المغرب والبرازيل بعد عودة دا سيلفا إلى الحكم.. رئيس بإرث براغماتي يقدم المصالح الاقتصادية ويساري يرفض الاعتراف بالبوليساريو

 المغرب والبرازيل بعد عودة دا سيلفا إلى الحكم.. رئيس بإرث براغماتي يقدم المصالح الاقتصادية ويساري يرفض الاعتراف بالبوليساريو
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأثنين 2 يناير 2023 - 21:47

أصبح لولا دا سيلفا، رسميا، الرئيس الجديد – القديم للبرازيل، بأدائه اليمين الدستورية في حفل التنصيب الذي جرى أمس الأحد بالعاصمة برازيليا، والذي حضره رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش بصفته ممثلا للملك محمد السادس، في خطوة تبرز مدى التقارب الموجود والمصالح المشتركة بين المملكة وهذا البلد الأمريكي اللاتيني، التي، وعلى عكس بلدان أخرى في هذا الجزء من العالم، لم تتأثر بوصول الرؤساء اليساريين إلى الحكم.

وأثار انتخاب دا سيلفا في الانتخابات الرئاسية الذي جرت في أكتوبر الماضي، والتي أعادته إلى سدة الحكم لولاية ثالثة بعد أن كان رئيسا للبلاد لولايتين متتاليتين خلال الفترة ما بين فاتح يناير 2003 وفاتح يناير 2011، (أثار) مخاوف من مراجعة البرازيل لموقفها من قضية الصحراء في ظل وصول اليسار الذي يدعم جزء منه الاعتراف بجبهة "البوليساريو" الانفصالية، وبما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، على غرار ما حدث مؤخرا في كولومبيا.

وفي حفل التنصيب بدا أن دا سيلفا، الذي هزم الرئيس السابق جايير بولسونارو، العسكري السابق ومرشح الحزب الليبرالي، بفارق 1,8 في المائة فقط من الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات، لم يقدم أي إشارات إلى تغير موقف بلاده "البراغماتي" من قضية الصحراء، إذ لم يتم استدعاء أي شخص يمثل الجبهة الانفصالية، في حين رحب الرئيس بحرارة بممثل المملكة ورئيس حكومتها.

وقبل ذلك كان الملك محمد السادس قد بعث برقية تهنئة إلى الرئيس المنتخب، عبر فيها عن "اعتزازه بما يطبع العلاقات المغربية البرازيلية من صداقة متينة وتعاون مثمر في مختلف المجالات"، وأضف أنه حريص بشكل قوي على على العمل المشترك مع الرئيس دا سيلفا "من أجل ترسيخ الشراكة الاستراتيجية المتعددة الأبعاد القائمة بين البلدين".

وعلى الرغم من كونه قادما من حزب العمال البرازيلي، المنتمي إلى اليسار، إلا أن دا سيلفا خلف إرثا إيجابية بالنسبة للمغرب بخصوص قضية الصحراء، إذ لم تعترف بلاده نهائيا بما يسمى "الجمهورية الصحراوية" ولم تُقم أي علاقات مع "البوليساريو" على المستوى الرسمي، وفي 2014، وحين كانت خليفته في كرسي الرئاسة المنتمية للحزب نفسه، ديلما روسيف، في سدة الحكم، رفضت قرارا صادرا عن البرلمان بالاعتراف بالجبهة الانفصالية أو بوجود دولة لها في الصحراء.

وكان الملك محمد السادس قد ربط علاقة شخصية مع الرئيس دا سيلفا، حين زار البرازيل في إطار جولة بدول أمريكا اللاتينية، وألقى أمامه خطابا في العاصمة برازيليا يوم 26 نونبر 2004 ذكر فيه بأن المغرب كان أول دولة إفريقية تعترف باستقلال البرازيل وتقيم علاقات دبلوماسية معها، وذلك سنة 1884 في عهد السلطان المولى سليمان.

وكانت لغة المصلحة الاقتصادية المشتركة واضحة في هذا الخطاب، حيث قال العاهل المغربي "نؤكد إرادتنا الراسخة في توسيع التعاون الثنائي بين بلدينا في كل المجالات، استثمارا للإمكانات الهائلة المتاحة، وتجسيد ذلك في إبرام اتفاق تجاري تفضيلي، وتعزيزه باتفاق أشمل للتبادل الحر بين المغرب وميركوسور، مع التأكيد في الخطاب نفسه على أن الصحراء "قضية مصيرية بالنسبة لبلادنا، وتعد محل إجماع الشعب المغربي قاطبة".

لكن في عهد الرئيس السابق، بولسونارو، أخذ ملف الصحراء مسارا آخر في البرازيل، حيث أصبحت أقرب إلى الدعم الصريح للوحدة الترابية للمملكة، وهو ما تجسد في تصويت أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ على قرار يدعو إلى إعلان برازيليا دعم الحكم الذاتي في المنطقة، وهو ما تزامن مع بناء علاقات اقتصادية أقوى مع المغرب، خاصة في ملف الفوسفاط.

وفي ماي من سنة 2022 حل بالمغرب وزير الفلاحة والثروة الحيوانية البرازيلي، ماركوس مونتس، والتقى رفقة سفير بلاده في الرباط، جوليو بيتيلي، بالمدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط، مصطفى التراب، حيث كشف هذا الأخير عن خطط المؤسسة للاستثمار في الخارج وأنها تنوي بناء فرع لها في البرازيل، في حين أعلن أولافيو تاكيناكا، رئيس فرع المكتب المغربي في البرازيل، أن الأمر يتعلق بأول مصنع للأسمدة تؤسسه OCP في أمريكا اللاتينية.

وكانت وزارة الاقتصاد البرازيلية قد أعلنت العام الماضي أن الصادرات المغربية واصلت تحطيم الأرقام القياسية منذ عام 2016، حيث بلغت قيمتها سنة 2021 أكثر من 1,0 مليارات دولار، بارتفاع إجمالي وصل إلى 70,29 في المائة مقارنة بسنة 2020، حين بلغت قيمتها 1,1 مليار دولار، وبلغ إجمالي صادرات الأسمدة وحدها 1,6 مليار دولار، في حين شملت الصادرات المغربية أيضا المواد الكيماوية والمعادن الثمينة والإسمنت وغيرها.

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...