" إسرائيل" وقفص الاتهام

 " إسرائيل" وقفص الاتهام
عبد الحسين شعبان*
الأربعاء 15 يناير 2020 - 8:40

أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها تنوي فتح تحقيق شامل يخص " جرائم الحرب" "الإسرائيلية" في الأراضي الفلسطينية المحتلة. جاء ذلك في بيان أصدره مكتب السيدة فاتو بنسودا مدعي عام المحكمة ، الذي أثار ردود فعل "إسرائيلية" رسمية وغير رسمية غاضبة لدرجة الهستيريا وذلك لأسباب عديدة منها:

الأول- إن هذا الإعلان يعني أن الفحص التمهيدي لجرائم الحرب قد يقود إلى مثل هذا الإقرار، الأمر الذي يتطلّب الانتقال إلى التحقيق بخصوص الجرائم المرتكبة.

والثاني - إن اتخاذ الادعاء العام مثل هذا القرار يعني وجود أساس قوي تولّد لديه من خلال معطيات بأن جرائم حرب فعلية قد ارتكبت، وهو ما يدعم الدعاوى الفلسطينية والعربية بشأن الجرائم المستمرة التي أصبحت حقيقة وليست اتهاماً فحسب.

والثالث- فقدان "إسرائيل" أدوات المواجهة القضائية عدا لجوئها إلى أساليب ابتزاز سياسي عبر حليفها الأمريكي، الذي سبق له أن أعلن أنه لن يسمح بإدانة " إسرائيل" أو حتى وضعها في موضع الاتهام، سواء عبر " المحكمة الجنائية الدولية" في لاهاي أم غيرها من المؤسسات الدولية.

وقد لجأت " إسرائيل"  إلى إثارة زوبعة من التشكيك بأن المحكمة مسيّسة، واعتبرت صدور بيان المدعي العام " يوماً أسوداً للحقيقة والعدالة" وقد شارك على رأس الحملة بنيامين نتنياهو الذي كال الاتهامات للمحكمة وقضاتها، وطلب أحد أعضاء المجلس الوزاري المصغّر الوزير بتسلئيل سموتريتيش إمهال السلطة الفلسطينية 48 ساعة لسحب دعواها فوراً وإلّا فعلى " إسرائيل" أن تهدم كل يوم قرية فلسطينية مقابل ذلك حتى ترضخ.

جدير بالذكر أن واشنطن وتل أبيب انضمّتا إلى المحكمة الجنائية الدولية (نظام روما الذي تأسس العام 1998) قبل إغلاق باب الانضمام العام  2000 بسويعات، وانسحبتا منها بعد دخولها حيّز التنفيذ العام 2002. وكانت واشنطن قد باشرت ضغوطها حيث سحبت تأشيرة دخول المدعية العامة بنسودا إلى الولايات المتحدة.

واستمرت التحقيقات الأولية  نحو 5 سنوات على إقامة الدعوى، ولا شك أن الوصول إلى قرار يقضي بالتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها "إسرائيل" جاء بعد جهود دبلوماسية مضنية ، يعود جزء منها إلى الدبلوماسية الفلسطينية المدعومة عربياً، والآخر لجهود مؤسسات حقوق الإنسان التي عملت بمهنية ومسؤولية ومعرفة بدعم عربي ودولي.

وبالطبع  فجلب "إسرائيل" إلى قفص الاتهام ليس من السهولة بمكان، بل ثمة عقبات سياسية وقانونية وعملية تقف بوجهه، حيث تنشط الدبلوماسية "الإسرائيلية" المضادة بوسائلها الخشنة والناعمة وبدعم كامل من واشنطن، في محاولة لإثارة موضوع الولاية الجغرافية، حيث يتم التشكيك بمقومات دولة فلسطين، وبالتالي هل من حقها تقديم مثل هذا الملف إلى المحكمة بالنظر إلى أنها " أراضي دولة تحت الاحتلال"؟ وهو ما دعا المدعية العامة لإحالة الملف إلى الدائرة التمهيدية للمحكمة من باب الاستدراك القانوني ، لكي لا تُثار بوجهها إشكاليات قضائية.

ولكن مثل وجهة النظر هذه كان يفترض أن تكون محسومة لمجرد قبول الدعوى من دولة فلسطين ، استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2012 الذي اعترف بالمركز القانوني لدولة فلسطين، حتى وإن كانت دولة غير عضو في الأمم المتحدة، لكنها تمتلك مقوّمات الدولة وهي منضمّة إلى عشرات المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة.

ويشترط أن يكون رد الدائرة التمهيدية خلال أربعة أشهر (120 يوماً) ويمكن تمديده إلى شهرين (60 يوماً) إضافياً ، ويكون المجموع 6 أشهر (180 يوماً) ، لكن ماذا لو كان ردّ الدائرة التمهيدية سلبياً؟ ففي ذلك الوقت يفترض أن تطعن دولة فلسطين بالقرار حيث لا توجد محدّدات زمنية أو سقف محدّد لاتخاذ القرار بالطعن، وقد يستمر الأمر لشهور أو حتى لأعوام وسيكون ذلك تسويفاً للحق العادل والمشروع وللاتهام المدعوم بالوثائق والحقائق لارتكاب "إسرائيل" جرائم حرب.

وفي حال الرد الإيجابي يفترض بالمدعي العام المباشرة فوراً بالتحقيق، وهذا أمر مفتوح هو الآخر ، لكن ذلك يستوجب تحضيراً قانونياً وحقوقياً واستعداداً توثيقياً ليندرج في عمل المحكمة، بهدف مساءلة المرتكبين وتحقيق العدالة وتعويض الضحايا وإنصافهم، ولا بدّ من إبقاء هذا الملف مفتوحاً، إذْ لا يمكن مقايضة العدالة بأي حلول أخرى ولكي لا يفلت الجناة من العقاب.

ولا شكّ أن وتيرة المطالبة بالتحقيق في جرائم الحرب "الإسرائيلية" قد ارتفعت في السنوات العشر ونيّف الأخيرة على الصعيد الدولي ،ارتباطاً مع نهج "إسرائيل" العنصري وعدوانها المتكرر وهو ما عكسه تقرير القاضي الجنوب أفريقي من أصل يهودي غولدستون والصحافي السويدي بوستروم ، حتى أن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر صرّح خلال زيارته لقطاع غزة بعد العدوان عليها العام 2009 وبعد حصارها الدامي منذ العام 2007، إن الفلسطينيين في القطاع يعاملون " معاملة الحيوانات"، في إشارة إلى الوضع اللّاإنساني الذي يعيشه  السكان الأبرياء العزل خلافاً لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها ، وفي ذلك إدانة مباشرة " إسرائيل".

* باحث ومفكر عربي

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...