الدّيمُقراطيةُ سُلوكٌ مُجتَمَعِيّ!

 الدّيمُقراطيةُ سُلوكٌ مُجتَمَعِيّ!
أحمد إفزارن
الثلاثاء 17 ماي 2022 - 14:25

■‌ هُو المُجتَمَعُ الدّيمُقرَاطِيّ!
قاٸمٌ على مَبدأ المُساوَاةِ وتَكافُؤ الفُرَص۔۔
وعلی هذا الأساس، يكُونُ المُجتَمعُ فُسَيفِساءَ اجتِماعيةً مَسٶولةً - هي الأُخرَی - عَن التّوازُناتِ الدّيمُقراطِية۔۔
إنه مِحوَرُ المَسارِ الدّيمُقراطي الوَطنِي۔۔
وعَناصِرُ أُخری تَتدخّل - بطريقةٍ أو أُخری - في عمليةِ الإنجاحِ أو الإفشال: هي الإدارةُ والنّاخِبُ والمُرشَّحُ وأطرافٌ تُسمَّی "سَماسِرةُ الانتِخابات"۔۔ ومعَها نُخَبٌ حِزبيّةٌ ونِقابيَّةٌ انتهازيةٌ وغَيرُها، هي مِن صُلبِ مُجتَمَعٍ هُو الفاعِلُ الأساسِيّ۔۔
وفي حالةِ إجهاضِ "التّجربةِ الدّيمُقراطية" مَرّةً أخری، يَكُونُ المُتَضرّرُ الأكبَرُ هو البِنَاءُ الوَطنِي۔۔
وفي البِدايةِ والنّهاية، وإلی حَدٍّ ما، الكُلُّ يَتضَرّرُ في حالةِ تَخَلِّي التّنَوُّعاتِ المُجتَمَعِيّة عن مَسٶوليةِ الحِمايةِ القانُونيةِ والأخلاقيةِ للدّيمُقراطيّة۔۔
• وعندَما تُفقَدُ الأخلاقُ في الانتِخابات، لا انتِخاباتٌ يُعَوَّلُ عليها، ولا دِيمُقراطيّة۔۔
وعندٸذٍ نَجِدُ أنفُسَنا في مُعتَرَكِ التّراشُقِ بالاتّهاماتِ والاتّهاماتِ المُضادّةِ بين الأطرافِ المَسٶولةِ بشَكلٍ مُباشِرٍ أو غيرِ مُباشِرٍ عَن إجهاضٍ آخَرَ لمَحطّةٍ دِيمُقراطيّة۔۔
■‌ الحاجَةُ إلی دِيمُقراطيّةٍ اجتِماعيّة۔۔

  • تحتَ مُراقَبةِ قانُونٍ لا يُفرّقُ بين الناس۔۔
    وإلی تنميةٍ مُجتَمَعِيّة، وتَطوِيرٍ وتوعيةٍ وتأهِيل۔۔
    التّوعيةُ من أساسياتِ استِثمارٍ للدّيمقراطية۔۔ تَوعيّةٌ بمَردُوديّةٍ تواصُليةٍ إيجابيةٍ علی مُستوَی خَريطَتِنا الاجتِماعيّةِ الوَطنية۔۔
    وهذه التّوعيةُ تعنِي التّغلُّبَ علی الأمّيةِ والجَهلِ والفَسادِ الانتِخابي الذي تَستَغِلُّه نُخُبٌ حِزبية ونقابيةٌ وغيرُها لمَصالحِها، علی حِسابِ نشرِ الوَعيِ المُجتَمَعِي۔۔
    • إذا عمّت التّوعيةُ الانتِخابية، انتَشَر معَها استِثمارُ الانتِخاباتِ لفاٸدةِ الدّيمقراطية۔۔
    وهذا مُمكِنٌ في مُجتَمعٍ طَموحٍ لحياةٍ ديمُقراطيةٍ قادرةٍ علی تطويقِ مَشاكلَ اجتماعيةٍ ما زالت مُعَقّدة۔۔
    • وبِلادُنا مُٶهَّلةٌ لتَعمِيم هذه التّوعيّةِ الاجتماعية علی المُستوی الوطني۔۔ إنّها التوعيةُ بأهمّيةِ القِيّم الديمقراطية، ومِن ثمةَ القيّم الوَطنية۔۔
    • ضرُورةُ ربطِ التّشبّثِ بالوَطن، وبأهمّيةِ الانتخاباتِ ودَورِها في تَنميّةِ الفِكر الدّيمقراطِي المُجتَمعِي، والقيّمِ الوَطنيةِ المُرتبطةِ بإنعاشِ الثّقافَةِ الدّيمقراطيةِ البنّاءة۔۔
    • ومُجتمعُنا ذُو مُٶهلاتٍ لخَوضِ انتِخاباتٍ تقُود إلی ديمقراطية بنّاءة، وِفقَ ما ينصُّ عليه الدّستور۔۔
    • ومِن هذه المُٶهّلاتِ الأساسيّة: حُبُّ الوَطَن، والثّقافة الوطنية، والارتباط بواجبِ المُساهمة في ثقافةِ الاستِقرار السياسي والتّنموي، لدی كلّ تَنوُّعاتِنا الاجتِماعية۔۔
    • نحنُ مُجتمعٌ مُتحرّك، قابلٌ لتجديد مَسارِنا الدّيمقراطي، بشكلٍ يَجعلُ كلَّ فِٸاتِنا الاجتماعية تتَغلّب علی عَراقيلِ الأمّية، وتَقفِزُ علی حَواجزِ الجَهلِ والخُرافةِ والشّعوذةِ والمَصالحِ الضيّقة، ومِن ثمةَ التّغلُّب علی العَقبات التي تحُولُ دُونَ تنميةِ الديمُقراطيةِ الوَطنية التي تَحتاجُها بلادُنا علی كلّ المُستَويات۔۔
    • ولكي نَستَثمرَ انتخاباتِنا، بما يُفيدُ بِلادَنا، يجبُ ربطُها بأبعادٍ ديمقراطيةٍ بنّاءةٍ لِتَنوُّعاتِنا المُجتَمعيّة۔۔
    • ونحنُ هذا البلَدُ الفاعِلُ في الساحة العالمية، قادرٌ علی بِناء ديمقراطيّتِنا لتكُون نموذجَا إيجابيًّا في خريطة الديمُقراطيات۔۔
    • المسألةُ مسألةُ توعيّةٍ اجتماعيةٍ بِكَون التنميةِ المطلُوبة تَرتبطُ بانتِشارِ ثقافةِ الديمقراطية التي تُقوّي أوَاصِرَ الاستقرارِ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي۔۔۔ 
    هذا مُٶشّرٌ لاستقرارٍ بنّاء علی كل مُستويات التنميةِ الاجتماعية والثقافية، ماديّا ولاَمَادِّيّا، ومِنها تنميةُ الفُنُون لكي تكُونَ مِن أبرزِ رَوافدِ البِناء الدّيمقراطي۔۔
    ■‌ مُجتَمَعٌ مُتشَبّعٌ بالحياة الدّيمُقراطية۔۔
    هو مُجتَمَعٌ مُتَنوّع۔۔ مُختَلِف۔۔ مُتّفِق۔۔
    مُلتَحِمٌ حولَ الوحدةِ الوطنيّة۔۔
    فما العَملُ لِبِناءِ الدّيمُقراطيّةِ النّمُوذجيّة التي تَجمَعُ ولا تُفرّق؟
    إنّ الدّيمُقراطيةَ المَنشُودة في مُجتمَعِنا ليست شِعاراتٍ انتِخابية۔۔ ولا أدبيّاتٍ تُردّدُها نُخَبٌ سياسيّة، وتَتَكرّرُ في البَرلمانِ بغُرفَتَيْه، وفي الجماعاتِ المَحلّيّة، والغُرَفِ المِهنيّةِ والصّناعيّة والخَدَماتيّة۔۔۔
    • بماذا تُفيدُ الدّيمُقراطية؟
    ببَساطة: الدّيمُقراطيةُ إشراكُ المُجتَمع في اتّخاذِ القرار۔۔ مُشارَكةٌ في قرارٍ مَصِيرِيّ، منهُ الحِفاظُ علی المالِ العام، والفَصلُ بين السّلُطات، واحترامُ حقوق الإنسان۔۔
    وعلی هذه المَبادِٸ تُقامُ أيةُ دولةٍ ديمُقراطية، اعتِبارًا لكَونِها ذاتَ أهميةٍ قُصوَی في حياة أيّ مُجتَمع۔۔
    ■‌ الدّيمُقراطيةُ سُلوكٌ مُجتَمَعِيّ۔۔
    سُلوكٌ اجتِماعيّ في حَياتِنا اليوميّة۔۔
    وإذا لم يَكُن هذا المُجتَمَعُ دِيمُقراطيّا في سُلوكِه، وعلاقاتِه، فلاَ دِيمُقراطيةَ ولا ديمُقراطِيّين، ولا نتيجةَ تُرجَی مِن نِيابِيّينَ عن شُٶونِنا الاجتِماعيّة۔۔
    المُجتَمعُ إذا لم يُنتِج الدّيمُقراطيةَ بكُلّ قَواعدِها، هو مُجتمعٌ يدُورُ في حلقاتٍ مُفرَغة: لا أحزاب، لا نقابات، لا ولا ولا۔۔۔
    ويكُونُ فقط كلامًا في كَلاَم۔۔
    والديمُقراطيةُ ليست كلامًا، بل هي فِعلٌ وليسَ أيَّ فِعل۔۔
    فِعلٌ إيجابيّ، وتَعامُلٌ يَنبَنِي علی اعتِبارٍ لقيّمِ الديمُقراطية، والتِزامٍ بالدّستور، وهو أعلَی قانُونٍ في البلَد۔۔ والتزامٍ بالمَواثيقِ الدولية، والقانُونِ الدولي۔۔۔
    • والمُجتمعُ اللاّديمُقراطِيّ ليس فقط مُنتِجًا للخَلَلِ الاجتِماعي، هو مُحرِّضٌ أيضًا علی الفسادِ العمومي، بكُلّ أنواعِه وأشكالِه۔۔
    ولا يُرجَی مِن مُجتَمعٍ لادِيمُقراطِيّ أن يكُونَ تقوِيميًّا مُشارِكًا في إصلاحِ الاعوِجَاجَات۔۔
    ■‌ أينَ الأغلبيةُ "الدّيمُقراطية"؟
    أينَ أحزابُ الأغلبيّة؟
    هذه تُشَارِكُ في فَبرَكَتِها "جِهاتٌ اجتِماعيةٌ" هي الأخری لا تَصرُخُ إلاّ من أجلِ مَصالحِها۔۔
    أينَ القِيّمُ الدّيمقراطية التي تنُصّ علی الالتِزامِ بالمَسٶولية، واحترامِ القانون الانتخابي، وتغليبِ التّداوُلِ السّلمِيّ للسّلطة؟
    • إنّ البِناءَ الدّيمُقراطي لا يأتِي إلی أيّ مُجتمعٍ من خارجٍ البلاد، بل يأتي من مَخاضٍ اجتِماعي داخِلي۔۔
    والديمقراطيةُ الاجتِماعيةُ تًهدِفُ في نِضالاتِها إلی تحقيقِ العَدالةِ الاجتماعيةِ والمُساواة۔۔
    • ولا تُقبَلُ وِصايةٌ منَ الخارج، أو مِن فٸاتٍ انتهازية، علی مُجتمعٍ دِيمُقراطيّ حَيّ، يقِفُ علی تراكُماتٍ نِضاليّة۔۔
    ولا تُنتَظَرُ ديمُقراطيّةٌ مِن مُجتَمعٍ يُصادِرُ الرأيَ الآخَر۔۔
    لا تُنتَظَرُ دِيمُقراطيةٌ مِن مُجتمعٍ هو أصلاً لا يُٶمنُ بالدّيمُقراطيةِ القاٸمة علی الرأيِ والرأيِ المُخالِف۔۔
    ■‌ وهذه الثقافةُ الاجتِماعيةُ تَنطلِقُ منَ الأُسرَة۔۔
    وتنتَشِرُ بكُلّ الفٸاتِ المُجتَمعِيّةِ التي تَشتَرِكُ في تبادُل الآراء، ويَقعُ بينَها اتّفاقٌ علی قرارٍ مُشترَك۔۔
    وهذه ليست ارتِجاليّة۔۔ هي نتِيجةٌ لاستِثمارٍ مُجتمَعِيّ في تراكُماتٍ لأجيالٍ تِلوَ أجيال۔۔
    • والطفلُ الذي يُقمَعُ في الأسرةِ والمَدرَسة، ويُعتَدَی عليه في الشارع، ولا يكُونُ مُٶتَمَنًا علی حياتِه، لا هو ولا أُسرتُه، هذا الطفلُ لا يَنشَأُ علی قناعاتٍ ديمُقراطية۔۔
    إنّهُ طفلٌ يُعلّمُ طفلًا آخرَ كيف يُقصِي مَبادٸَ الحوار، وقيمةَ تقبُّل الرأيِ والرأيِ الآخَر۔۔
    • وأجيالٌ عندَنا تَنشَأُ تحتَ وِصايةٍ بالإكراه، ولا تَتشبّعُ بثقافةِ الحِوار، وبالتّساوِي في الحقوقِ والواجبات، هذه الأجيالُ لا تَكونُ ديمُقراطيّة۔۔
    الدّيمُقراطيةُ المنشُودةُ ليسَت هدَفًا في ذاتِها۔۔
    إنّها بِناءٌ تربَوِيّ لسُلوكٍ ديمُقراطي، من جِيلٍ لِجِيل۔۔
    بناءٌ لأجيالٍ مُقتنِعةٍ بالسّلوكِ الدّيمُقراطي، عبرَ ثقافةِ الحِوار۔۔
    ■‌ المطلُوب: انتِخَابات تُنتِج الوَعيَ المُجتمَعِي۔۔
    وعيٌ يَنفَعُ ولا يَضُرّ۔۔ ويُفيدُ مسارَ البَلد۔۔ واحترامَ أيّ إنسان۔۔ والبيٸة الطبيعية۔۔ والعلاقات بين الناس۔۔
    والتّوعية بأهمّيةِ الدّيمُقراطيّة۔۔
    دُونَ أن تُنَفّر الناسَ منَ الديمُقراطيّة، في أجواءِ التّزويرِ الانتِخابِي، وشِراءِ الأصوَاتِ مِن قِبَلِ عَناصِرَ فاسِدة۔۔
    • نُريدُ منَ الديمُقراطيّة أن تُعلّم الناسَ قِيمةَ التّشارُكِ في الفِعلِ الدّيمُقراطي۔۔ وقيمةَ ما يُسمِيه دُستُورُ 2011، في سياقِ حُسنِ التّسيِر والتّدبير: "رَبطُ المسٶوليةِ بالمُحاسَبة"۔
  • [email protected]

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...