أكاديميون: "المفاهيم الخاطئة" تُفشل التنمية.. ولا "نموذج جديد" بدون ديمقراطية

 أكاديميون: "المفاهيم الخاطئة" تُفشل التنمية.. ولا "نموذج جديد" بدون ديمقراطية
الصحيفة من الرباط
الخميس 19 دجنبر 2019 - 10:10

كانت مدينة الرباط يوم الخميس، على موعد مع وقفة أكاديمية مع مختلف مواضيع التنمية بما فيها "النموذج التنموي الجديد" المراد الوصول إليه بالمغرب، وذلك من خلال الندوة الافتتاحية للدورة الرابعة من "جامعة مغارب"، المنظمة من طرف مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني، بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.

وخلال الندوة، أوضح جمال الدين الهاني عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، أن المشروع التنموي يستلزم ضرورة مقاربة قضايا التنمية على ضوء التحولات الكبرى التي تعرفها المجتمعات الإنسانية، وأضاف أنه من الضروري اليوم القطع مع التصورات الإيديولوجية التي حولت التنمية إلى صور نمطية وسطحية، كما نفى أن تكون التنمية خاضعة لشرط اتباع نموذج تاريخي واحد أو خطة فلسفية وحيدة.

وأوضح الهاني أن ضعف الاشتغال الأكاديمي على الإشكالات المتعلقة بمفهوم التنمية، راجع إلى حصر هذا المفهوم في مجالات تقنية جوفاء، مما ساهم في تعميق الفوارق الطبقية، مؤكدا على ضرورة إعادة النظر في طريقة التعاطي مع هذا المفهوم، التي أوشكت على إدخال الحضارة إلى النفق المسدود، كما إلى اعتماد مقاربة مبنية على الرؤية الإنسانية، وعلى نظر أخلاقية تنطلق من الإنسان باعتباره المحور المركزي الأساسي والفاعل الرئيسي في التنمية.

ومن جهته تحدث نور الدين العوفي رئيس مختبر اقتصاد التنمية بالرباط، عن ربط مفهوم النموذج بالتنمية في عبارة "النموذج التنموي"، متوقفا عند مفهومين شائعي الاستخدام هما "التنمية" و"النمو"، مشيرا إلى كون هذا الأخير يتم على مدة قصيرة ويرتبط أساسا بالسياسات الظرفية، في الحين الذي ترتبط فيه التنمية بالبِنْيَات وتتداخل فيها متغيرات اقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية وغيرها، ويضيف أن التنمية "سيرورة عبر الزمن ولا تأتي نتائجها إلا بعد مدة طويلة".

واشترط المتحدث ضرورة وجود اختيارات استراتيجية لتحقيق تنمية وطنية مستقلة وشاملة، وحذر من الاستعمال الشائع للفظ الاختيارات الاستراتيجية، موضحا أنه لا يمكن إطلاق هذا الاسم على كل السياسات، واعتبر خيارا وطنيا استراتيجيا كلا من الاستثمار، والتنمية البشرية والتنمية المستدامة والتصنيع المتوازن، والحماية الاجتماعية، والعدالة المجالية.

وتحدث العوفي عن كيفية صياغة نموذج تنموي، حيث أكد أن هذه الصياغة تستلزم انخراط ثلاثة دوائر لخصها في الخبرة الوطنية التي تضم الجوانب التقنية والعلمية والفكرية، والمداولة العمومية أي المشاركة الشعبية من أجل تحديد الحاجيات وتحديد الطموحات على المستوى المحلي والجهوي والوطني، إضافة إلى المشروعية الديمقراطية أي الرجوع إلى الأجهزة التمثيلية أو إلى الشعب مباشرة عن طريق الاستفتاء.

أما مصطفى المرابط، المرابط رئيس مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني، فأورد أن التنمية واحدة من المفاهيم التي تحولت إلى "أصنام فكرية" ترتفع عن كل مناقشة، وتتداول كحلول سحرية للأزمات، واعتبر أن هذه الصنمية ساهمت في تأزيم الوظيفة المعرفية، وإعادة إنتاج المفهوم في قالب سطحي وصورة نمطية، إلى حد أن صارت الصورة هي الأصل والمقياس عوضا عن الواقع نفسه.

وأوضح المتحدث أن مظاهر التقديس المحيطة بهذا المفهوم تتجلى في اعتباره نظاما لتحقيق ازدهار العالم، ومخرجا وحيدا لعالم الجنوب للتخلص من التخلف، الشيء الذي نفض عن مفهوم التنمية طبيعته التاريخية والسوسيوثقافية وأسبغ عليه سمة أسطورية تعالت به عن التجربة والزمان والمكان.

وحذر المرابط من غياب نقاش مجتمعي عمومي مسؤول وذي مقاربات متعددة، واعتبر أن عدم انتفاض النخب للتعاطي مع هذه الإشكالات يحول دون إقلاع حضاري، داعيا في الآن ذاته إلى الإسهام في رسم إطار يندرج فيه كل تفكير في إشكال التنمية، شريطة أن يستحضر تركيبية الإنسان وتعقيد الواقع، إضافة إلى الخلفية الفلسفية ومنظومة القيم.

وأشار المتحدث إلى كون مفهوم التنمية ذا حمولة غير بريئة، فهو غير عادل في تصنيفه للدول ولا في توزيعه للثروات بينها، بل ساهم في تعميق الهوة بين البلدان المتقدمة وبين تلك السائرة في طريق التنمية والمتخلفة التي لم تلحق ركب التنمية بعد، مضيفا أن العالم قد شهد إفلاس سياسات التنمية والخسائر الكبيرة التي جرتها على البشرية بدءا بإنتاج فوارق عميقة بين المجتمعات والأفراد، وانتهاء بالكوارث البيئية.

من جانبه نوه عمر أكتوف، أكتوف الأستاذ بالمدرسة العليا للتجارة بمونتريال الكندية، بالجهود التي بذلها المغرب، باعتباره البلد الوحيد الذي تجرأ على إعلان فشل نموذجه التنموي، واستعداده من أجل إعادة بناء نموذج جديد، وأضاف أن "إشكالية التنمية في عصرنا الحالي مقرونة بجشع النظام الرأسمالي الذي يراكم الثروات باستغلال الفقر والبطالة والفوارق الطبقية كمحرك أساسي له".

وأكد أكتوف أن الرأسمالية اليوم لم تعد تكتفي باستغلال الضعف والهشاشة، لكنها تتغذى أيضا على الطبيعة وتدمرها، من أجل زيادة الأرباح، مضيفا أن المعادلة انعكست حيث لم تعد المنفعة تجلب الرفاه، وإنما أصبح كل من التلوث والبطالة والفقر عوامل إنتاج للرفاه في العالم، معتبرا أن الأزمات المتتالية التي يعاني منها النظام الرأسمالي ليست أمراضا بنيوية كما يعتقد الكثيرون، وإنما هي فرص دورية من أجل زيادة قوة أصحاب الرساميل ومضاعفة أرباحهم، مع زيادة في الهوة الطبقية بين الأفراد والمجتمعات.

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...