الناصري: انخفاض السيولة في الأبناك المغربية حقيقة.. و"الديموقراطية" هي الحل

 الناصري: انخفاض السيولة في الأبناك المغربية حقيقة.. و"الديموقراطية" هي الحل
حوار - حمزة المتيوي
الأحد 3 نونبر 2019 - 12:00

لم تعد مشكلة انخفاض السيولة في الأبناك المغربية سرا يتداوله العارفون بخبايا الاقتصاد فيما بينهم، بل أضحى واقعا اعترف بنك المغرب بوجوده، واضطرت الحكومة للتعامل معه بجدية خلال إعدادها لمشروع قانون المالية الخاص بسنة 2020، من أجل تفادي التعثر الذي قد تحدثه هذه الوضعية في الدورة الاقتصادية الوطنية.

وتبدو مسببات هذه الوضعية كثيرة، غير أبرزها فقدان عدد كبير المواطنين ثقتهم في المؤسسات البنكية، وهو أمر يرى الاقتصادي المغربي والباحث في السياسات العمومية نوفل الناصري، أن التغلب عليه لن يكون إلا بالحسم في "الخيار الديموقراطي"، قبل أن يشرح عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب في حواره مع "الصحيفة"، الخطوات التي على الحكومة والبرلمان وغيرها من المؤسسات اتخاذها لتجاوز هذا الوضع.

- يثار في الساحة الاقتصادية الوطنية موضوع انخفاض السيولة في الأبناك المغربية، أو ما يعرف ارتفاع الكاش، ما مدى دقة هذه المعطيات؟

بالفعل، تم تسجيل ارتفاع مستوى حاجيات السيولة البنكية، وهذا الأمر أكد عليه والي بنك المغرب في الندوة الصحفية التي عقدها إثر اجتماع مجلس البنك، كما أنه تمت إثارة هذا الموضوع مع المجموعة المهنية للبنوك بالمغرب، ويرجع هذا لتباطؤ وتيرة الودائع لدى الأبناك، حيث كانت ترتفع بـ6 في المائة إلى 3,5 في المائة، في المقابل ارتفع النقد أو "الكاش" الذي يخرج من البنوك، من 10 ملايير إلى 17 مليارا حاليا.

- تحدث والي بنك المغرب أنه ومن أجل تدارك هذا الخصاص، قام بضخ سيولة مالية إضافية في الدورة الاقتصادية، كيف يتم ذلك؟ 

هناك عدة إجراءات يمكن أن يعتمدها البنك المركزي من أجل ضخ السيولة المالية في الاقتصاد، ولعل أبرزها والمعروف منها هو خفض سعر الفائدة الرئيسي من طرف بنك المغرب، غير أن والي بنك المغرب ارتأى أن يخفض معدل الاحتياطي الإجباري وذلك لضخ سيولة دائمة تفوق بقليل 11 مليار درهم في البنوك.

وأعتقد أن هذا التدبير سيؤثر على نسبة الاحتياطي الإلزامي الوطني والذي يعتبر صمام أمان لمستقبل الوطن أبناء الوطن، وللأسف فقد تقلص هذا الاحتياط من4 في المائة إلى 2 في المائة.

- ما هي الأسباب التي تقف وراء انخفاض السيولة في الأبناك المغربية؟

الجواب على هذا السؤال مُركب والأسباب عديدة، لعل أبرزها في نظري ضعف ثقة المواطن في مؤسسات البلد وهذت راجع لذلك القلق الاجتماعي الذي انطلق بإضرابات محلية هنا وهناك، وبالمقاطعة وما أثارته من تداعيات على المناخ العام الوطني.

وأعتقد أن عدم تحقيق الإجماع على الاختيار الديمقراطي كثابت وطني رسخه الدستور المغربي هو مُسبب الأسباب لما نشهده اليوم من توترات وارتباكات في المشهد السياسي الوطني، فلا مناص من الديمقراطية، وأثرها الايجابي على تقدم المجتمعات مُثبت في التجارب الدولية، وهي سند ودعامة حقيقية للتنمية الاقتصادية وللاستقرار الاجتماعي المغربيين. 

بالإضافة إلى هذا السبب الرئيسي، فهناك عدة أسباب تقنية أخرى، أبرزها تأثر ودائع المغاربة المقيمين بالخارج على الودائع لدى الأبناك، حيث انخفضت تحويلاتهم من 5,1 في المائة في عام 2017 إلى 0,9 في المائة سنة 2018، واستقرت بذلك ودائعهم في حدود 183 مليار درهم.

ثانيا، يمكن أن نجد تفسير لتباطؤ وتيرة الودائع لدى الأبناك في تعقيدات والمساطر التشريعات الخاصة بالمقاربة ذات الصلة بغسيل الاموال والتركيز على مصدر التمويل، الأمر أثر على تعبئة الودائع المالية.

وثالثا، هناك ارتباط وثيق بين الادخار والنمو، فتراجع معدل النمو انعكس على ادخار الأسر والادخار الوطني وتفاقمت معه حاجة الاقتصاد الوطني للتمويل في 2018 إلى 65,6 مليار درهم، أي 5,9 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي بينما في 2017 كانت الحاجة إلى 37,5 مليار درهم.

وللأسف فمتوسط الدخل في المغرب هو في حدود 3000 درهم، والطبقة الوسطى التي تحرص على تكوين ادخار تعددت مخارج إنفاقها في التعليم والصحة والسكن والنقل، في ظل ضعف ونقص جودة هذه الخدمات العمومية، حيث كشف البحث حول مؤشر ثقة الأسر الذي عرضت المندوبية السامية للتخطيط نتائجه في منتصف يوليوز الماضي، أن 83,3 في المائة من الأسر، عبرت عن عدم قدرتها على الادخار خلال 12 شهرا المقبلة.

أما رابعا، فهناك سيولة نقدية يريد أصحابها جزء فيهم من القطاع غير المهيكل، لا يريدون أن تظهر هذه السيولة في المسارات الرسمية خوفا مما يمكن أن يترتب عنها التزامات جبائية كبيرة.

- ما مدى مسؤولية مؤسسات الدولة، وخاصة الحكومة والبرلمان في تصحيح هذا الوضع؟

في نظري على الجميع في هذه الدولة حكومة ومؤسسات وبرلمانا وأحزابا وفاعلين اقتصادين وماليين واجتماعيين وقطاع بنكي، الانخراط والتوافق التام والعمل يدا بيد من أجل التأسيس لمرحلة انتقالية عنوانها توطيد الثقة وترسيخ الديمقراطية وخلق مصالحة حقيقية وتوافق وطني بين جميع الفرقاء حول هذين الدعامتين. 

وأعتقد أن هذا التوافق سيمثل الأرضية والقاعدة الصلبة التي سيبنى عليها النموذج التنموي الجديد، وهذا ما دعا إليه ملك البلاد صراحة الجميع في الدخول البرلماني الحالي، وأساسا عليه، فحماية الديمقراطية في المغرب شرط رئيسي للتنمية الاقتصادية ومنفذ مفصلي في تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية.  

- ما هي الاقتراحات التي جاء بها مشروع قانون مالية 2020 من أجل معالجة هذا الإشكال؟

نص مشروع قانون مالية 2020 على إجراء مهم في هذا الباب، وهي المادة رقم 7 التي تخص التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للخاضع للضريبة، وهو إجراء سيعالج الاشكالية الرابعة التي تطرقنا إليها في السؤال السابق.

لهذا تم اقتراح إجراء تمكين الأشخاص الذاتيين، بصفة استثنائية، من التسوية الطوعية لوضعيتهم الضريبية، عبر إبرائهم من الفحص الجبائي المتعلق بتقييم مجموع الدخل بناء على نفقاتهم، وذلك مقابل اقتطاع 5 في المائة من مبلغ الموجودات المودع لدى مؤسسات الائتمان المعتمدة، ولن يتم اعتماد النفقات المنجزة لاحقا في حدود مبلغ الموجودات الذي سيتم التصريح به، في إطار مسطرة الفحص.

وأعتقد أنه على الحكومة وبالإضافة إلى هذه الاجراءات أن تعمل على استرداد الديون المتعثرة، عبر إسنادها لشركات متخصصة في التحصيل، مما سيمكن بضخ سيولة جديدة في البنوك، في حدود 65 مليار درهم، علاوة على ضرورة فتح المجال أمام الأبناك التشاركية والاسراع بإخراج منتجات التمويل التشاركية الأخرى المتبقية كالمشاركة والمضاربة والاستصناع والسلم، نظرا لمساهمة هذه الأبناك في جذب الادخار، وذلك لوجود فئات خارج النظام البنكي التقليدي تتطلع إلى التعامل مع البنوك التي تخضع معاملاتها لقواعد الشريعة، كما عليها تفعيل الاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي، لأنها ستساهم في إدماج الفئات التي مازالت لم تنخرط كلية في الخدمات المالية المتاحة خصوصا وأن نسبة الاستبناك في المغرب تقارب 60 في المائة.  

السيد فوزي لقجع.. السُلطة المُطلقة مفسدة مُطلقة!

بتاريخ 3 مارس الماضي، كشف منسق ملف الترشيح المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لكأس العالم 2030 أنطونيو لارانغو أن لشبونة لن تستضيف المباراة النهائية للمونديال. وأثناء تقديم شعار البطولة وسفرائها، أكد ...