أجهزتها الأمنية تعتقل معارضي "البوليساريو".. لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تُحمل الجزائر مسؤولية التعذيب في تندوف
حملت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، الجزائر مسؤولية حدوث ممارسات تتعلق بالتعذيب والاحتجاز غير القانوني على ترابها، وذلك خلال تفاعلها مع شكاية صادرة عن شخص صحراوي تعرض لانتهاكات جسيمة من طرف عناصر جبهة "البوليساريو" الانفصالية بمخيمات تندوف بسبب معارضته لها والذي تعرض للاعتقال من طرف أجهزة الأمن الجزائرية.
وأصدرت اللجنة رأيا في هذا السياق في إطار الشكاية التي قدمها عنصر سابق في "البوليساريو" يسمى مرابيح أحمد محمود عدا، ضد الدولة الجزائرية، بتهمة الاختطاف والتعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها على التراب الجزائري، إثر تسليمه من قبل عملائها مباشرة إلى مخابرات الجبهة، انتقاما منه لأنشطته في إدانة انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات الانفصاليين.
وذكرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بأنه على الجزائر ليس فقط واجب إجراء تحقيقات معمقة في انتهاكات حقوق الإنسان المقدمة لسلطاتها، لاسيما عندما يتعلق الأمر بانتهاكات الحق في الحياة، ولكن أيضا ملاحقة كل من يشتبه في مسؤوليته عن هذه الانتهاكات ومحاكمته.
وأعربت لجنة الأمم المتحدة عن مخاوفها بشأن تفويض الجزائر، بحكم الأمر الواقع، لسلطاتها، ولا سيما السلطات القضائية إلى "البوليساريو"، وهو ما يتعارض مع التزامات الدولة باحترام الحقوق المعترف بها دوليا وإلزامية ضمانها لجميع الأفراد الموجودين على أراضيها، مؤكدة أنه في مثل هذا الوضع، لا يحصل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الذين يعيشون في مخيمات تندوف على حق اللجوء لمحاكم الدولة الطرف.
وذكرت اللجنة بأن المشتكي كان يقيم عادة في مخيمات تندوف بالجزائر، تابع تعليمه الثانوي في المسيلة بوسط البلاد، وكذلك في ليبيا، وعاد إلى المخيمات سنة 1998 وخضع لتدريب عسكري في ثكنة للجيش الجزائري قبل تعيينه في وحدة عسكرية، ومنذ عام 2010، عاش المعني بالأمر على تجارة الوقود المهرب.
وفي ماي 2011، أسس المدعي وعدد من النشطاء الشباب المعارضين لسلطة وممارسات "البوليساريو"، حركة للتنديد السلمي بانتهاكات الحقوق الأساسية للأشخاص المحتجزين في مخيمات تندوف، وبحسب الأخير، فقد نظمت هذه الحركة، منذ إحداثها، العديد من الاعتصامات، داعية بالخصوص إلى رحيل قيادة الانفصاليين.
وتعرض المعني للاعتقال الأول في 26 مارس 2013، واحتجزته "الأجهزة الأمنية" لمدة ثلاثة أيام في مخيمات تندوف وتعرض للتعذيب وسوء المعاملة، فضلا عن تهديدات لوقف نشاطه السياسي، وبعدما أطلق سراحه في اليوم الثالث، واصل طوال سنة 2014 تنظيم أنشطة للاحتجاج السلمي ضد ممارسات قيادة البوليساريو.
ويعد مرابيح أحمد محمود عدا أحد مؤسسي جمعية "الصمود" التي تهدف إلى المطالبة بالحق في حرية التعبير والتنقل، فضلا عن توفير ظروف عيش كريمة للسكان المحتجزين في تندوف، وفي إطار هذه الجمعية، شارك في اعتصام مفتوح أمام مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الرابوني في يناير 2014.
وعلى إثر ذلك، تم اعتقاله للمرة الثانية في 25 يوليوز 2014 لدى عودته إلى تندوف، عندما كان في منزل أحد أقاربه، الواقع في منطقة النهضة في تندوف، حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، حيث اقتحم المنزل أربعة من عناصر الأمن الجزائري بزي مدني.
وبحسب المصدر ذاته، وبعد اقتحام المنزل، سارعت عناصر الأمن الجزائري إلى تغطية رأسه وتقييد يديه وضربه بالهراوات، ولم يتم إبلاغه بأي سبب لاعتقاله ولم يُعرض عليه أمر من المحكمة، وبعد تعرضه للضرب العنيف، اقتيد المدعي إلى مدخل مخيم الرابوني، ثم سُلم إلى عناصر البوليساريو الذين تمكن من التعرف عليهم والذين اقتادوه بدورهم إلى مركز الاحتجاز "الرشيد" المعروف لدى الساكنة بكونه مخيما يُمارس فيه التعذيب بشكل شائع.