نزيف النزاعات المالية وتعدد شكاوى "الأخلاقيات".. هل يفسد الناصيري ما يبنيه المغرب في العمق الإفريقي؟

 نزيف النزاعات المالية وتعدد شكاوى "الأخلاقيات".. هل يفسد الناصيري ما يبنيه المغرب في العمق الإفريقي؟
الصحيفة - عمر الشرايبي
السبت 16 يوليوز 2022 - 14:12

مازالت ملفات النزاعات المالية التي تخص نادي الوداد الرياضي البيضاوي، تتقاطر على ردهات غرف النزاعات الكروية، ممثلة في لجنة النزاعات التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أو محكمة التحكيم الرياضية الدولية "TAS"، آخرها النزاع القائم مع اللاعب الدولي التنزاني سايمون مسوفا، المهاجم السابق للفريق "الأحمر".

مقابل الإنجازات الرياضية الاستثنائية التي تحققت في عهدة الرئيس سعيد الناصيري، يظهر وجه مظلم لفترة تسيير الأخير، ارتبطت بالأساس في شق التدبير والحكامة المالية، ما جعل المسؤول الكروي "زبونا" مألوفا عند هيئات التقاضي الرياضي، بداية بقضية "القرن" الخاصة بنهائي "رادس" أمام الترجي التونسي، مرورا برفوف "الطاس" حيث عشرات النزاعات مع لاعبين وأطر تقنية سابقة.

مع تكرار المشهد بشخصيات متنوعة، يظل سعيد الناصيري نفسه محط أصابع الاتهام، حيث تحوم حوله شبهات فساد كبيرة واتهامات في ملفات "تزوير"، ناهيك عن بعض الانتهاكات في حقوق بعض اللاعبين الأفارقة الأجانب الذين مروا عبر أسوار مركب "محمد بنجلون"، بعضهم اختار التصعيد وكشف "المستور" عبر الإعلام المحلي والدولي.

التنزاني سايمون مسوفا.. حكم بـ 700 مليون وقضية رأي عام!

بحر الأسبوع الجاري، تفجرت قضية اللاعب الدولي سايمون مسوفا، اللاعب السابق لفريق الوداد الرياضي البيضاوي، والذي حكمت له لجنة النزاعات التابعة للاتحاد الدولي "فيفا" بأزيد من 700 ألف دولار، نظير مستحقاته العالقة في ذمة النادي المغربي، الأخير الذي فك ارتباطه باللاعب مع منتصف الموسم المنصرم.

مسوفا، اختار أن يلم صحافة بلاده، من خلال مؤتمر صحافي، أماط فيه اللثام عن عدة جوانب "مظلمة" في مقامه رفقة الوداد، متهما إدارة النادي برئاسة سعيد الناصيري، ببعض الممارسات "اللاحترافية" ما دفعته للمغادرة والبحث عن سبل احتراف أخرى، متشبثا بحقه في التوصل بمستحقاته المادية، وفق سلك المساطر القانونية اللازمة.

وفي تصريح نقله موقع "Plus Tv" التنزاني، على لسان اللاعب سايمون مسوفا، قال الأخير إنه "لا أرغب السماع شيئا عن المغرب، كما إنه لا يمكنني ولا أرغب في العودة إلى المغرب"، مردفا "هناك شخص واحد جعلني أكره المغرب وهو رئيس الوداد الرياضي، حيث وصلت إلى الحد الذي جمدوا فيه حساباتي البنكية".

ملف باباتوندي.. "فيتو" الانتدابات وشبهات "التزوير"

في فبراير من العام الماضي، وضع اللاعب النيجيري ميشيل باباتوندي، فريقه السابق الوداد الرياضي البيضاوي، في وضعية صعبة، بعد أن قضت غرفة النزاعات التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، لصالحه، بقرابة 557 ألف دولار، وهو الحكم الذي تسبب في حرمان النادي "الأحمر" من انتداب لاعبين جدد خلال مرحلة الانتقالات الشتوية.

وجاء في منطوق حكم الهيئة الدولية، الذي توصلت "الصحيفة" بنسخة منه، أن اللاعب النيجيري يدين للوداد بمستحقات عالقة منذ فبراير 2020 لغاية يوليوز 2021، حيث منحت لجنة النزاعات مهلة من أجل تسويتها، إلا أن تماطل إدارة الوداد جعل الـ FIFA تفعل مسطرة العقوبات التأديبية، بداية بمنع الفريق من دخول "المركاتو" والتي قد يصل مداها إلى غاية الحرمان من المشاركة القارية من قبل الـ CAF.

وكان الوداد قد خسر معركته القانونية في مواجهة باباتوندي، رغم تكليف مكتب محاماة بلجيكي، في أكتوبر الماضي، من أجل الترافع في قضية نزاعه مع لاعبه النيجيري، الأخير الذي لجأ إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" من أجل المطالبة بمستحقاته العالقة، والتي قدرها 723 ألف دولار.

غرفة النزاعات التابعة للاتحاد الدولي "فيفا"، سبق لها أن وجهت مراسلة إلى إدارة الوداد، بتاريخ 5 أكتوبر ، تضم 144 صفحة (يحتفظ موقع الصحيفة بنسخة منها)، تخص الشكوى التي تقدم بها النيجيري باباتوندي، مطالبة إياها بالرد على ما جاء فيها من دلائل مادية لتحويلات بنكية ونسخة من عقد اللاعب وبعض التفاصيل المرتبطة بالمستحقات العالقة، وذلك في الآجال المخولة.

وكان دفاع باباتوندي قد تقدم بطعن ضد الدفوعات التي قدمتها هئية دفاع النادي "الأحمر"، ممثلة بالمحامي البلجيكي بارتولومي ساري، الأخير الذي قدم ملفا متكاملا من 122 صفحة (يحتفظ موقع الصحيفة بنسخة منه)، لدى هيئة النزاعات التابعة للاتحاد الدولي FIFA، والتي اعتبر فيها الأخيرة "غير مؤهلة" للبث في النزاع، مستعرضا عدة نصوص قانونية وقرائن تبرئ ذمة موكله (الوداد) بخوص المطالب المالية للاعب.

ومن بين الوثائق التي ضمها المحامي البلجيكي، نسخة من وثيقة تنازل، بتاريخ 18 مارس 2021، تحمل توقيع وبصمة اللاعب ميشيل باباتوندي، يقر من خلالها توصله بما مجموعه مليون و563 ألف درهما، نظير مستحقاته للموسم الرياضي 2020/2021، كما يلتزم بعدم متابعة نادي الوداد الرياضي في أي مسطرة بهذا الشأن.

هذه الوثيقة التي توصل بها الموقع، أثارت استغراب هيئة دفاع اللاعب النيجيري، التي اعتبرت أن التوقيع والبصمة لا يخصان ميشيل باباتوندي، وأنه تمت "تزوير" في الوثيقة المدرجة ضمن دفوعات الوداد، ما سيترتب عنه سلك مساطر قانونية للطعن في الأمر لدى الجهات المختصة.

وكان النيجيري ميشيل باباتوندي، قد أعلن رحيله عن نادي الوداد الرياضي، بعد انتهاء عقده، مع متم يونيو الماضي، معلقا على ذلك عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي "انستغرام" بالقول "كانت سنوات رائعة رفقة الوداد، لم يكن أي من هذا ممكنا لولا دعم النادي".

وتابع "شكر خاص لجماهير النادي وزملائي في الفريق والموظفين، والمدربين، الذين كانوا يثقون بي، وقدموا لي فرصة للتطور كلاعب.. شكرا للجميع في الوداد.. وداعا وشكرا جزيلا على كل شيء.واختتم باباتوندي: “ستظل الوداد في قلبي إلى الأبد.. حافظوا على العلم مرفوعا".

الدولي النيجيري السابق، وقع في كشوفات الوداد، في يوليوز 2018، قادما من فريق قطر القطري، إلا أن لم يدخل ضمن أولويات الأطقم التقنية التي تعاقبت على الفريق، خلال الموسمين الماضيين، إذ لم يشارك سوى في ست مباريات خلال الموسم المنصرم رفقة الإطار التونسي فوزي البنزرتي.

اللاعب الأوغندي جويل مادوندو.. قصة "معاناة" في الدار البيضاء

في يونيو من سنة 2020، فجّر اللاعب الدولي الأوغندي جويل مادوندو، مهاجم فريق الوداد الرياضي لكرة القدم، حينها، أسرارا خطيرة، عن الظروف الصعبة التي يعيشها في مدينة الدرا البيضاء، وذلك بعد أشهر من توقيعه لعقد احترافي مع النادي "الأحمر"، يَمتد لثلاث مواسم.

اللاعب الأوغندي، خص موقع "Daily Monitor" المحلي، بتصريحات نارية، نشرت اليوم الجمعة، أماط من خلالها اللثام على عدة جوانب مرتبطة بمقامه في المغرب، خاصة فيما يتعلق بالسكن في شقة مكتراة، يعاني من صرف واجباتها، منذ مارس الماضي، مؤكدا في هذا الصدد "ورطني نادي الوداد الرياضي في كراء شقة بسومة 1000 دولار شهريا، اظطررت معها إلى اللجوء إلى وكيل أعمالي من أجل دفعها على أن أعوضه بعد دفع مستحقاتي، الأخيرة التي لم أتوصل بها، باستثناء آخر مبلغ حصلته عليه، يصل إلى 1400 دولار، وذلك في  20 فبراير الماضي".

وتابع المهاجم الأوغندي، قائلا "استغليت المنحة الأخيرة من أجل شراء بعض الدقيق لتحضير وجبات Chappatis، ولكم أن تتصوروا أنني أكتفي بأكل هذه الوجبة منذ قدومي إلى الوداد، من أجل إنقاذي نفسي من الجوع"، مؤكدا في الآن ذاته أنه يتلقى دعم بعض الأصدقاء وزملائه في الفريق من أجل سد الخصاص الذي يعاني منه.

في هذا الصدد، قال مادوندو إنه تعرض للإهمال من قبل مسؤولي ناديه، الذي لم يتواصلوا معه منذ 14 مارس الماضي، مضيفا "زملائي اللاعبين من ساحل العاج ونيجيريا هم من يساعدونني.. فقبل جائحة كورونا، كنت أستخدم سيارات الأجرة من وإلى التدريب، إذ يكلفني ذلك 30 درهما يومياً، حينها، اعتاد أحد الاعبيين الإيفواريين في الوداد على إعادتي إلى المنزل كما ساعدني زميلي الآخر في الفريق، مايكل باباتوندي، لاعب خط الوسط النيجيري، في الحصول على شبكة Wi-Fi التي أستخدمها للبقاء على اتصال بالعالم الخارجي".

من جانب آخر، كشف التقرير ذاته، أنه عندما وصل مادوندو إلى المغرب، استولى النادي على جواز سفره بزعم استخدامه لمعالجة تصريح عمل، لكن مسؤولي الوداد تجاهلوا مناشداته بإعادة جواز السفر إلى حيازته، كما يقول اللاعب في تصريحاته.

"ليس لدي أي مستند وهذا أمر محفوف بالمخاطر هنا.. أخبرني مدير النادي أنه إذا أوقفتني الشرطة، أن أذكر الوداد ولن يحدث شيء "، وهو التصريح الذي أسال مداد الإعلام المحلي وتداولته الصفحات النشيطة على منصات التواصل الإجتماعي.

قضية سيسوكو.. نزاع مالي و"تزوير بصمة"!

يعتبر اللاعب الدولي المالي السابق سليمان، من بين اللاعبين الأجانب الذين دخلوا في مواجهة مباشرة مع إدارة الوداد، حيث سبق للمهاجم الإفريقي أن أجرى خبرة قانونية على ملف نزاعه مع ناديه السابق الوداد الرياضي، أتبثت أن الأخير متورط في قضية "تزوير"، وذلك بعد أن لجأ اللاعب إلى محكمة التحكيم الرياضية "TAS" للمطالبة بمستحقاته المالية العالقة التي تصل إلى أزيد من 180 مليون سنتيم.

جلسة الاستماع في القضية الستلفة الذكر ، التي انعقدت في شتنبر من العام الماضي، عبر تقنية التواصل عن بعد، والتي استغرقت أزيد من سبع ساعات، تميزت بمرافعة من الخبيرة القانونية الفرنسية، أكدت فيها الأخيرة أن المستندات التي تقدم بها الوداد من أجل إتباث تنازل اللاعب سليمان سيسوكو عن مستحقاته، لا تحمل توقيعه، كما أن البصمة المدرجة ضمنها لا تتوافق مع الشروط العلمية.

وثيقة أصل إبراء اللاعب المالي سليمان سيسوكو من البصمة الأولى

من جانبه، كان النادي "الأحمر" قد استعان بخبرة مضادة مغربية من أجل دحض الأطروحة الفرنسية والدفاع عن مصالح الوداد، خاصة وأن الأخير يدخل المواجهة ومعه حكم ابتدائي يصب في مصلحته، حيث أن دفاع المهاجم المالي يطعن في مصداقية الوثائق التي أدلى بها النادي "الأحمر" أمام لجنة نزاعات الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والتي تفيد بتنازل اللاعب عن مستحقاته.

في أبريل الماضي، أصدرت محكمة التحكيم الرياضي الطاس قرارها بشأن الطعن الذي تقدم به فريق الوداد الرياضي ضد قرار لجنة العقوبات والتأديبب بالإتحاد الدولي لكرة القدم، في قضية نزاعه مع اللاعب المالي سليمان سيسوكو، حيث رفضت المحكمة قرار طعن الوداد، مقابل إنصاف اللاعب مجددا وإلزام الفريق "الأحمر" بتنفيذ القرار.

وقضت محكمة طاس" بتأدية إدارة الوداد الرياضي للمبلغ المحكوم به مع إضافة %5 منذ أكتوبر 2017 مع تحمل مصاريف المسطرةوغرامة 20000 فرانك سويسري، إضافة إلى تكاليف الطعن.

منطوق حكم TAS النهائي في قضية سليمان سيسوكو

ومنحت المحكمة الدولية للفريق المغربي مهلة نهائية مدتها 30 يوما، اعتبارا من تاريخ التبليغ النهائي بهذا القرار، قصد تنفيذ مضامينه وتمكين اللاعب سليمان سيسوكو من كامل مستحقاته المالية، إذ أنه في حالة عدم الامتثال الكامل للقرار، سيتم إصدار عقوبات أخرى مشددة في حق الوداد، ستبقى سارية إلى غاية تمكين اللاعب من كامل مستحقاته.

وكانت غرفة التحكيم الرياضي "TAS"، قد قضت، في أبريل من العام الماضي، بأداء نادي الوداد الرياضي لكرة القدم، لغرامة مالية تقدر ب200 مليون سنتيم، في قضية نزاعه مع لاعبه المالي السابق سليمان سيسوكو، مع منح آجال عشر أيام من أجل استئناف الحكم.

وبالرغم من "الانتصار" في ردهات محكمة التحكيم الرياضي، إلا أن سيسوكو يحتفظ بكامل حقوقه من أجل سلك مسطرة المتابعة القانونية بشأن قضية "تزوير البصمة"، والتي من شأنها أن تجر مسؤولين مغاربة للمساءلة، خاصة وأن الملف، مر عبر لجنة النزاعات التابعة للجامعة الملكية المغربية قبل وصوله لردهات الـ TAS.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

"بغيتلك الحبس"!

في 30 مارس 2015، شارك مصطفى الرميد، في لقاء بالرباط نظمه مركز "مالكوم كير كارنيغي للشرق الأوسط"، حول إصلاح منظومة العدالة في العالم العربي، والذي استحضر تجارب المغرب وتونس ومصر ...