبير الاقتصادي، والمحلل المتخصص في المالية العمومية، محمد جادري، إصرار الحكومة على خطة الخوصصة، إلى إقبالها على إصلاحات هيكلية بكل ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والاجتماعي وكذلك إصلاح الادارة.

وأوضح جادري في تصريح خص به "الصحيفة"، أن الأوراش الهيكلية، لتي تُشرف عليها حكومة عزيز أخنوش، تحتاج إلى كثير من الموارد المالية، وذلك على غرار الدولة الاجتماعية التي ستُكلف خزينة الدولة حوالي 51 مليار درهم في أفق 2026، فضلا عن قطاع الاستثمار الذي هو في حاجة إلى حوالي 335 مليار درهم، إلى جانب إصلاحات أخرى مرتبطة بالإدارة والرقمنة والعدالة وأمور أخرى.

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى الزلزال الذي ضرب المغرب شهر شتنبر الماضي وتداعياته لعبت دورا أيضا في تسريع وتيرة الخوصصة، وبالتالي الحكومة الحالية، في حاجة ماسة إلى "كثير من الموارد وترغب ألا تذهب بعيدا في ما يتعلق بالاقتراض سواء على المستوى المحلي أو الدولي، بل وترغب في الحفاظ على هوامشها اليومية وأن تقلص من عجز الميزانية في حدود 4 في المائة السنة المقبلة، الأمر الذي جعلها، تتوجه نحو خوصصة مجموعة من المؤسسات العمومية لتكون لديها أموال مهمة تسد بها فجوات تمويل تحملات الدولة".

وفي هذا السياق، يرى جادري، أن إجراء الخوصصة ولجوء الحكومة إلى خوصصة مجموعة من الشركات العمومية، وذلك بغرض "توفير ملايير الدراهم خلال السنة المقبلة، لتتحمل بذلك مسؤوليتها والنفقات التي أمامها" يقول المتحدث موردا: "وعموما الخوصصة هي أفضل بكثير من اللجوء إلى الاقتراض بأنواعه سواء الداخلي أو الدولي".

وتعرف 225 مؤسسة عمومية، و44 مقاولة عمومية ذات مساهمة مباشرة للخزينة، و498 شركة تابعة أو مساهمات عمومية، حاليا، وبشكلٍ متفاوت، اختلالاتٍ تتعلق بعضُها بمردوديتها المالية، وتوازن ميزانياتها، وتَعَمُّقِ مديونيتها، وبنظام حكامتها ومراقبتها، وبمصداقية نماذجها الاقتصادية، وتداخل مهام بعضها، واعتماد العديد منها على إعانات الدولة، وضعف مناعتها في الوقاية من المخاطر.

وكان رشيد الحموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، قد أكد في سؤال كتابي وجهه إلى الوزيرة الوصية على القطاع نادية فتاح أنه "لأجل أداءٍ أنجع وعقلنةٍ أعمق، فإنَّه من اللازم إعادة هيكلة قطاع المؤسسات العمومية على أسسٍ سليمة وبآفاقٍ واضحة وشفافة"، كما تساءل على المعايير المعتمدة  من طرف الدولة في تجميع أو تصفية أو إدماج أو تحويل مؤسسات ومقاولات عمومية بعينها، وعن لائحة المقاولات العمومية التي تعتزم الحكومة تفويتها إلى القطاع الخاص، ومبررات ذلك والجدوى منه، وعن مدى استحضارهم لهدف صَوْنِ المرفق العمومي والخدمة العمومية أثناء مباشرة عملية الإصلاح، وعن مقاربتهم لخفض اعتماد المؤسسات والمقاولات العمومية على إعانات الدولة، وكذا عن مدى إشراكهم وإنصاتكم لمختلف الفاعلين الاقتصاديين والفرقاء الاجتماعيين المعنيين بإعادة هيكلة القطاع، وعن التدابير المتخذة من أجل تعزيز الحكامة الجيدة والممارسات الفُضلى في هذا المجال.

من جانبها، كانت الوزيرة الوصية قد أجابت يوليوز الماضي، بكون الحكومة برمجت عمليات تفويت مساهمات عمومية في شركات مدرجة سلفا في لائحة المنشآت المُزمع خوصصتها، وكذا تفويت مساهمات الدولة المباشرة وذات الحصص الصغرى التي لا تكتسي طابعا استراتيجيا بالإضافة إلى فتح رأسمال بعض المقاولات العمومية التي تقسم بنماذج ناضجة للقطاع الخاص، مشيرة إلى أن عمليات الخوصصة تندرج في إطار ورش إعادة هيكلة قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية الذي يضم مشاريع تحويل بعض المؤسسات العمومية إلى شركات مساهمة في أفق فتح رأسمالها في المستقبل للخواص.

واعتبرت نادية فتاح أن إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية يراعي،  وفق القوانين، “مبادئ استمرارية المرفق العمومي وقابليته للتغيير ومبدأ حماية الحقوق المكتسبة كما تم التأكيد عليه في المادة 6 والمادة 20 من القانون الإطار، فضلا عن مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة وإشراك القطاعات المعنية في تنفيذ عمليات إعادة هيكلة المؤسسات والمقاولات العمومية وعلى التدبير القائم على النتائج وعلى التعاضد في الوسائل بالإضافة إلى احترام مبدأ المنافسة الحرة والشفافية وعلى استقلالية المؤسسات والمقاولات العمومية على مستوى التسيير".

ولفتت الوزيرة إلى أن جميع عمليات إعادة الهيكلة المزمع تنفيذها ستقوم على مبادئ تضمن الحفاظ على جودة ومردودية الخدمات العمومية والتحكم في كلفتها وأسعارها والحقوق المكتسبة بشأنها.

أقيلوا هذا الرجل !

صناعة الفشل في المغرب سلعة رائجة. هذا على الأقل ما يمكن استخلاصه عند الإطلاع على حال شركة الخطوط الملكية المغربية التي يقودها عبد الحميد عدو إلى الهاوية وهو مستمتع بالمُهمة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...