موريتانيا تصبح نقطة عبور في مسار قوارب هجرة الأفارقة الحالمين بالوصول إلى أوروبا.. وإسبانيا تسعى إلى تسييرها بطريقة آمنة ومنظمة
منذ فترة، أصبحت موريتانيا -التي تمتد حدود مياهها الاقليمية إلى قرابة 600 ميل- نقطة عبور رئيسية في مسار المهاجرين غير النظاميين القادمين من دول إفريقيا والحالمين بالوصول إلى أوروبا عبر السواحل الإسبانية، مستغلين قوارب خشبية متهالكة يموت بعضهم غرقا والبعض الآخر تنتهي رحلة حلمه في قبضة خفر السواحل الموريتانية أو المغربية في أحسن الأحوال والمحظوظون من يتمكنوا من بلوغ شواطئ جزر الكناري.
وفي نهاية شهر غشت الماضي زار رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز العاصمة الموريتانية نواكشوط في رحلة قادته لثلاثة بلدان إفريقية: موريتانيا، غامبيا والسنغال بصفتهم باتوا نقاط انطلاقة أغلب المهاجرين الأفارقة، الزيارة هي الثانية له في ظرف أقل من ستة أشهر بعد أن زار نواكشوط في فبراير الماضي رفقة رئيسة المفوضية الأوروبية أرسولا فون دير لاين وأعلنا حينها عن تقديم دعم سنوي من الاتحاد الأوروبي لموريتانيا بلغ 200 مليون أورو كما وقعا اتفاقيات بشأن محاربة الهجرة والبحث عن حلول تضمن دمج المهاجرين في الحياة الاقتصادية الاجتماعية عبر تمويل المشاريع الاقتصادية وتقديم المنح والقروض.
الأمر الذي أثار جدلا كبيرا وقوبل بتنديد واسع تمثل في مظاهرات في عدة مدن موريتانية وبيانات رافضة من أحزاب معارضة وهيئات مجتمع مدني وناشطين على وسائط التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرت الاتفاقية مجحفة وتسعى إلى جعل موريتانيا وطنا بديلا ومستقرا نهائيا لهؤلاء المهاجرين وهو ما نفته الحكومة الموريتانية في عدة مناسبات -تارة عبر بيان لوزارة الداخلية الموريتانية وتارة على لسان الوزير الناطق باسم الحكومة الموريتانية بعد سؤاله عن الموضوع عقب اجتماع لمجلس الوزراء- مؤكدة أن هذه الاتفاقيات لا تضر بالمصلحة العامة ولا تتسبب في أي خطر على البلد.
رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في زيارته الثانية قبل أيام جاء يحمل وعودا جديدة لنواكشوط من أجل إقناع السلطات الموريتانية بتوقيع الاتفاقية للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين، تمثلت في الإعلان عن خطة لاحتواء وتنظيم الهجرة عبر فتح إسبانيا المجال للمهاجرين لكن بطريقة نظامية ومنتظمة لتكون موريتانيا من بين 11 دولة وقعت مع المملكة الإسبانية اتفاقيات لتنظيم الهجرة من بينها: المغرب، كولومبيا، هندوراس، الاكوادور، السنغال، الأرجنتين وأوروغواي.. توفر هذه الدول مجتمعة قرابة 20 ألف عامل سنويا رغم حاجة إسبانيا لحدود 300 ألف عامل مهاجر سنويا الأمر الذي جعلها تتبنى خطة للهجرة تراعي حقوق الإنسان والاندماج المهني والاجتماعي عبر الهجرة النظامية.
الاتفاقية التي وقعها البلدان يجري العمل بها مدة عام وأكدت على ضرورة عودة العمال إلى موريتانيا بعد انتهاء عقودهم، حيث تسعى الحكومة الموريتانية عبر ما بات يعرف ببرنامج الهجرة الدائرية إلى توفير فرص عمل مهمة للتخفيف من أرقام البطالة المرتفعة بالاضافة إلى تحقيق فوائد اقتصادية طويلة الأمد للبلاد.
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، قال خلال مؤتمر صحفي إنه واثق في إلتزام رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز لتسهيل الهجرة الشرعية للموريتانيين إلى إسبانيا وأوروبا، وتشجيع الهجرة الدائرية.
رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز بدوره اعتبر أن الاستراتيجية الجديدة ستساهم في الحد من الهجرة غير الشرعية وتحويلها إلى هجرة بطريقة انسانية وآمنة ومنظمة كما أشار إلى أنها ستساهم في الحد من نشاط شبكات التهريب والمتاجرة بالبشر.
في هذا السياق، أكد الصحفي المصطفى سيديا أن مضامين الاتفاق المبرم بين البلدين لم تكن واضحة بما يكفي ولم يتم شرحه ولا توضيحه مشيرا إلى أن المخاوف التي أثيرت تبقى مطروحة. وأضاف: "لست واثقا من تطمينات وحجج الحكومة حول التهديدات، مؤكدا أن موريتانيا بحكم تنوعها العرقي قد يساهم استقرار هؤلاء المهاجرين في تغيير التركيبة الديمغرافية لسكان البلد.