الإمارات، قطر، السعودية.. صُناع الفوضى "غَير الخَلاقة"

 الإمارات، قطر، السعودية.. صُناع الفوضى "غَير الخَلاقة"
الصحيفة - محمد الصالح
الجمعة 10 ماي 2019 - 0:20

بتاريخ 5 يونيو 2017، قررت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة إضافة إلى البحرين، مقاطعة قطر وفرض حصار جوي وبحري وبري عليها.

بعد هذا الحصار، تفاقمت الأزمة لتحدث فوضى كبيرة في الشرق الأوسط، خاصة وأن الأمور تطورت نحو الأسوأ، وأغلقت هذه الدول حدودها مع قطر نهائيا، وضيّقت الخناق على كل التعاملات في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

هذه الأزمة قسّمت العرب إلى مُؤيد ومُعارض، في حين بقيت دول أخرى لعل أهمها المغرب وتونس والجزائر في خانة الحياد لهذه بعيدا ولو نسبيا عن الشرخ الذي أصاب العلاقات البينية بين الدولة والشعوب العربية.

ولعل هذا الحصار الذي فُرض على دولة صغيرة مثل قطر له بيّن إلى أي حدّ أن الأزمة بين الدول الخليجية الثلاث لها تراكمات تاريخية عديدة وتسلسل أحداث تطور مع مرور الوقت ليتحول إلى عداوة قاتلة بين شيوخ وأمراء وملوك هذه الدول.

صحيفة "الإندبيندينت" البريطانية، وصفت الرؤوس الثلاثة الحاكمة في هذه الدول، قطر والإمارات والسعودية، بأنها السبب المباشر لتفكك الشرق الأوسط، وإذكاء الخلافات بين الدول العربية، والفوضى العارمة التي تعرفها المنطقة.

من محاولة الإنقلاب على نظام الحكم في قطر سنة 1996 بمساعدة السعودية والإمارات والبحرين إلى أزمة 2014 حيث تم سحب سفراء الدول الثلاثة من الدوحة، وصولا إلى القطيعة الكاملة والحصار الذي فرض على الدَولة الخليجية الصغيرة سنة 2017.

كلها تواريخ وأحداث جرى تحت جسرها مياه كثيرة وتفاصيل أججت من الخلافات بين هذه الدول الخليجية وامتدت إلى دول الجوار والمنطقة وانتقلت بعدها إلى خلالفات بين الدول العربية بين مؤيد ومعارض لهذه الخلافات.

قطر ولعبة "الكراسي المتحركة"

أولى بوادر التمرد القطري، وتغيير بروتوكولات السياسة الخارجية، بدأ سنة 1995، عندما قام الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بانقلاب أبيض على والده الشيخ خليفة بن حمد الثاني، ومنذ تلك الخطوة المثيرة للجدل، تغيّرت العديد من الأمور في قطر، حيث تم تأسيس قناة "الجزيرة" الإخبارية التي امتد تأثيرها بشكل كبير في مختلف الدول العربية، بعد أن جعلتها قطر ذراعها لتدبير سياساتها الخارجية، من خلال منح مساحات كبيرة للعديد من المعارضين "المزعجين" في الأنظمة التي ترى الدوحة أن كراسيهم يجب أن تتحرك!

قطر في عهدها الجديد أصبحت قبلة للمعارضين من الدول العربية، وتم احتضانهم لخلق مجموعة متكاملة من المعارضة العربية والتحكم فيها، وتقديم الدعم المالي وتوفير كل الامكانيات لهم للإبداع في معارضة بلدانهم إعلاميا وسياسيا، مع توفير كل اللازم لخلق معارضة أحيانا ناعمة ومرات عديدة عنيفة.

لم تتوقف "قطر الجديدة" عند هذا الحد، بل عمدت إلى فتح مكاتب رسمية لقناة "الجزيرة" في أغلب الدول العربية، وعمدت إلى تأسيس شبكة إعلامية موسعة لتوجيه الرأي العام، والتأثير عليه وفق رؤيتها للمنطقة، وتلك كانت بوادر الربيع العربي حسب ما وصفته الصِحف البريطانية وعلى رأسها "ذا غارديان" التي ترى أن قطر هي "وقود ثورات الربيع العربي".

بالحديث عن الحراك العربي، من سوريا إلى ليبيا وتونس وصولا إلى مصر، تتفق العديد من المصادر الإعلامية ذات المصداقية العالية، أن قطر وراء دعم هذه الثورات بطريقة مباشرة من خلال الدعم المالي والسياسي، أو بشكل غير مباشرة من خلال توفير الزخم الإعلامي وتهييء الشعوب لتطوير وعيها وفق منهج الصورة والصوت والوفرة للمعلومات الإعلامية لتوجيهه.

وإن كانت قطر قد وفرت الغطاء الإعلامي والدعم المالي لجماعة "الإخوان المسلمين" في مصر خلال الثورة المصرية التي بوأت الرئيس محمد مرسي الحكم، فأيادي قطر الطويلة كما وصفتها "بي بي سي" البريطانية، وصلت أيضا إلى تونس من خلال دعم حركة النهضة، بقايدة راشد الغنوشي.

وإن كانت الثورات العربية التي دعمتها قطر قد أفرزت بعض بوادر الديمقراطية في دول بعينها مثل مصر وتونس قبل الإنقلاب على الشرعيات التي أفرزتها صناديق الاقتراع، فإن العكس كان في دول أخرى دعمتها الدوحة.

وحسب ما أكدته الـ "بي بي سي"، فإن الدوحة لها تأثير كبير على ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا، رغم أنها وفرت كل الظروف الملائمة للإطاحة بالرئيس السابق معمر القذافي، وزودت الثوار بتسهيل عملية دخول الأسلحة والآليات والأموال.

شبكة "بي بي سي" سردت كورونولوجيا الدعم القطري لكل كيان معارض في الدول العربية، وتجلى ذلك في دعمها المالي والإعلامي في سوريا والعراق لحركة النصرة التي تسمى أيضا حركة "تحرير الشام"، والتي تصنف بأنها ذراع تنظيم "القاعدة" في سوريا.

وكان رئيس وزراء و وزير خارجية قطر السابق، حمد بن جاسم آل ثاني، قد صرّح في أكتوبر 2017، أن بلاده قدمت الدعم للجماعات المسلحة والمتطرفة في سوريا عبر تركيا، بالتنسيق مع القوات الأمريكية، حيث تحدث قائلا للتلفزيون القطري :"استلمنا ملف الأزمة السورية بتفويض من السعودية، وقدمنا الدعم العسكري لمجموعات المسلحة في سوريا، وكل شيء كان يرسل عن طريق القوات الأمريكية والتركية والسعودية".

طبعا الأمر لم يتوقف هنا. لجنة البحوث في المركز العربي الأوروبي في باريس، قامت بدراسة موسعة مبنية على وثائق وأدلة قاطعة، بعنوان "قطر :الكتاب الأسود"، كشفت عن دور قطر في دعم الفكر المتطرف في كل بقاع العالم، ونشرت تفاصيل دقيقة على كل أعضاء الخلية التي شكلتها الدعوة لبسط سيطرتها على العالم العربي، اضافة إلى هذا كشفت الدراسة أن تأثير قطر وصل بالفعل إلى تركيا وإيران.

الإمارات الضلع الثاني.. مخططات سامة وسياسة طائشة 

القطعة الثانية من الأحجية، هي الإمارات العربية المتحدة، التي تسخر إمكانيات مالية ضخمة لتحقيقها أهدافها في مختلف الدول العربية التي تخدم مصالحها.

وتعتمد الإمارات في منهجها على "الفوضى الغير الخلاقة" لمحاربة العديد من الأنظمة العربية، أو المساهمة في تخريب أركان دول بعينها كما هو الحال في اليمن وسوريا وليبيا، وكذا الدعم الكبير الذي توفره لدعم الديكتاتوريات العسكرية للوصول إلى الحكم، مثل ما هو حاصل في مصر لتحصين محطيها الإقليمي من أي ديمقراطية مفترضة قد تعصف بنظام الحكم في الدولة الخليجية الغنية النفط.

ومنذ مرض رئيس الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان، وصعود ولي عهده محمد بن زايد آل نهيان، أخذت الإمارات توجها مختلفا في سياسياتها الخارجية، حيث سخرت ملايير من الدولارات لشراء ولاءت العديد من الأنظمة ودعم أخرى والضغط على دول أخرى من خلال لوبيات في دول مثل الولايات المتحدة، بعد صعود دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الزمريكية.

"السنيما السورية الإماراتية"، هكذا وصفت منابر إعلامية أجنبية الدور الإماراتي في الحرب السورية طيلة 8 سنوات، بمعنى أدق وأكثر وضوحا، فإن دور الإمارات كان على مرحلتين في سوريا، الأولى هي التمويه والعمل على اسقاط نظام بشار الأسد من الحكم، والثانية دعم قوات النظام للسيطرة على دمشق.

الشق الثاني هو الأكثر مصداقية لأنه يأتي من مصادر ذات رؤية محايدة، على غرار وكالة "فرنس برس"، التي أكدت أن قيادة الإمارات قادت حملة سرية وراء الكواليس لإقناع الولايات المتحدة بضرورة بقاء بشار الأسد على رأس النظام في سوريا، بعدما تأكد أن المعارضة السورية أصبحت خارج ولائها.

نقطة ثانية كشفت عنها "فرنس برس" وهي دور الإمارات في تزويد النظام السوري بشيفرات أجهزة اتصال فصائل الجيش الحر، كما أنها أيدت تدخل روسيا في دمشق، للحفاظ على ثبات الأسد في السلطة.

ومع مرور الوقت اتضحت "المسرحية" كما وصفتها الوكالة الفرنسية، بعد إعادة فتح السفارة الإماراتية في دمشق سنة 2018، إضافة إلى كل هذا تعتبر الإمارات ملجأ العديد من شخصيات النظام السوري، أبرزهم والدة بشار الأسد وعدد من أفراد عائلته.

هذه المعلومة يؤكدها السفير الأمريكي في أبو ظبي، الذي كشف أن بشرى شقيقة الأسد، ووالدته أنيسة مخلوفي يعيشان في دبي، إضافة إلى عدد من رجال الأعمال الداعمين لنظام بشار الأسد.

وفي تونس هناك صراع قطري إماراتي من نوع آخر، حيث تحارب أبو ظبي حركة النهضة التي تدعمها قطر في الجانب الآخر، هذا الأمر كشف عنه الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، الذي كتب مقالة في موقع "ميدل إيست أي"، تحت عنوان (تونس أمام انقلاب مدعوم خليجيا، هل سيسمح العالم بذلك؟).

وفي 2018، خرج آلاف التونسيين للتنديد بمحاولات إماراتية فاشلة لتدبير انقلاب داخل البرلمان والحكومة التونسية، بعدما كشفت مصادر شبكة "موند أفريك" الفرنسية، عن طريق الصحفي نيكولا بو، أن وزير الداخلية التونسي السابق، لطفي براهم قد خطط مع الإمارات لتدبير عملية انقلاب، بعد اجتماع سري مع المخابرات الإماراتية في مدينة جربة.

والهدف الأساسي منه هو "ضبط خارطة طريق تبدأ بالعمل على تمهيد الأجواء لإقالة يوسف الشاهد، وتعيين وزير دفاع الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي كمال مرجان رئيسا للحكومة"، إضافة إلى تدبير انقلاب على رئيس البلاد في إعادة لسيناريو انقلاب بن علي على بورقيبة سنة 1977.

بالوصول إلى دور الإمارات فيما يحدث باليمن، الدور هنا على صحيفة "ذا غارديان – The Guardian" البريطانية، التي كشفت عن نشاط الإمارات الخفي لفرض أجندتها هناك، والسيطرة على المسار السياسي والاقتصادي، تحت لواء التحالف العربي وتدخل "عاصمة الحزم" في 2015 بقيادة السعودية ومشاركة إماراتية، لدعم الشرعية في اليمن، بأهداف خفية تحاول من خلالها أبو ظبي السيطرة على الموانئ وأهم المحاور التجارية المهمة في اليمن، مع ضمان المنافذ الخارجية وتسخيرها تحت خدمتها.

الإمتداد الإماراتي وصل إلى المغرب العربي، وتحديدا إلى الجزائر، حيث تناقلت العديد من الصحف والمصادر الإعلامية، أن هناك أجندة مخفية مدعومة من الإمارات تحاول تغيير مسار الحراك الشعبي في الجزائري، وقد أطلق عليها لقب "الذباب الإلكتروني"، وتم اجهاضه بشكل مؤقت.

بالوصول إلى ليبيا، لم يكن الدعم الإماراتي للقائد العسكري خليفة حفتر مخفيا أو بين الأسطر، بل كان واضحا وجليا من خلال تصريحات وزير الخارجية أنور قرقاش، الذي أكد دعم بلاده لنظام حفتر من أجل التصدي للمجموعات الإرهابية والفصائل المتطرفة على حد وصفه، في أول تصريح علني ورسمي من أبو ظبي حول دورهم في ليبيا.

المملكة السعودية.. ولي العهد استلم زمام الأمور وزاد الطين بلة 

الضلع الثالث في هذه المعادلة هي المملكة العربية السعودية في عهد محمد بن سلمان، ولي العهد الذي استلم زمام الأمور، وقام بتغييرات جذرية بالنسبة لسياسة المملكة مع محيطها.

مواضيع ونقاط عديدة لم تعالجها السعودية بشكل مثالي، جعلت الشرق الأوسط يغرق أكثر، ومقاطعة قطر وانشاء الحلف الخاص بها ليس إلا جزء من سلسلة من القرارات الخاطئة، حسب ما وصفته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.

الصحيفة البريطانية أكدت أن تدخل السعودية يمتد من قيادة عاصمة الحزم في اليمن ضد الميليشات الحوثية الإيرانية، والتسبب في "جحيم" لليمنيين، إلى تمويل ودعم فصائل الثوار في سوريا، والمتمثلة في الجيش الحر، حسب ما أكدته صحيفة فاينانشال تايمز في ماي 2013، التي كشفت أن السعودية أصبحت أكبر مزود أسلحة للجيش السوري الحر، وفصائل الثوار، بشراء عدد كبير من الأسلحة مثل أم79 أوسا المضاد للدبابات، و الإم60 من الجيش الكرواتي، وإدخالها إلى سوريا للمعارضة السورية، عن طريق الأردن جنوب سوريا وتركيا شمال سوريا.

التصرفات الطائشة لولي العهد كما وصفتها الصحف البريطانية، تواصلت في قضية رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الذي تعرض للاعتقال في السعودية، وتم الضغط عليه ودفعه إلى الاستقالة مباشرة عبر خطاب تلفزيوني، قال فيه إنه خائف من التعرض للاغتيال مثلما حدث ذلك لوالده رفيق الحريري في 2005.

صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الشهيرة، نشرت تقريرا مفصلا، قالت فيه أن سعد الحريري تعرض للاعتقال والحجز، ثم وضعه تحت ضغوطات كبيرة من السعودية لتقديم استقالته، وتزويده بخطاب مكتوب لتوضيح القضية عبر التلفزيون، والتأكيد أن السبب هو تحريض إيران وحزب الله لإثارة الفتنة في المنطقة وخوفه على حياته من الاغتيال، هذه القضية أكدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لمح أن الحريري تم حجزه لأسابيع عديدة في السعودية.

صعود ولي العهد السعودي، جعل المملكة عرضة لشبهات أكبر، وتختلق خلافات عديدة مع دول عربية وأجنبية، خاصة بعد قضية الخاشقجي، ثم تعزيز العلاقات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ودعمه بملايرر الدولارات، لإنعاش السوق المصري وسقوط الجنيه، حسب ما أكدت مصادر مقربة من شبكة "شؤون الخليج".

الدعم السعودي المطلق لـ السيسي والنظام المصري الجديد يأتي في إطار دحض الديمقراطية في مصر، على حد تحليل صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

إلى نقطة أخرى مثيرة للجدل، ومعقدة في نفس الوقت، نتحدث هنا عن موقف السعودية من صفقة القرن، والتي يمكن أن نعرفها بشكل مختصر، أنها اقتراح قيام دولة فلسطينية مستقلة بحدود وشروط، وإعادة إعمار فلسطين بـ10 مليارات دولار، ومنح اسرائيل فرصة قيام دولتها أيضا بشروط وحدود مختلفة، وهذا مقترح الرئيس دونالد ترامب

الجانب الخفي من القضية، هو ما كشفت عنه وكالة "رويترز"، التي أكدت إلى أن أخطر بنود هذه الصفقة هو تبادل الأراضي والذي ستتنازل السعودية بموجبها عن أراضيها لدول مجاورة لفلسطين المحتلة مقابل تبادل أراضي الأخيرة مع الاحتلال الإسرائيلي، وهو الأمر الذي جعل المملكة تقوم بتسويق غير مباشر ضد الصفقة من أجل انهيارها بشكل نهائي والعمل على افساد الفرصة الأنسب للشعب الفلسطيني من أجل الاستقلال والحصول على دعم مالي لبناء دولة واقتصاد قوي في ظرف زمني قصير.

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...