وصول الأباتشي إلى المغرب.. مروحيةٌ قتالية لا تملكها أي من دول الجوار حملت معها رسائل من الرباط حول الصحراء

 وصول الأباتشي إلى المغرب.. مروحيةٌ قتالية لا تملكها أي من دول الجوار حملت معها رسائل من الرباط حول الصحراء
الصحيفة – حمزة المتيوي
الخميس 6 مارس 2025 - 17:08

ليس من المعتاد أن تكشف القوات المسلحة الملكية أو الوزارة المنتدبة المكلفة بإدارة الدفاع الوطني، أي معطيات أو صور عن تسلمها أسلحة أو معدات دفاعية جديدة، الأمر الذي يُفهم في إطار السرية المُحاطة بالقُدرات العسكرية للمملكة، والتحفظ الذي يطبع التعامل مع عمليات التسليح لدى العديد من جيوش العالم.

هذا الأمر تحديدا، هو ما يجعل إقامة حفلٍ لاستقبال 6 وحدات من مروحيات "أباتشي" القتالية، الأولى من نوعها التي يتسلمها الجيش المغربي، أمرا غير عادٍ، وتدفعُ العديد من الظروف المرافقة للحدث، إلى جانب السياق المتسم بعودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، إلى فهم الأمر على أنه "رسالة إلى من يهمه الأمر".

استقبال رسمي غير معهود

وكانت القاعدة الجوية الأولى بسلا، هي التي احتضنت مراسيم استقبال المروحيات الست من طراز أباتشي AH-64E، بعد وصولها إلى المغرب عبر ميناء طنجة المتوسطي، ووفق ما ذكره بلاغ للقوات المسلحة الملكية نشرته عبر صفحتها المُوَثَّقَة في موقع "فيسبوك" باللغتين العربية والإنجليزية، فإن إقامة هذا الحدث أمس الأربعاء، جاء بتعليمات من الملك محمد السادس بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.

الحفل شهد حضورا رسميا مكثفا، تقدمه عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، ورياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، وفوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، إلى جانب الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، والفريق أول محمد حرمو، قائد الدرك الملكي، والفريق جوي محمد كديح.

أما عن الجانب الأمريكي، فحضرت إيمي كوترونا، القائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة بالمغرب، التي تتولى هذه المهام إلى حين تعيين السفير الجديد من طرف إدارة ترامب، والذي قد يكشف اسمه الكثير بخصوص مستقبل العلاقات بين الرباط وواشنطن على العديد من الأصعدة، خصوصا الجيوسياسية والعسكرية والاقتصادية، لكن الحضور الأمريكي اللافت للانتباه كان للجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم".

سلاح جوٍ نوعي

زيارة لانغلي للمغرب، في سياق تسليم الرباط لمروحيات "الأباتشي"، هي الأولى له خلال الولاية الثانية لترامب، وتأتي بعدما كان قد حل بالجزائر بتاريخ 22 يناير 2025، أي بعد يومين فقط من أداء الرئيس الأمريكي اليمين الدستورية، ولم يرشح الكثير عن دوافع تلك الزيارة حينها، التي التقى خلالها الوزير الجزائري المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش، الفريق السعيد شنقريحة، باستثناء توقيع مذكرة تفاهم للتعاون العسكري.

إلا أن قدوم لانغلي إلى المغرب يأتي في ظروف مختلف تماما، فالمسؤول العسكري الأمريكي كان شاهدا على تسلُّم الجيش المغربي لطائرات "الأباتشي" العمودية القتالية الأكثر كفاءة في العالم، التي تشكل العمود الفقري لسلاح المروحيات الأمريكي، بما يناهز 1300 وحدة، وليكون بذلك واحدا من بين 17 دولة فقط عبر العالم تمتلكها، من بينها بريطانيا وإسرائيل والهند واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وهولندا وتايوان.

ومن شأن هذه الصفقة أن تضيف العديد من النقاط لفائدة سلاح الجو المغربي، في موجهة محيطه الإقليمي، فلا أحد من دول الجوار يمتلك مروحيات "الأباتشي"، سواء الجزائر أو إسبانيا أو موريتانيا، وعلى المستوى القاري هناك دولة واحدة أخرى فقط تتوفر عليها في إفريقيا هي مصر، وتنضاف إليها في المنطقة العربية 3 دول كلها من الخليج، هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر.

صفقة بين عَهدَيْ ترامب

المثير في الأمر أيضا، هو أن صفقة "الباتشي" التي أبرمها المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكي بقيمة 4,25 مليار دولار، والتي تشمل 24 مروحية منها 18 ناجزة و6 اختيارية، جرى توقيعها سنة 2019، أي خلال السنة ما قبل الأخيرة من حكم الرئيس ترامب في ولايته الأولى، لكن تنفيذها تأخر إلى ما بعد انتهاء فترة الرئيس جو بايدن، وعودة ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025.

والاستقبال العلني لهذه الطائرات، التي تتولى صناعتها شركة "بوينغ"، من طرف الجيش المغربي، قد يكون أيضا مؤشرا على العديد من الصفقات القادمة مستقبلا، في ظل حديث عدة تقارير عن مفاوضات تجري بين الرباط وواشنطن لشراء طائرات "إف 35" العسكرية القتالية الأقوى في العالم، وأيضا بعد موافقة الكونغرس الأمريكي، شهر دجنبر الماضي، على بيع المغرب أسلحة نوعية، تتضمن قنابل ذكية.

بلاغ الجيش المغربي حمل إشارات في هذا الاتجاه، حين أورد أن عملية اقتناء مروحيات الأباتشي تأتي في إطار توجيهات الملك الهادفة إلى "تحديث القوات المسلحة الملكية"، مبرزا أن هذا البرنامج عكس "مستوى التعاون والشراكة الإستراتيجية بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية في مجالي الأمن والدفاع، كما يسهم في تعزيز القدرات الدفاعية للقوات المسلحة الملكية".

رسائل حول الصحراء وواشنطن

ووفق كلمة الفريق الأول بريظ، خلال مراسيم التسليم الرسمي، فإن وصول الدفعة الأولى من مروحيات أباتشي AH-64E يشكل "نقلة نوعية في مسار تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتعاون العسكري القوي بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية"، وأضاف "نجاحنا في تحقيق إنجاز مشروع اقتناء مروحية أباتشي هو لبنة جديدة تنضاف إلى صرح علاقاتنا القوية والمتجذرة"، مذكرا في موضع آخر بأن "الولايات المتحدة كانت دائما شريكا رئيسيا للمغرب".

وشدد المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، على أن الأمر يرتبط بتعليمات ملكية من أجل تزويد الجيش المغربي بـ"قدرات متطورة والتي سبق لها أن أثبتت نجاعتها الميدانية"، موردا أن مروحية أباتشي "تحظى بسُمعة عالمية بسبب تفوقها التكنولوجي وكذلك لدقتها وكفاءتها القتالية في ساحة المعركة".

وفي إشارة مباشرة إلى قضية الصحراء ومواجهة مسلحي جبهة "البوليساريو" ميدانيا، اعتبر بريظ أن إدماج "الأباتشي" في منظومة القوات المسلحة الملكية "سيعزز قدرات الدفاع بشكل أفضل عن وحدتنا الترابية والمساهمة بشكل فعال في تحقيق السلم والأمن، وأضاف أنه "سيقوي بشكل كبير قابلية التفاعل البيني للقوات المسلحة الملكية ونظيرتها الأمريكية، وبالتالي تسهيل تنسيق أفضل في مناوراتنا وتدريباتنا المشتركة، لاسيما خلال تمرين الأسد الإفريقي السنوي".

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

نعيش أحلك سنوات المغرب سياسيا

يوم الخميس، 13 مارس الجاري، قرر الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوسا، حل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في 18 ماي المقبل، وذلك بعد حجب الثقة عن رئيس الوزراء اليميني ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...