الهاتفُ المَحمُول.. مُراقِبٌ أم جاسُوس؟!

 الهاتفُ المَحمُول.. مُراقِبٌ أم جاسُوس؟!
الصحيفة
الأحد 10 ماي 2020 - 18:31

- أيُّ دَورٍ للهاتفِ المَحمُول؟ وأنظِمةِ المُراقبةِ الرّقميّة؟
هل هذه مُراقَبةٌ حُكوميّة عاديّة؟ رُوتينيّة؟ أم تجَسُّسٌ إلكترُوني؟!
إنّ ما يَحدُث في "الشّبكةِ العنكبُوتيّة"، مِن تَمَركُزِ عيُونٍ إلكترُونيّة مفتُوحة، وآذانٍ تَسمَع، وتَطبيقاتٍ تلتَقِطُ الصّورَ الثّابتَة والمُتحرّكة، تَحملُنا على التّساؤل عن ماهيةِ الأدواتِ الرّقميّة الحُكومية: هل هي للتّنصّت والتّصويرِ وضبطِ البَصمات، من أجل أهدافٍ أمنيّةٍ مُراقباتيّة؟ أم هدفُها التّوغّلُ إلى حياتِنا الشّخصية؟
وهل للحكومةِ حقّ تتَبُّعِنا؟ وأن تعرفَ: أين كُنّا؟ وماذا أكَلنَا وشَرِبنا؟ وماذا أَثَرنا في الحديثِ مع فُلانةٍ وفُلان؟
وهل من حقّ الحُكومةِ أن تَخترقَ خصُوصِياتِنا؟
وأسئلةٌ أخرى من المفروضِ أن تُناقَشَ - هي أيضًا - حتى أمام "المُؤسّسةِ التّشريعية"، لنكُون جميعًا مُطّلِعين على خلفياتِ ما تلتَقِطُه الحكومةُ من حَركاتِنا وسَكناتِنا، بالليلِ والنهار، عبرَ مُخبِراتِها ومُخبِريها، الإلكترونياتِ والإلكترونيّين، الساكناتِ والسّاكنين في جيُوبِنا، أو بجوارِ مِخدّتِنا وفراشِنا؟
ما مَصيرُ المعلُوماتِ التي تلتَقِطُها أجهزةُ التّنصّت من هواتِفنا الصغيرة؟ وهل هواتِفُنا المَحمُولةُ بالفِعلِ صامِتة؟ أم هي ليست كذلك؟ أليست صارِخةً حتى ونحن لا نَسمعُها؟ ألا تُخبِرُ غيرَنا بما كان في مُلتقياتِنا وتواصُلاتِنا، وبالصوتِ والصورة؟
- أيُّ دَورٍ للهاتفِ المَحمُول؟
ألا يتَجسّسُ على كلّ واحدٍ منّا؟ ولفائدةِ من؟ يتَجسّسُ لِمَن؟ وعلى مَن؟ ويبحثُ عن ماذا؟ أيّةُ معلُوماتٍ يُريد؟
 تساؤلاتٌ كثيرةٌ بشأنِ هذا الجاسُوسِ الصّغير الذي أَدخَلَ حكوماتٍ بالقارّاتِ الخمس، في سِباقٍ مَحمُومٍ لتَطويرِ تطبيقاتٍ للتّجسُّسِ على الشّعوب؟
وكثيرٌ من الدّول، وعلى رأسِها الكُبرى، لا تتَوقّفُ عن سباقِ البَرمَجِيّات، والذّكاءِ الاصطناعي، ليس فقط للتّجسّسِ على بعضِها، بل أيضا على شُعوبِها، وليس فقط من أجل السيطرةِ على أسواق التكنولوجيا في الخارج، بل للسّيطرةِ أيضًا، وبالتالي التّحكّمِ على الشّعبِ في الدّاخل..
وبتعبيرٍ أوضح: هل الأمرُ يتعلقُ بمُراقبةِ الناس، بواسطةِ المَعلُومات، وخاصةً في عَصرِنا حيث أنّ المعلوماتِ أساسيّةٌ لضبطِ حركاتِ وسكناتِ الشعب، مهما كان هذا الشّعب، بواسطةِ أنظِمةِ المُراقبةِ الرّقميّة..

أحمد إفزارن

 - إنها تبحثُ عن الهُويّة!
وهذه الأنظمةُ الذكيّةُ الباحثةُ عن هُويّة كل واحدٍ منّا، قد تطوّرت كثيرا، ومَكّنت الكاميراتِ منَ التّعرّف على هُويّةِ أيّ شخصٍ مُسجّلٍ في ذاكرتِها الرّقمية، ولو كان وسطَ جمهورٍ غفِير..
والتّقنيةُ المتطوّرة أصبحَ معمُولاً بها في مَطاراتٍ كبرى، حيثُ يتمّ التّعرفُ على وَجهِ المُسافرِ المُسَجّلِ في ذاكرتِها، وفي لحظات، بواسطةِ بَصماتِ عَينيْه..
وبِمُجرّد استِحضارِ عَينيْه، تظهرُ للأمني كلّ المعلُوماتِ الخاصّة.. من هو؟ ماذا يفعل؟ هل له سوابق؟
ويستطيعُ الأمنُ عن طريقِ ذاكرةِ "الجِي بِي إس" أن يَستَطلعَ كُلّ الأمكِنة التي كان فيها، ومتَى؟ وكم قضَى هناك؟ وماذا فعل؟ ومع مَن التَقى؟ وماذا قالاَ لبعضِهِما؟
وهذا الأسلوبُ التّجسُّسِي تَستَخدِمُه حكوماتٌ في تَعقّبِ آثارِ المُعارِضينَ وشُركائهِم..
وتَستطيعُ الأجهزةُ المَعنِيةُ تتَبُّعَ الشخصِ جسِدِيًّا ورَقميّا..
وبواسطةِ شريحةٍ دقيقةٍ يتمّ زرعُها في يَدِه، تتَطوّرُ الأدوارُ الرّقميةُ لهذه الشّريحة، فيُصبحُ في مُتناولِ المُراقَبَةِ أن تتَنَصّتَ على مُكالماتِه الإلكترونية، وأن تَطّلعَ على رسائلِه وعلى وثائقِه السمعيّة البَصَريّة..
وقد تطوّرت هذا التّقنيات، فباتَ مُمكِنًا التّعرّف على الشخصِ من خلالِ "نَبضاتِ قَلبِه"، ومن مَسافةٍ غيرِ قصيرة..
ولكنّ لهذا التّطوّر أهدافا إيجابية..
فعَن طريقِ هذه الشريحةِ الرّقمية، تَستَطيعُ الأسرةُ أن تُراقبَ تحرّكاتِ طفلِها التلميذ، وأيَّ فردٍ مُصابٍ بمَرَضِ فُقدانِ الذاكرة، وأن تَعرفَِ معلوماتٍ أخرى: أين هو؟ وماذا يفعل؟ وهل هو في أمَان؟
وهذه البياناتُ يتمّ تخزينُها وتحديثُها، وتُتاحُ العودةُ إليها.. ويَتَحقّقُ تقريبُ المسافات!
- ولا يكُون هذا بالمجّان!
وليسَت مواقعُ التّواصُلِ الاجتماعي بريئة..
يُقالُ إنها هي أيضًا تَنتَهِكُ خُصُوصيّات الناس.. كما يُقالُ إنها تبيعُ هذه الخُصُوصيّاتِ لِمَن يَدفَع..
وتَبقَى شُعوبُ العالم عُرضةً للاتّجار في الخُصُوصيّات، من خلالِ التّعاوُنِ مع أجهزة، أو شركات، أو حتّى حكومات، وبواسطةِ أقمار صناعية..
ومِنَ المُستَخدِمِين لهذه التّقنيّات، مَن يَشتكُون حتى مِن صُورٍ تم التِقاطُها بأقمارٍ اصطناعيّة..
وفي هذا الزّمن، وتحت أضواءِ تضارُبِ المصالح، تَستطيعُ شريحةٌ إليكترونيّةٌ مَزرُوعةٌ تحتَ الجِلد أن تُثبِتَ للعالمِ أن لا واحِدة من العصاباتِ الإجراميّة تَستطيعُ التّنكّرَ أو الاختِباءَ أو الاختِفاءَ أو انتِحالَ الشخصيّة..
ولا واحدة تَستَطيعُ سرِقةَ بطاقةٍ بنكيّة، وتَفلِتُ من القبض..
وخدماتٌ أخرى في حالاتِ المُعوِزين والعجَزةِ والمُعوّقين، وغيرِهم..
وباتَ مُمكِنًا حتى التحكّم في الازدِحاماتِ والاختِناقات..
 - شرائحُ رقميّةٌ مَعدُودة، هي اليومَ قادرةٌ على أن تُراقِبَ سُكّانَ العالَم!

[email protected]

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...