بسبب اختلالات مالية ومجاملات لكبار الفلاحين.. المجلس الحكومي يَحل مكتب التسويق والتصدير

 بسبب اختلالات مالية ومجاملات لكبار الفلاحين.. المجلس الحكومي يَحل مكتب التسويق والتصدير
الصحيفة – حمزة المتيوي
الجمعة 28 غشت 2020 - 9:00

أطلق المجلس الحكومي المنعقد أمس الخميس، الرصاصة الأخيرة على مكتب التسويق والتصدير بعدما صادق على مشروع مرسوم يقضي بحل وتصفية هذه المؤسسة المكلفة منذ 1993 بتصدير المنتجات الفلاحية والصناعات الغذائية، وهو قرار يأتي بعد 4 سنوات على صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي وضع العديد من اختلالات المكتب تحت المجهر، وفي مقدمتها استفادة كبار الفلاحين منه على حساب المزارعين الصغار.

ووفق ما جاء على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة، سعيد أمزازي، فإن هذه الخطوة تأتي بعد "توقف مكتب التسويق والتصدير عن مزاولة المهام المسندة إليه بموجب القانون رقم 30.86 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.88.239 بتاريخ 28 ماي 1993، باستثناء شركة تسويق الحوامض وباقي الفواكه والخضر المغربية "سوكومار" التي لا تزال مستمرة في مزاولة نشاطها، وكذا عدم نجاح البرنامج المتعلق بإعادة هيكلة المكتب المذكور، في تحقيق الأهداف المتوخاة منه".

وحسب المسؤول الحكومي نفسه، فإن مشروع المرسوم يندرج ضمن "تطبيق الإصلاح الذي عرفه النطاق المؤسساتي في مجال تسويق المنتجات الزراعية، وذلك في إطار تنفيذ مخطط المغرب الأخضر من خلال إحداث وكالة التنمية الفلاحية"، مشيرا إلى أن المنقولات والعقارات التي يملكها المكتب ستعود ملكيتها بالكامل للدولة بدون عوض، إضافة إلى نقل المساهمات التي يملكها المكتب إلى الدولة بالمجان، ونقل الديون المستحقة للمكتب إلى ميزانية الدولة.

وينص المرسوم على إحلال الدولة محل المكتب في جميع حقوقه والتزاماته، ولا سيما تلك الناشئة عن جميع صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، وكذا عن جميع العقود والاتفاقيات الأخرى التي أبرمها المكتب قبل التاريخ المذكور، والتي لم يتم إتمامها أو تسلمها بشكل نهائي أو إنهاؤها عند التاريخ المذكور ونقل مستخدمي ومتعاقدي المكتب إلى مؤسسات عمومية أخرى تحدد قائمتها بنص تنظيمي، وإدماجهم فيها مع الحفاظ على حقوقهم الإدارية والاجتماعية المكتسبة.

وفي 2016 أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا يرصد اختلالات المجلس وعجزه عن أداء أدواره، مشيرة إلى أنه في 2009 أنجز دراسة بقيمة 1,8 ملايين درهم من أجل إعادة تموضع المكتب بناء على مخطط استراتيجي يرتكز على سياستي التموين والتسويق، وهو ما كان مصيره الفشل على عدة مستويات من أبرزها الاستهداف الجغرافي للمنتجين والمزروعات والأحواض ذات الأولوية.

ومن الأمور الخطيرة التي نبه إليها التقرير أن المكتب وقع سنة 2009 اتفاقية مع المكتب الشريف للفوسفاط بميزانية تقدر بـ90 مليون درهم، إلا أن المكتب لم يحترم التزاماته التعاقدية، حيث إنه خالفا لما نصت عليه الاتفاقية التي استهدفت منتجي جهة دكالة عبدة، إذ جرى توجيه حوالي 60 في المائة من المدخلات إلى جهة أخرى سوس ماسة، بالإضافة إلى استفادة كبار الفلاحين من معظمها، حيث استفاد أربعة فلاحين من 86 في المائة من المدخلات الموزعة من مجموع 26 منتجا، عكس ما نصت عليه الاتفاقية والتي تستهدف الفالحين الصغار والمتوسطين.

وأضاف تقرير المجلس الذي يرأسه إدريس جطو أنه تبين من خلال دراسة الملفات الإدارية للمستفيدين من المدخلات في إطار الاتفاقية المذكورة، أن المكتب قام بتدبير هذا المشروع "بقليل من الصرامة"، بالنظر إلى المبالغ المهمة للمدخلات المسبقة لبعض المنتجين وكذا إلى الخبرة التي يتوفر عليها المكتب في هذا المجال والتي لم يضعها في خدمة هذا المشروع.

وكنتيجة لذلك، حسب التقرير، تراكمت على هذا المشروع مبالغ غير محصلة لفائدة المكتب الشريف للفوسفاط تقدر بـ11,23 مليون درهم من مبلغ إجمالي يقدر بحوالي 16,48 مليون درهم، وهو ما جعل المكتب يفقد شريكا مهما، وهو مؤسسة الفوسفاط، التي كان بإمكانها دعم مكتب التسويق والتصدير في مشاريع أخرى وبالتالي المساهمة في حل مشكل التمويل المسبق للمنتجين.

أما بخصوص برنامج دعم تصديق الفلاحين الصغار والمتوسطين من أجل ولج الأسواق الخارجية، فقد عاد التقرير إلى اتفاقية الشراكة الموقعة سنة 2011 مع الوزارة المكلفة بالتجارة الخارجية وكذا وزارة الاقتصاد والمالية، والتي تهم برنامجا لدعم تصديق هؤلاء الفلاحين برسم الفترة الممتدة من 2011 و2013، وتشمل بحيث تشمل عملية التصديق 3818 مستفيدا و158 بنية تحتية تقدر مساحتها بحوالي 10.540 هكتارا.

والتزمت الدولة من أجل إنجاز هذا البرنامج بتوفير 10,6 ملايين درهم، منها 8 ملايين درهم منها منحت شهر ماي 2012 من أجل تمويل برنامج عمل من أجل دعم تصديق صغار ومتوسطي الفالحين برسم الموسم الفلاحي 2012 – 2013، إلا أنه إلى غاية يونيو 2014 لم يتم إنجاز أي شيء في هذا الإطار، وفق ما ذكره مجلس الحسابات.

ورصد المجلس العديد من الاختلالات المالية التي وقع فيها المكتب، من بينها تلك المتعلقة بتسويق منتجات الاقتصاد التضامني عن طريق إحداث 8 فضاءات تضامنية مكنته من تحقيق رقم معاملات يقدر بحوالي 16,7 مليون درهم برسم السنة الفلاحية 2013 – 2014، كما قام بإحداث مواقع على الانترنت متخصصة في التسويق، غير أن عمليات المراقبة التي خضع لها المكتب، خصوصا مصلحة تدبير التموينات، كشفت عن وجود مبالغة في الأرقام التي قدمها، ذلك أنه من أصل 780 تعاونية مصرح بها، فقط 230 تعاونية و10 مجموعات ذات النفع الاقتصادي كانت تسوق فعليا منتوجاتها عن طريق المكتب.

وبخصوص برقم معاملات الفضاءات التضامنية، والذي بلغ بحسب مكتب التسويق والتصدير 16,7 مليون درهم برسم السنة الفلاحية 2013 – 2014، فهو لم يتجاوز في حقيقة الأمر مبلغ 2,2 مليون درهم، أي بفارق يقدر بـ14,5 مليون درهم يتعلق بعمليات بيع زيت الزيتون لبعض الإدارات، وفق ما أورده التقرير، الذي أوصى بأن "المكتب في شكل الحالي يظل غير قابل للاستمرار".

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...