أزمات بتندوف وحراك بالجزائر ونشاط دبلوماسي.. هل صار حل قضية الصحراء قريبا؟

 أزمات بتندوف وحراك بالجزائر ونشاط دبلوماسي.. هل صار حل قضية الصحراء قريبا؟
الصحيفة - حمزة المتيوي
السبت 30 نونبر 2019 - 12:00

حركية غير عادية تلك التي أصبح يشهدها ملف الصحراء خلال الشهور الأخيرة، ليس فقط على المستوى الدبلوماسي الذي كسب فيه المغرب العديد من النقاط إثر تراجع عدد كبير من الدول الإفريقية والآسيوية ودول أمريكا الجنوبية والوسطى عن الاعتراف بالبوليساريو، ولكن أيضا بالنظر للتطورات الحاصلة على الأرض، حيث تواجه الجبهة داخل المخيمات غضبا غير مسبوق بلغ حد اقتحام مقر قيادتها.

ويبدو أن المخاض الذي تشهده الجزائر، الحاضن الرئيسي للانفصاليين، بالإضافة إلى قطع شريان الإمداد المادي نتيجة الأزمات التي تعيشها العديد من الدول التي كانت تشكل داعما تقليديا للبوليساريو، على غرار ليبيا وفينزويلا، عجل بمرور الكثير من المياه تحت الجسر، ونبه الأمم المتحدة والقوى الكبرى إلى أن مصلحته باتت تقتضي حل هذا الملف عاجلا. 

تحرك روسي أمريكي

لم تكن المحادثة الهاتفية الأخيرة بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، محادثات بروتوكولية عادية، إذ لأول مرة أبدت روسيا استعدادها للعمل المباشرة على حلحلة ملف الصحراء والمساعدة على إيجاد حل نهائي له، وهي خطوة يعلم المطلعون على تفاصيل الملف أنها تعني الكثير على مستوى مجلس الأمن.

فروسيا، وريثة الاتحاد السوفياتي الذي كانت المحرك للطرح الانفصالي في زمن الحرب الباردة، ارتأت كثيرا اتخاذ موقف الحياد داخل أروقة الأمم المتحدة حول ملف الصحراء، دون إبداء أي رغبة فعلية في إيجاد مخرج عملي، أعلن وزير خارجيتها "استعدادها لتعميق الحوار السياسي مع المغرب لتسوية قضية الصحراء".

لكن روسيا لن تكون الوحيدة التي ستدخل على خط التسوية النهائية لنزاع الصحراء، فالولايات المتحدة الأمريكية بدورها ستكون حاضرة في هذا المسلسل المنتظر، وهو ما تؤكده الزيارة المرتقبة لوزير خارجيتها مارك بومبيو إلى المغرب مطلع شهر دجنبر المقبل، والذي أُعلن رسميا أن من بين الأمور التي سيتطرق إليها خلال هذه الزيارة "الاستقرار والتنمية في إفريقيا والأمن الإقليمي"، ما يعني ضمنيا طرح ملف الصحراء.

ويرى العباس الوردي، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، أن المغرب مر إلى السرعة القصوى على المستوى الدبلوماسي لحلحلة ملف الصحراء من أجل إيجاد مخرج نهائي، وهو الأمر الذي يتضح من خلال حركية الدبلوماسية المغرب مع القوى الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية".

وقال الوردي إن روسيا أصبحت تشير بطريقة واضحة إلى أنها ستصبح فاعلا في حل هذا الملف، على عكس ما كانت تفعله في الماضي حيث كانت تحجم على التصويت عن القرارات الأممية المرتبطة بقضية الصحراء، في حين فتحت الولايات المتحدة الأمريكية نقاشا واسعا حول الموضوع ينتظر أن يبلغ أوجه مع زيارة بومبيو للمغرب، خالصا إلى أن كل ذلك يشي بنهاية قريب لهذا الملف.

الحراك الجزائري

واستفاد الملف أيضا من الوضع القائم حاليا في المنطقة المغاربية، خاصة الحراك الذي تشهده الجزائر، والذي أبعد الانفصاليين عن قائمة أولويات الشعب الجزائري الداعي إلى محاسبة المفسدين وبناء نظام ديموقراطي مدني بعيد عن سلطة الجيش، وهو السياق الذي مهد الطريق أمام شخصية سياسية جزائرية بارزة، إلى الاعتراف بأنه "من الناحية التاريخية "الصحراء مغربية وليست شيئاً آخر"، وهذه الشخصية ليست إلا عمار السعداني، الرئيس الأسبق للبرلمان الجزائري والأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني.

ورغم المقاومة الرسمية التي يبديها النظام الجزائري القائم لتحول لهجة سياسييه تجاه المغرب، وخاصة تجاه قضية الصحراء، يبدو أن هذا الأمر سيصبح حقيقة قائمة خاصة إذا ما أفرزت الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل رئيسا يحمل نظرة مختلفة للأمور، على غرار رئيس الحكومة ووزير العدل الأسبق علي بن فليس، الذي دعا إلى فتح باب الحوار مع المغرب، قائلا عبر قناة "بلاد" الجزائرية "لا عداوة لنا مع المغرب وليست لدينا أي خصومة مع أشقائنا المغاربة".

ويبدو موقف الجزائر في القضية هشا أكثر من أي وقت مضى حتى داخل أروقة الأمم المتحدة، فالقرار الذي اعتمده مجلس الأمن أواخر شهر أكتوبر الماضي القاضي بتمديد بعثة "المينورسو" لسنة إضافية، صنف الجزائر كطرف مباشر في النزاع ودعاها إلى الانخراط في عملية بناء الثقة وفي المسلسل السياسي الذي تشرف عليه الأمم المتحدة.

ويفسر العباس الوردي هذا الأمر بكون الأمم المتحدة تتابع عن كثب المتغيرات الحاصلة في الصحراء وفي المنطقة، كما أن المنتظم الدولي صار يعي جيدا أن الجزائر داعم مباشر للبوليساريو وبالتالي فهي طرف رئيسي في النزاع، معتبرا أن تزامن الموقف الأممي مع ما يجري من حراك في الجزائر، فرض الكثير من التغييرات على الساحة، وعجل بتحريك الملف بطريقة غير مسبوقة. 

البوليساريو "تغرق"

وأرخى المشهد الجزائري بكل تفاصيله، بظلاله على الأوضاع داخل مخيمات تندوف، حيث أضحت قيادة "البوليساريو" مجبرة الآن على مواجهة غضب غير مسبوق من طرف الصحراويين بعدما كانت تهدد قبل شهور بالعودة لحمل السلاح ضد المغرب.

ولم تكن واقعة مشهد اقتحام المحتجين لمقر قيادة الجبهة ومحاصرة مقر الكتابة العامة، التي نشر فيديوهاتها أمس الخميس منتدى صحراوي مؤيد لمقترح الحكم الذاتي، سوى دليل جديد على حدة الاحتجاجات ووتيرتها المتصاعدة، فمطلب "إسقاط" إبراهيم غالي زعيم "البوليساريو"، لم يعد أمرا خافيا.

ولم تعد الاحتجاجات مدفوعة بالسخط على الوضع الاجتماعي لسكان المخيمات والفساد الذي تتورط فيه قيادات الجبهة فقط، بل أيضا بالوضع الإنساني نتيجة اعتقال المعارضين وملاحقة آخرين وتشويه سمعة عائلاتهم، بالإضافة إلى حالات الاختفاء القسري التي تنامت بشكل كبير.

وينسجم هذا الوضع مع تحذيرات أطلقتها وزارة الخارجية الإسبانية وأكدتها وزارة الدفاع، حول إمكانية تعرض مواطنيها للاختطاف أو أن يكونوا ضحايا عمليات إرهابية داخل مخيمات تندوف، موردة أن هذا الأمر "أصبح وشيكا".

ويعتبر الوردي أن ما يحدث في مخيمات تندوف حاليا "انعكاس طبيعي لما يجري في الشارع الجزائري"، موردا أن "خلخلة النظام في الجزائر أدى أيضا بشكل مباشر لخلخلة قيادة البوليزاريو"، وهو ما يشكل دليلا جديدا على ارتباط الانفصاليين بالنظام الجزائري.

وأورد أستاذ القانون العام أن التطورات الحاصلة لدى الجار الشرقي للمغرب أدى "إلى انقشاع الوضع في مخيمات تندوف"، معتبرا أن وصول الأمر إلى الاحتجاج المباشرة على قيادات البوليساريو وإلى حراك في الشارع، مؤشر قوي على قرب نهاية هذا الكيان.

ورقة جديدة؟

وفي ظل كل هذا المتغيرات، يبدو أن المغرب الذي استطاع ضمان تراجع الدول المعترفة بـ"البوليساريو" إلى 17 دولة بإفريقيا و12 بأمريكا اللاتينية ودولتين بآسيا، والراغب في إعادة إحياء اتحاد المغرب الكبير، يمهد لقفزة كبيرة في الملف خاصة على المستوى الدبلوماسي وداخل أروقة الأمم المتحدة، حتى أن بعض المتتبعين يرون أنه قد يقدم مقترحا جديدا لحل الملف.

ويرى الوردي أن المغرب "لن يغير تصوره لحل الملف المبني على الحكم الذاتي وعلى القرارات الأممية المشيدة بالطرح المغربي"، لكنه يعتبر أن الحركية الدبلوماسية المتزايدة من لدن الرباط تنذر "بقرب انتهاء هذا النزاع المفتعل ودنو المغرب من الحصول على حقه المشروع وطي صفحة جبهة البوليساريو الانفصالية".

وأورد الأستاذ الجامعي أن هذا الملف "طال كثيرا وعرقل بناء المغرب العربي وحال دون عقد مجموعة من الشراكات على المستوى الإقليمي العربي"، لافتا إلى أن "العالم يسير حاليا نحو بناء منظومة دولية تشجب كل الحركات الانفصالية على المستوى الدولي بما فيها جبهة البوليساريو".

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...