من الاستبشار بسقوطه أمام بايدن إلى الرغبة في التعامل معه اليوم.. الجزائر تفقد الأمل في حدوث أي تغيير في موقف واشطن تُجاه الصحراء بعد عودة ترامب

 من الاستبشار بسقوطه أمام بايدن إلى الرغبة في التعامل معه اليوم.. الجزائر تفقد الأمل في حدوث أي تغيير في موقف واشطن تُجاه الصحراء بعد عودة ترامب
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
السبت 9 نونبر 2024 - 9:30

تفاعل أصحاب القرار في الجزائر مع فوز دونالد ترامب الأخير في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بشكل مغاير عما كان متوقعا، حيث بعث الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، برسالة تهنئة إلى الرئيس الأمريكي المنتخب، مؤكدا فيها عزمه على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. في حين أن أطرافا جزائرية كثيرة مقربة من النظام كانت قد أعربت سابقا عن ارتياحها لسقوط ترامب في انتخابات 2020 أمام بايدن جراء موقفه الداعم لسيادة المغرب على الصحراء.

ويُمكن اعتبار رسالة تبون المهنئة لترامب، بمثابة تحول لافت في الموقف الجزائري تجاه هذا الرئيس الأمريكي المنتخب حديثا لولاية ثانية، الذي كان قد وقع في ولايته الأولى على إعلان الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، وهو قرار أحدث ردود فعل غاضبة في الجزائر التي لطالما اعتبرت الصحراء  قضية مركزية في سياستها الخارجية.

وكانت الجزائر في 2020 قد استبشرت بفوز بايدن على دونالد ترامب، وزادت لديها الآمال بإحداث إدارة بايدن تعديل أو تراجع في موقف واشنطن بخصوص الإعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، إلا أن إدارة بايدن لم تُقدم على أي تغييرات جوهرية، مما أثار خيبة أمل في الجزائر ومعها جبهة البوليساريو الانفصالية.

ويبدو أنه في ظل فوز ترامب الأخير بالرئاسيات الأمريكية، فقدت الجزائر كليا الأمل في حدوث أي تغيير أمريكي في موقفها من قضية الصحراء، وهو ما يفسر التوجه الجديد في السياسة الجزائرية والذي تمثل في إرسال رسالة التهنئة إلى ترامب، وهي  رسالة تعكس رغبة الجزائر في التعامل مع الرئيس الجديد على أساس من "الواقعية السياسية"، والتأكيد على أهمية تعزيز الشراكة الثنائية بين البلدين.

وأبدى تبون في رسالته تقديره لما وصفه بـ"عمق العلاقات التاريخية" التي تجمع الجزائر بالولايات المتحدة، مشيرا إلى الديناميية الإيجابية التي تشهدها هذه العلاقات في مختلف المجالات، كما عبّر عن عزمه على العمل مع ترامب من أجل تطوير التعاون الثنائي بما يخدم مصالح البلدين المشتركة.

وتُعتبر هذه الرسالة مؤشرا على أن الجزائر قد تقبلت الواقع السياسي الجديد وأنها مستعدة للتعاون مع ترامب رغم تباين المواقف حول قضايا إقليمية حساسة، كما تُعتبر مؤشرا وفي الوقت ذاته، على أن الجزائر قد تخلت عن الأمل في أن تتمكن الولايات المتحدة من تعديل موقفها تجاه قضية الصحراء، وهي القضية التي تضعهما في مقدمة تحركات علاقاتها الخارجية.

جدير بالذكر أن العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وجه رسائل قوية في خطابه ليوم الأربعاء بمناسبة الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، لخصوم المغرب في قضية الصحراء، وأكد على أن المملكة المغربية رسخت "واقعا ملموسا" في الصحراء لا يُمكن تغييره، من خلال تشبث الصحراويين بمغربيتهم وتعلقهم بمقدسات الوطن، و"النهضة التنموية، والأمن والاستقرار، الذي تنعم به" المنطقة، إضافة إلى "الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء، والدعم الواسع لمبادرة الحكم الذاتي".

وتضمن الخطاب إشارات واضحة للجزائر وجبهة البوليساريو الانفصالية، منبها إياهما إلى "أوهام الماضي" التي يعيشان عليها في قضية الصحراء، وتشبثهما بـ"أطروحات تجاوزها الزمن" كالمطالبة بالانفصال أو إجراء الاستفتاء، أو استغلال قضية الصحراء لتجاوز مشاكلهما الداخلية أو الحصول على منفذ نحو الأطلسي.

وقال الملك بهذا الخصوص، "نحن لا نرفض ذلك؛ والمغرب كما يعرف الجميع، اقترح مبادرة دولية، لتسهيل ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، في إطار الشراكة والتعاون، وتحقيق التقدم المشترك، لكل شعوب المنطقة"، وبخصوص من يرغب في الانحراف بالجوانب القانونية لقضية الصحراء قال الملك "إن الشراكات والالتزامات القانونية للمغرب، لن تكون أبدا على حساب وحدته الترابية، وسيادته الوطنية".

جدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، كان قد وقع في 2020 على الاعتراف الرسمي الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، في إطار اتفاق سلام ثلاثي كان من ضمنه تطبيع المغرب للعلاقات مع إسرائيل، وهو ما عزز الموقف المغربي أكثر في قضية الصحراء.

ومنذ إعلان الولايات المتحدة دعمها لسيادة المغرب على الصحراء، انضافت دول أخرى، في مقدمتها إسبانيا التي أعلنت عم دعمها لمبادرة الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية، وذلك في 2022، ثم انضافت فرنسا هذا العام كأحد أبرز الدول الداعمة لسيادة المغرب على الأقاليم الصحراوية الجنوبية، ليكون المغرب قد خطى خطوات متقدمة نحو إنهاء هذا النزاع تحت سيادته الكاملة للصحراء.

النظام الجزائري.. أسير الشيخوخة وإرث الماضي وأحقاده

حين بث التلفزيون الرسمي الجزائري مشاهد استقبال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لنظيره الرواندي بول كغامي، يوم 3 يونيو 2025، كان في حقيقة الأمر، ودون أن يدري، يضع الرَّجُلين في ...