التوفيق أمَام المَلك: مَفهوم الأمر بالمعروف جاء ليُؤسس مُعالجة أنواع الفساد

 التوفيق أمَام المَلك: مَفهوم الأمر بالمعروف جاء ليُؤسس مُعالجة أنواع الفساد
الصحيفة من الرّباط
الجمعة 10 ماي 2019 - 20:15

 ترأس الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد الأمير الحسن، والأمير رشيد، والأمير إسماعيل، اليوم الجمعة بالقصر الملكي بالرباط، الدرس الأول من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية.

وألقى أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أولى الدروس متناولا بالدرس والتحليل موضوع "استثمار قيم الدين في نموذج التنمية"، انطلاقا من قول الله تعالى في سورة آل عمران "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله". 

التوفيق أكد أن علاقة الدين بالأخلاق لم يعد ينظر إليها بالنظر الفلسفي المتشكك، لأن الدراسات الحديثة لهذه الظاهرة تنطلق من كون الديانات التي تعتمد الكتب المنزلة، لها مرجعيتها في مسألة أصل الخير والشر، مضيفا أن القصد بقيم الدين في الإسلام هو كل ما ورد في القرآن الكريم وفي السنة الصحيحة من أحكام وأخلاق، على حسب الفهم الغالب عند الجمهور. 

وبين المُحاضر مدلول مصطلحي "التنمية" و"النموذج" الواردين في عنوان الدرس، حيث أن مصطلح التنمية، كما نستعمله اليوم بمعنى الزيادة في القيم المختلفة، أموالا كانت أو غيرها، فمعناه متضمن في التزكية، ولكن التزكية تزيد عنه بمعنى الطهارة، وتعني في باب المال سلامة وجه اكتسابه وصواب وجه إنفاقه.

وأشار التوفيق، في معرض تناوله للمحور الأول المتعلق بـ "مستند الحديث عن علاقة قيم الدين بنموذج التنمية"، إلى أن الإشارة إلى مصطلح معبر عن النموذجية في حياة الأمة بشروطها يوجد في قوله تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتومنون بالله"، موضحا أن المعروف هنا، وبقراءة عصرنا، يمكن أن يصدق على كل الأعمال المؤطرة بالقوانين والتأسيسات التي تتبناها الجماعة لصالحها، ما لم تناقض حكما قطعيا في الشرع، سيما إذا أخذنا بأن الجمهور يقابله اليوم ما يسمى بالأغلبية.

وحسب المحاضر، فإن مفهوم الأمر بالمعروف مفهوم عظيم جاء ليؤسس حياة المسلمين على اليقظة الدائمة من أجل القيام على البناء المستدام، وعلى الإصلاح من أجل المعالجة المستمرة لأنواع الفساد، مضيفا أن المسلمين فوتوا على أنفسهم فرصة الاستفادة التاريخية الكبرى من هذا التوجيه لأسباب، منها على الخصوص، عدم التدبر الكافي لسنن الكون، ومنها سنن التاريخ، وعدم توفر الشروط المادية المتوفرة اليوم لتفعيل وازع السلطان، أي سلطة القانون.

ويمكن القول -يضيف التوفيق- إن الآية بحدودها أو عناصرها ترسم نظاما جماعيا أو بالأحرى نموذجا، في إطار منافسة الأمم الخيرية التي هي غاية النموذج، وإنها تضع لذلك النموذج شروطا تلتزم بها الأمة، لا لمجرد التفوق في الخيرية على الناس، بل بقصد الاقتداء الذي يتطلبه العالم.

وهنا، أبرز المحاضر أن القرآن الكريم يقر الملكية، ولا يتعرض على التفاوت، ولا يثني على المترفين إذا كانوا كافرين بالنعمة، يرضى عن الفعالية التجارية ويستنكر الغش والخداع، يحرم استغلال ضعف الناس بمضاعفة فوائد القروض، يحض على الزكاة كوجه لتثمير الأموال وإسعاف المعوزين.

أما نصوص السنة فقد ورد فيها ما يفيد بأن الحق في الملكية قد يكون محدودا لبعض الاعتبارات، كما ورد فيه تحريم الغرر والربح الناتج عن الصدفة، ومنع الاحتكار وبيع الجزاف.

وبصفة عامة، فالأحكام الاجتماعية، في الإسلام في عهده التكويني، تصور المثل الأعلى الاجتماعي الذي بلغه النبي صلى الله عليه وسلم، وتقبلته فئات وشرائح اجتماعية في عصره. إنه نموذج كوني شكل المثل الأعلى للبشرية، وقد جاء التاريخ ليصدق كونيته عندما قامت بأوروبا في القرن الثامن عشر اعتراضات على امتيازات ناشئة عن التبعية لطبقة معينة، وتبلورت صياغة هذه الاعتراضات في الاحتجاج على الامتيازات الناشئة عن تملك وسائل الإنتاج.

وقد ذهب الدارسون المعاصرون -حسب التوفيق - إلى القول بأن النظام الإسلامي كان أكثر نجاعة ما دامت عولمة الاقتصادات ضعيفة، مع ما صاحب ذلك من غياب مؤسسات قانونية رسمية، مضيفا أن تاريخ الإسلام عرف قيام مؤسسات سياسية وتدبيرية كثيرة، أشهرها القضاء والحسبة، أما الجماعات، ولاسيما في المغرب، فقد وضعت لنفسها ضوابط ترسخ المعروف المرجعي للتعامل ولفض النزاعات بالتي هي أحسن، حيث يسمى جانب من هذا المعروف عندنا بالعمل أو أزرف.

وفي المحور المتعلق بـ "البحث عن علاقة القيم بالاقتصاد خارج سياق الإسلام"، أبرز المحاضر أن البحث الفلسفي حول هذا الموضوع، والذي امتد عبر أربعة قرون، انتهى موضوعيا، وبقطع النظر عن المرجعية، إلى مضمون الآية القرآنية في توقف إصلاح الجماعة على ضرورة وجود أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، تتبناه الجماعة لغاية طلب الحق والعدل. غير أن الإقتصاد، لاسيما في القرنين الأخيرين في الغرب، قد ذهب في اتجاه ليبرالي، بفلسفة جوهرها أن الحرية في اكتساب المال وترويجه ستعود بالنفع على الجميع.

وسجل السيد التوفيق أن هذا التطور في الغرب واكبه استفحال تيارات فكرية مادية تقوم على الفصل بين الدين وبين التدبير العمومي للحياة، لاسيما في باب ثروة الأمم الإقتصادية التي اتخذت التعبير عنها لغة الأرقام، وظهر وكأن السلوك الإقتصادي عقلاني محض لا تؤثر فيه المعتقدات.

وبين أن ماكس فيبير أعاد بأطروحته المنشورة عام 1905 حول "الرأسالمالية والأخلاق البروتستانية"، النقاش حول تأثير قيم الدين في الإقتصاد، حيث ذهب إلى القول بأن التفسيرات الدينية لطائفة البروتستانت قد تحكمت في سلوكاتهم الإقتصادية بخصوص الادخار والإستثمار.

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...