المغرب يعمل على تطوير بنيته التحتية للغاز من أجل تحقيق سيادته واحتياجاته الطاقية

 المغرب يعمل على تطوير بنيته التحتية للغاز من أجل تحقيق سيادته واحتياجاته الطاقية
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 10 أبريل 2024 - 9:00

تتصاعد مخاوف إسبانيا من توقّف الشراكة مع المغرب في مجال الطاقة، سيّما بعد توقيع أربع وزارات وأربع مؤسسات مغربية على بروتوكول اتفاق يهدف إلى إنجاز برنامج تطوير البنية التحتية للغاز في البلاد، وذلك في سياق مساعي المملكة لتأمين احتياجاتها من الطاقة خاصة وأنها تستورد حوالي 96 في المئة منها، وذلك بالتزامن مع ارتفاع الأسعار الناتج عن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

ويعمل المغرب في السنوات الأخيرة، على ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة، وعقد شراكات لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك بفضل ما لديه من فائض في القدرة التوليدية للكهرباء حيث يعتبر أحد أكبر  منتجي الطاقة الشمسية حول العالم، وكل ذلك في وقت تشكل المواد البترولية 53.7 في المئة من استهلاك الطاقة في البلد خلال 2022، وفق وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وهي الأرضية التي جعلته يفكّر في المدى البعيد الذي يستوجب تحقيق استقلاليته الطاقية.

وفي إطار شراكاته المثمرة في قطاع الطاقة، بات المغرب أكبر مستورد للغاز الطبيعي من إسبانيا متفوقا على جميع دول الاتحاد الأوروبي، فقد استورد المغرب خلال شهر يناير الماضي فقط، ما يعادل 868 جيغاواط في الساعة، مما يعني أن 28% من صادرات إسبانيا من الغاز الطبيعي تذهب إلى المغرب، باعتباره الوجهة الرئيسية لإعادة بيع الغاز الطبيعي بسبب انخفاض الشحنات إلى فرنسا والبرتغال وإيطاليا.

وبلغ تجاوز حجم إعادة تصدير الغاز المسال إلى المغرب 9800 جيغاواط في الساعة خلال عام 2023، مما جعل المملكة ثاني أهم وجهة لإسبانيا بعد فرنسا قبل أن تنقلب الأمور مع بداية العام الجاري، حيث أنه خلال عام ونصف من استخدام خط الأنابيب بشكل عكسي، سجل استخدام 90% من قوة الضخ، مع ذروة في الطلب شهر غشت الماضي حيث تم نقل 958 جيغاواط في الساعة.

ووفق أرقام شركتي "كوتيس" و"إيناغاز" المخول لهما إدارة نظام الغاز وشبكة خطوط الأنابيب في إسبانيا، فإن شهر غشت الماضي سجل ذروة عمليات التوريد بنقل 958 جيغاواط في الساعة، علما أن الطاقة التصديرية القصوى لخط أنابيب الغاز من طريفة باتجاه طنجة تصل إلى 960 جيغاواط في الساعة شهريا.

على الرغم من هذه الأرقام المهمة، بدأت المخاوف الإسبانية تتصاعد من أن يكون المغرب وإسبانيا قريبين جدًا من التوقف عن كونهما شريكين في مجال الطاقة، خصوصا وأن المملكة وضعت صوب عينيها هدف السيادة الطاقية باعتباره أولوية، وذلك منذ أكتوبر 2021، عندما تم إغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي-أوروبا الذي كانت الجزائر تزود إسبانيا من خلاله بالغاز بفضل حقول حاسي الرمل الجزائرية.

وبسبب التوتر الدبلوماسي بين المغرب والجزائر، لم تكن هذه الأخيرة ترغب في أن تستفيد الرباط من متر مكعب واحد من الغاز الجزائري. ورفضت الجزائر السماح للمغرب بتلقي غازها، ما دفع المملكة إلى أخذ زمام المبادرة والبحث عن البدائل، وهو ما تحقق في عام 2022 بمعية إسبانيا التي تمكنت من جعل خط أنابيب الغاز المغاربي-أوروبا يبدأ الضخ بشكل عكسي من الشمال إلى الجنوب.

إيقاف ضخ الغاز الجزائري نحو أوروبا عبر المغرب دفع الحكومة المغربية إلى تبني استراتيجية مستقبلية في نمط توريد الطاقة، حيث اعتمدت على شركائها وفي مقدّمتهم إسبانيا لتلبية حاجياتها، كما رسمت المملكة لنفسها استقلالية لاستيراد الغاز من شركاء دوليين وتبني مقاربة وطنية في ذلك. وهكذا، عمل المغرب على تنفيذ برنامج التنمية المستدامة للبنية التحتية للغاز من خلال بناء ثلاث محطات لإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى حالته الغازية، بالإضافة إلى العديد من صهاريج التخزين وخطوط أنابيب الغاز.

ولهذا السبب، يجري بالفعل إنشاء أول مصنع مغربي لإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى غاز معد للاستهلاك في المصانع وإنتاج الكهرباء في منطقة الناظور غرب المتوسط، كما سيكون المصنع الثاني في المحمدية في حين سيكون المصنع الثالث في مدينة الداخلة جنوب الصحراء المغربية.

لا يُخفي المغرب نواياه الطاقية على المدى المتوسط والبعيد، فبحسب ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستديمة، فإن الفكرة تتمثل في "أن يصبح المغرب ممرًا كبيرًا للطاقة ثنائي الاتجاه بين إفريقيا وأوروبا وحوض المحيط الأطلسي مثل تركيا، التي لديها ست نقاط دخول للغاز الطبيعي المسال و20 ألف كيلومتر من خطوط أنابيب الغاز في أراضيها".

لكن الأمر لا يتعلق فقط بالغاز، كما أكدت الوزيرة بنعلي وهي تُشير إلى أن المغرب يسير على الطريق الصحيح فيما يتعلق بتنفيذ الطاقات المتجددة، موردة "بلادنا عززت التزامها بالطاقات المتجددة من خلال إطلاق مشاريع طموحة مثل محطة نور ورزازات للطاقة الشمسية ومزرعة الرياح بطرفاية.. ومفتاح هذا تحقيق هدف إنتاج 52% من الكهرباء بحلول عام 2030 من مصادر متجددة".

ووقعت أربع وزارات وأربع مؤسسات مغربية، نهاية مارس الماضي، بروتوكول اتفاق بهدف إنجاز برنامج تطوير البنية التحتية للغاز في البلاد، وفق بلاغ لوزارة الانتقال الطاقي جاء فيه أنه "تم التوقيع على بروتوكول اتفاق بين وزارات الداخلية والاقتصاد والمالية والتجهيز والماء والانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، لإطلاق خارطة طريق البنية التحتية للغاز".

ويهدف البروتوكول الذي يضم أيضا 5 مؤسسات وشركات عمومية هي الوكالة الوطنية للموانئ، المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، شركة الناظور غرب المتوسط، الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب (يهدف) إلى تعزيز التنسيق بين الوزارات لإنجاز برنامج تطوير بنية تحتية غازية.

ويشكل البروتوكول، وفق البلاغ ذاته استمرارا لالتزام المغرب بتعزيز سيادته في مجال الطاقة، وإزالة الكربون من اقتصاده، وربطه بالأسواق الإقليمية والعالمية، كما يهدف إلى تزويد المملكة بعدة منافذ لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، إضافة إلى بنية تحتية لتخزين ونقل الغاز الطبيعي.

ويتضمن برنامج  تطوير البنية التحتية للغاز، دعم أنابيب الغاز التي تربط الأحواض المنتجة للغاز المحلي بالمستهلكين، وتطوير محطة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال في ميناء الناظور غرب المتوسط، وإنشاء أنبوب غاز جديد يربط المحطة بالأنبوب المغاربي الأوروبي، وهو خط أنبوب يربط المغرب وأوروبا، كما أنه من شأن البروتوكول أن يعزز على المدى البعيد تسريع تطوير الطاقات المتجددة، خاصة ما يحضر له المغرب من إطلاق مشروع للهيدروجين الأخضر ومشتقاته.

هذا، مع العلم أنه شهر يونيو الماضي، وقّعت وزارة الانتقال الطاقي المغربية ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي اتفاقية تطوير خارطة طريق الغاز الطبيعي، بهدف الوصول إلى إنتاج 52% من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول 2030.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

يالها من "معركة مصيرية" خاضتها الجزائر!

انتهت، السبت، "أم المعارك" بالنسبة للنظام الجزائري، بفوز سلمي مليكة حدادي بمنصب نائبة رئيس المفوضية الإفريقية، أمام المرشحة المغربية، لطيفة أخرباش، والمصرية حنان مرسي. نزلت الجزائر بكل ثقلها للفوز بهذا المنصب ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...