هل زودت إيران جبهة البوليساريو الانفصالية بصواريخ "أراش" لضرب مدينة السمارة في الصحراء المغربية؟

 هل زودت إيران جبهة البوليساريو الانفصالية بصواريخ "أراش" لضرب مدينة السمارة في الصحراء المغربية؟
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 15 نونبر 2023 - 12:08

مازال الترقب سيد الموقف فيما يتعلق بنتائج التحقيقات التي باشرتها السلطات القضائية المغربية بمعية بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء "مينورسو"، بشأن استهداف مدينة السمارة، جنوب المغرب، بقذائف متفجرة الشهر الماضي، وأسفرت عن مقتل شخص واحد وإصابة ثلاثة آخرين.

في انتظار ذلك، تُوجَّهُ كل أصابع الاتهام إلى جبهة "البوليساريو" الانفصالية بالوقوف وراء هذه الهجمات التي استهدفت المدنيين، خصوصا بعد تأكيد العديد من قياداتها، وكذا، عبر "بلاغ عسكري" يحمل رقم 901 نشرته بما تسميه "وكالة أنباء"، أكدت من خلاله أن عناصرها نفذوا "هجومات بقطاعات المحبس، السمارة، والفرسية، مخلفة خسائر فادحة في تكنات وتخندقات العدو"، على حد توصيفها.

وفي الوقت الذي توعد ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، جبهة "البوليساريو" بالرد على "الهجوم الإرهابي" وفق القانون الدولي، مازالت المعطيات حول المقذوفات التي استعملت في هذا الاستهداف لم تتضح بعد، خصوصا وأن الجبهة الانفصالية استهدفت لأول مرة مدينة داخل التراب المغربي بالصحراء منذ اتفاق وقف اطلاق النار سنة 1991 بين "البوليساريو" والمملكة المغربية، برعاية أممية.

عناصر من جبهة البوليساريو يحملون صاروخا متوسط المدى يفترض أنه من "أراش" الإيراني الصنع.

في هذا السياق، تبرز معطيات لم تؤكدها الجبهة الانفصالية ولا السلطات المغربية تشير إلى أن "البوليساريو"، ربما، استخدت نسخة مطورة من صواريخ "أراش" عيار 122 ملم الإيرانية الصنع في استهداف مدينة المسارة، وهي المعطيات المسنودة بصور تم تداولها تظهر عناصر الجبهة الانفصالية، وهم يحملون لما يفترض أنه نسخة من هذا الصاروخ التي يصل مداه إلى 20 كلم، وقد تصل نسخته المطورة إلى 40 كلم، طورته إيران بالاعتماد على صوارخ "الكاتيوشا" الروسية الصنع، حيث يبلغ وزنه 64 كيلوغراما ويصل مداه إلى 22 كيلومترا، وهو مزود برأس حربي يزن 19 كيلوغراما.

وما يزيد تعزيز هذه المعطيات، هو الأسلحة التي تتوفر عليها الجبهة الانفصالية التي لا يدخل ضمنها أي نوع من الصواريخ أو المقذوفات القادرة على ضرب مدينة في الصحراء المغربية، خصوصا إذا كانت مدينة السمارة التي تبعد عن الحدود الجزائرية بما يزيد عن 250 إلاّ إذا دخلت إلى المنطقة العازلة التي تغطيها الطائرات المسيرة المغربية وتمنع أي تحرك عسكري داخلها، ما يعزز، عمليا، استهداف مدينة السمارة بصواريخ "أراش" الإيرانية الصنع، وُجهت في من داخل الأراضي الموريتانية بعد تسلل عناصر الجبهة إلى داخلها لضعف التغطية الأمنية على طول الشريط الحدودي بين الجزائر وموريتاينا. 

دعم إيران لجبهة البوليساريو الانفصالية، سبق أن كان سببا في قطع الرباط لعلاقتها الديبلوماسية مع طهران سنة 2018، حيث أكد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة أن المغرب قطع علاقتها مع إيران بسبب دعمها للجبهة الانفصالية، وكذا، إرسال "حزب الله" الشيعي، بتنسيق مع ملحق ديبلوماسي بسفارة إيران في الجزائر، صواريخ أرض جو من طراز سام 9 وسام 11 وستريلا لجبهة "البوليساريو"، وهو ما يشكل تهديدا للأمن القومي للمغرب.

في هذا السياق، يرى محمد شقير، الخبير في الشؤون العسكرية، أن مسألة دعم إيران للبوليساريو تدخل في إطار استراتيجية كبرى تقوم بالأساس على المظهر الايديولوجي أولا، ذلك أن هناك تباين كبير ما بين المسار الديني، والمنظومة السنية للمغرب، والمنظومة الشيعية الايرانية، وهو الخلاف الذي استهل منذ فترة الملك الحسن الثاني عندما كان هناك تبادل للتهم والتكفير بين القصر الملكي والخميني، فيما المظهر الثاني يكمن في التحالف الاستراتيجي بين النظام الجزائري والنظام الإيراني وتقويتهما للعلاقات، وبفضل نقطة الالتقاء في عدائهما المشترك للمغرب، كدولة مساندة للغرب ولها علاقات وشراكات مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.

شقير وفي تصريح لـ "الصحيفة"، أشار إلى أن أهم الأسباب والعوامل التي ممكن أن تؤدي إلى هاته المساندة الإيرانية للجبهة الانفصالية، هي الاتفاق الذي وقعه المغرب مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، مضيفا: "ندرك العداء الذي تكنه إيران لكل من الطرفين وخاصة إسرائيل التي تعتبر عدوها الاستراتيجي الأساسي، وبالتالي طهران ترى أن في إبرام هذا الاتفاق سيكون لإسرائيل موطئ قدم في شمال إفريقيا، ما ساهم بشكل كبير في هذا الدعم".

معطيات تقنية عن صاروخ "أراش" الذي طورته إيران

وأشار الخبير العسكري، إلى أن استراتيجية إيران في التمدد الاقليمي تقوم على مساندة مجموعة من التنظيمات المسلحة سواء حزب الله في لبنان أو حماس في قطاع غزة، موردا أن استراتيجية التمدد الايراني "تقوم على دعم التنظيمات المسلحة وقد وجدت في البوليساريو أحد الجبهات التي يُمكن أن تقوم بتوظيفها في إطار هذا التمدد والتواجد في شمال أفريقيا التي تعتبرها منطقة من الضروري أن تقتحمها بشكل من الأشكال سواء من خلال التحالف مع الجزائر أو توظيف البوليساريو في هذا النطاق".

وبالإضافة إلى إيفاد إيران لخبراء عسكريين من حزب الله يقومون بتدريب عناصر البوليساريو، شدّد شقير على أنه "إذا تبث أن نوعية الصواريخ المستعملة في أحداث السمارة من صنع إيراني، فهذا سيؤكد إلى حد كبير بأن البوليساريو تتزود بالسلاح والصواريخ من طهران، وهي المعلومات التي كانت متداولة سابقا، والاتهامات التي وجهها المغرب، وسيُظهر أن طهران بالفعل متواجدة في القارة عبر أذرعها ميليشيات المغرب وأنها تستهدفه".

هذا، وكانت صحيفة "دي فيلت" الألمانية قد نشرت تحقيقا أكدت من خلاله أن طهران تعمل على مد نفوذها في شمال أفريقيا عبر الدعم العسكري لجبهة البوليساريو عن طريق سفارتها في الجزائر، مشيرة إلى أن أجهزة الاستخبارات الغربية أظهرت أن طهران تعمل على توسيع نفوذها منذ عدة سنوات، عبر شبكة عالمية من الميليشيات تدعمها بالسلاح والمال والتدريب لتستغلها لصالحها ضد الغرب ككل والولايات المتحدة وإسرائيل على وجه الخصوص.

وامتدت هذه الشبكة إلى جبهة البوليساريو التي تعتبر أبرز مثال على نهج طهران التوسعي، معتبرة أنها "مشروع انفصالي في الصحراء المغربية تتمركز في مخيمات تندوف للاجئين في جنوب الجزائر وتحظى بدعم كبير من النظام في هذا البلد".

وتؤكد التقارير الاستخباراتية الجديدة، صحة التقارير المغربية، حيث حصلت "دي فيلت" على تسجيلات ونصوص المحادثات الهاتفية بين ممثلي البوليساريو وعميل يقول أنه جهة اتصال لحزب الله من ساحل العاج يدعى مصطفى محمد الأمين الكتاب وهو ضابط اتصال البوليساريو في سوريا والمسؤول عن الشرق الأوسط.

وأصبحت البوليساريو أكثر فائدة لطهران منذ توقيع اتفاقيات بين المغرب وإسرائيل، حيث أصبحت المملكة محور محاولات إيران لزعزعة استقرار المنطقة عبر جبهة البوليساريو، بحيث كشفت "دي فيلت" في بداية العام عن شبكة حوالات تعمل انطلاقا من إسبانيا ومخيمات تندوف في الجزائر وتحافظ على اتصالات وثيقة مع جبهة البوليساريو وإيران ولبنان وحزب الله.

وأضافت أن إيران تخفي مساعداتها المالية لحزب الله وحماس، وربما أيضا لجبهة البوليساريو بمساعدة شبكات الحوالة التي يكاد يكون من المستحيل تتبع تدفقاتها النقدية.

من جانبه، أكد إحسان حافيظي، أستاذ جامعي خبير في السياسات الأمنية، أن الهَجمات الإرهابية لجبهة بوليساريو على مدينة السمارة تُعزز الأطروحة المغربية التي تربط الانفصال بالإرهاب. 

وأوضح حافيظي في حديثه لـ "الصحيفة"، أن الأسلوب الذي تمت به العملية يتشابه تماما مع نهج إيران في المنطقة العربية، ذلك أنها تتبنى "وكلاء"، ينفذون مهام نيابة عنها، توفر لهم التدريب والتسليح، وكل وكلائها جماعات مسلحة. 

وأشار المتحدث، إلى أن هذا التشابه يربك نظام العسكر في الجزائر لأنها تدرك أن تبني "جبهة بوليساريو" للعملية العسكرية في السمارة قد تَفهم منه الولايات المتحدة أنها رسالة إيرانية تستهدف حلفائها في العالم. ولفت الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، إلى أن المغرب الحليف الاستراتيجي سياسيا وأمنيا وعسكريا بات على الأجندة الإيرانية الجزائرية في منطقة شمال إفريقيا عبر وكيل اسمه "بوليساريو".

ولفت المتحدث، إلى أن ورطة النظام الايراني بدأت داخل الاراضي الجزائرية منذ ترحيل الملحق الثقافي في السفارة الايرانية بالجزائرية بعد تورطه في الدعاية لحزب الله والمشروع الايراني في شمال افريقيا، معتبرا أن العملية الإرهابية على مدنيين في السمارة "واضحة وتكمن في أن هذه العملية تكشف للعالم من يعبث باستقرار وأمن المنطقة، فالجزائر هي التي تسلح وتمول وتدعم وتدرب وتحرض، وبالتالي فهي المسؤولة سياسيا وأخلاقيا عن أفعال البوليساريو".

وكان حسين أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني، قد عبر يونيو الماضي عن رغبة بلاده في "تطبيع العلاقات مع المملكة المغربية" مؤكدا في لقاء نظمته وزارة الخارجية، بحضور سفراء الدول الإسلامية المعتمدين لدى إيران، أن بلاده ترحب بتطور العلاقات، والتطبيع مع الدول الإقليمية والمسلمة الأخرى، بما في ذلك مصر والمغرب.

وأشاد عبد اللهيان بسياسة تطوير العلاقات وتعزيز التعاون مع دول الجوار، مؤكدا أنها تأتي ضمن أولويات السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية.

قسوة الفراغ!

صُور غارقة في الألم تلك التي تأتينا من مدينة الفنيدق على مدخل سبتة المُحتلة، حيث يتجمهر المئات من المغاربة ومعهم مهاجرين من تونس والجزائر ومن دول جنوب الصحراء، أغلبهم أطفال ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...