وفد مغربي رفيع يتوجه إلى نواكشوط للمشاركة في أول منتدى برلماني اقتصادي مغربي–موريتاني

 وفد مغربي رفيع يتوجه إلى نواكشوط للمشاركة في أول منتدى برلماني اقتصادي مغربي–موريتاني
الصحيفة - خولة اجعيفري
الخميس 8 ماي 2025 - 19:22

يتوجه مساء اليوم الخميس وفد مغربي رفيع المستوى، يضم وزراء، ورؤساء فرق برلمانية، وممثلين عن قطاعات استراتيجية، إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، للمشاركة في أشغال المنتدى البرلماني الاقتصادي المغربي–الموريتاني، المرتقب تنظيمه يومي 9 و10 ماي الجاري، في خطوة تعكس تصاعد زخم الدبلوماسية البرلمانية المغربية، وإرادة سياسية لإعادة بناء الجسور مع الجوار المغاربي من بوابة الشراكة الاقتصادية.

المنتدى، الذي يُعقد تحت الرئاسة المشتركة لرئيس مجلس النواب المغربي رشيد الطالبي العلمي ونظيره الموريتاني محمد بمب ولد مكت، يُعد الأول من نوعه من حيث الحجم والتنسيق المؤسساتي، ويستهدف تكريس التعاون البرلماني بين الرباط ونواكشوط في ملفات التنمية الاقتصادية، والتأسيس لقناة دائمة للتشاور السياسي والتكامل التنموي في فضاء مغاربي يعاني من أزمات مزمنة وجمود هيكلي.

وتؤكد مصادر "الصحيفة"، أن الوفد المغربي، الذي يفوق عدد أعضائه 40 مشاركا، يضم وزراء يمثلون قطاعات مفصلية في السياسة التنموية للمملكة، وهم، أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، كريم زيدان، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية.

كما يضم الوفد، وفق مصادرنا أيضا ممثلين عن مختلف الفرق البرلمانية والتيارات السياسية، وأطرا حزبية، وفاعلين من الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إلى جانب مؤسسات مالية واستثمارية، وشخصيات إعلامية وفعاليات من المجتمع المدني، في دلالة على تنوع مكونات التحرك المغربي وشموليته.

وسيُناقش الطرفان المغربي والموريتاني جملة من الملفات ذات الأولوية، أبرزها، مناخ الأعمال، الأمن الغذائي، الفلاحة، الصيد البحري، الاقتصاد الأزرق، التكوين المهني، الجمارك، الاستثمار، وتنمية المبادلات التجارية بين البلدين.

ومن المنتظر أن يُتوج المنتدى بتوقيع مذكرة تفاهم برلمانية جديدة تتضمن تشكيل لجنة تنسيق ومتابعة، وتنظيم زيارات برلمانية منتظمة، والتشاور حول المواقف المشتركة داخل المنظمات البرلمانية القارية، وعلى رأسها البرلمان الإفريقي واتحاد مجالس دول التعاون الإسلامي، إلى جانب فتح آفاق التعاون في ملفات الهجرة، الأمن الإقليمي، وتغير المناخ.

وفي تصريح خاص لـ"الصحيفة"، شدد مصدر برلماني على أن "مشاركة المغرب بهذا الحجم ليست مجرّد خطوة رمزية، بل تعكس تحركًا استراتيجيًا يستبطن إرادة ملكية واضحة لإعادة رسم خرائط العلاقات الإقليمية بمنطق برلماني تشاركي، يقوم على القرب المؤسساتي والتفاعل السياسي المرن".

وأضاف المتحدث أن هذه المبادرة تنخرط في التوجه الذي أعلنه الملك محمد السادس، في خطابي عيد العرش وافتتاح الدورة التشريعية، واللذين دعا فيهما إلى تعزيز أدوار البرلمان المغربي خارجيًا، وجعله فاعلًا نشيطًا في السياسة الخارجية للمملكة، لاسيما داخل القارة الإفريقية.

المنتدى البرلماني، الذي تشارك فيه نواكشوط بحضور وازن من أعضاء الجمعية الوطنية الموريتانية ومجموعة الصداقة البرلمانية المغربية–الموريتانية، يُعد أول مبادرة مؤسساتية بهذا الحجم تُوجه إلى موريتانيا، ويُرتقب أن يُشكّل منصة دائمة للتنسيق المشترك في قضايا التنمية والتكامل المغاربي، خصوصًا في ظل تعثر اتحاد المغرب العربي وغياب بدائل واقعية.

ووفق المصدر ذاته، فإن المنتدى سيُتوّج بخلق "لجنة تنسيق برلمانية دائمة"، هدفها مواكبة تنفيذ التوصيات ومأسسة التشاور حول الملفات ذات البُعد الإقليمي، كأمن الساحل، التنمية، التجارة، السياسات الطاقية، والهجرة العابرة للحدود.

ويحمل اختيار الرباط لموريتانيا كثالث بلد بعد فرنسا وإسبانيا لتأسيس شراكة برلمانية مؤسساتية دلالات رمزية قوية، تؤشر على رؤية مغربية تُراهن على نواكشوط كشريك إقليمي موثوق، قادر على لعب دور توازني في منطقة الساحل، وصلة وصل بين الشمال والغرب الإفريقي، خاصة في ظل ارتفاع رهانات الأمن الغذائي والانتقال الطاقي.

فموريتانيا كانت أول بلد مغاربي يتفاعل إيجابيًا مع الدعوة الملكية لتنشيط الدبلوماسية البرلمانية، وشهدت العلاقات بين البلدين تقاربا متسارعا منذ سنة 2020، تُوّج في مارس 2022 بزيارة رسمية للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الرباط، حيث استُقبل من طرف الملك محمد السادس في لقاء وُصف بـ"التاريخي"، أعاد دفء العلاقات بعد عقد من الفتور.

وعلى مستوى التعاون الاقتصادي، كثف المغرب حضوره في السوق الموريتانية، عبر اتفاقيات تبادل، وخطوط لوجستية جديدة، ومشروع ربط طرقي من الداخلة نحو نواكشوط، ضمن مبادرة الربط الأطلسي الإفريقي، كما شهد معبر الكركرات الحدودي تطويرات لوجستية لتعزيز التجارة وتأمين انسيابية الحركة بين البلدين.

وكل هذه المؤشرات تؤكد أن العلاقات المغربية–الموريتانية قد تجاوزت منطق "التقارب الظرفي"، لتستقر على مسار شراكة استراتيجية مبنية على الثقة، والاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة.

وفي ظل تعثر الاتحاد المغاربي، ومحاولات جزائرية–تونسية–ليبية فاشلة لإحياء بديل إقليمي يُقصي المغرب، اختارت الرباط ونواكشوط مسارا ثالثا قائما على الواقعية والمرونة، بعيدا عن الاصطفافات العقيمة، وهو ما عبر عنه مصدر برلماني لـ "الصحيفة" بقوله: "من خلال هذا المنتدى، نحن لا نكرّس فقط الشراكة المغربية–الموريتانية، بل نُؤسس لثقافة برلمانية مغاربية جديدة، تتجاوز الجمود الإيديولوجي، وتُراكم في اتجاه اندماج واقعي، يبدأ من العمل التشريعي والتعاون الميداني، وليس من مؤتمرات القمم المجمدة".

وهكذا، تؤكد الرباط مرة أخرى أن دبلوماسيتها لا تُبنى على المواقف الظرفية، بل على الرؤية المتكاملة، وأن "البرلمان" أصبح اليوم جزءا من الجبهة المتقدمة للسياسة الخارجية المغربية، ليس فقط للترافع، بل لبناء جسور التفاعل السياسي والتنمية الاقتصادية في عمق القارة.

خُرافات رئيس يائس

في الوقت الذي كان الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، يسعى إلى لقاء مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حتى تأتى له ذلك بفضل تدخل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...