بعد صدور حكم الـTAS.. هذه ثلاث قرارات دفعت لخسارة الوداد في قضية "القرن"

 بعد صدور حكم الـTAS.. هذه ثلاث قرارات دفعت لخسارة الوداد في قضية "القرن"
الصحيفة - عمر الشرايبي
الأحد 20 شتنبر 2020 - 11:41

أعلنت محكمة التحكيم الرياضية، الجمعة، حكمها النهائي في الملف رقم  CAS 2019/A/64، أو ما بات يعرف لدى المنتظم الرياضي الدولي ب"قضية القرن"، أطراف نزاعها كل من نادي الوداد الرياضي المغربي، من جهة،  والكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم ونادي الترجي الرياضي التونسي، من جهة ثانية، الأخير الذي تم تزكيته بطلا للنسحة الماضية من لقب دوري أبطال إفريقيا.

القضية التي استغرقت أزيد من سنة داخل ردهات المحكمة الرياضية السويسرية، شهدت، في 29 يونيو الماضي، جلسة ماراتونية للترافع حول أحداث النهائي المذكور، للنظر في الطعن الذي تقدم به الوداد، ضد القرارات التي أصدرتها لجنة التأديب التابعة لـ "الكاف" وتم خلالها الاستماع لمجموعة من الشهود الجدد، يتقدمهم الملغاشي أحمد أحمد، رئيس الكونفدراليك الإفريقية للعبة.

خسارة الوداد للملف القانوني، بعد إعلانه منهزما في الإطار الرياضي، دفعت موقع "الصحيفة" إلى رصد بعض الأخطاء التي وقع فيها النادي "الأحمر"، عبر "الكرونولوحيا" الزمنية لمسار القضية، حيث ساهمت عدة عوامل في أن يكتب الـ TAS نهاية مطابقة لما ورد في منطوق الحكم الصادر برفض طعن النادي المغربي وتحميله صائر المساطر القانونية للأطراف المتنازعة.

الخطأ الأول..ا لمراهنة على "شعبوية" الخطاب الإعلامي

"ننتظر زف خبر عودة اللقب عبر صندوق من المطار". هكذا خاطب محمد طلال، الناطق الرسمي باسم نادي الوداد الرياضي، أنصار الأخير، في يونيو من السنة الماضية، على هامش اجتماع المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم بالعاصمة الفرنسية باريس، للنظر في القضية، خلال فصولها الأولى، وهو (تصريح) بعث جرعة أمل في إمكانية انتزاع حكم يصب في صالح الجانب المغربي.

المراهنة على "شعبوية" الخطاب الإعلامي في خضم معركة قانونية "محضة"، جعل الطرف التونسي يقطع أشواطا كبيرة في تعاطيه مع القضية، علما أن منسوب الحماس الذي حمله الوداد عبر قنوات "غير رسمية"، كان سلاحا ذو حدين في لحظة المواجهة أمام قضاء التحكيم الرياضي، الأخيرة التي حسمت في قرار عدم إعادة المباراة على ملعب محايد، الصادر في باريس، معيدة الملف من جديد إلى نقطة البداية.

عدم الانسجام وغياب استرتيجية دفاع واضحة عن ملف الوداد، ترك المجال إلى تحاليل إعلامية عبر المنابر المختلفة، تفتقد جلها إلى الدقة القانونية التي تقتضيها حساسية هذا الملف الفريد، المعروض على أنظار "الطاس"، والذي يتتبعه الرأي العام الدولي، ليس فقط من جانب الوداد والترجي، في الوقت الذي التزم فيه التونسيون بالصمت الذي تفرضه الهيئة التحكيمية الرياضية على المتنازعين.

وحتى إن كانت "الطاس" قد بعثت إشارات على أن الملف يسير في المنحى التونسي، برفضها لدفعوات الوداد، بصفة نهائية، مع الاحتفاظ بدفوعات الترجي ومناقشتها، إلا أن "تسويق الوهم" لأنصار الجماهير "الحمراء" ظل مستمرا، رغم إحالة الملف للجان المختصة ل"الكاف"، الأخيرة التي اعتبرت الوداد "منسحبا" من المباراة وزكت تتويج الترجي باللقب.

التفاؤل الذي ساد من خلال تدخلات دفاع الوداد، بعد قرار "الطاس"، جعل الأخير يذهب للقاهرة من أجل المثول إمام لجنة تأديب "الكاف"، بثقة زائدة، كأن الأخيرة ستمنح اللقب للفريق "الأحمر"، في مقابل صمت تونسي وتريث ملحوظ خلال الأسابيع التي سبق الجلسات الحاسمة، وهو ما تأكد بعد ذلك من خلال الجلسات الأخيرة في محكمة التحكيم الرياضية، بعد لجوء الوداد من جديد إلى الغرفة القانونية السويسرية.

في ظل هذا المعطيات السالفة، يكون الوداد وأنصاره قد تجرعوا خيبة الارتكاز حول بعض التحاليل الإذاعية والقصاصات الإخبارية، ممن تخلت عن مبدأ المهنية في التعاطي مع الخبر لتذهب إلى تنصيب نفسها طرفا في النزاع، كما أن بعضها سمح لنفسه بالترافع دون أي سند قانوني للدفاع عن قضية الوداد، ولو كانت عادلة، إلا أن توجيه الرأي العام صوب منحى معاكس لما سار عليه الملف، جعل وقع صدمة الحكم النهائي تكون أقوى.

الخطأ الثاني.. قرار توقيف المباراة!

قبل شن الحرب الإعلامية، فإن قرار "الانسحاب" ورفض مواصلة مباراة نهائي 31 ماي، قد يكون من المسببات المباشرة، في خسارة الوداد لقضيته، رغم أن المتتبع المغربي يرى دوافعا موضوعية لاتخاذه، سواء عن طريق الظلم التحكيمي الذي تعرض له خلال المباراة وغياب تقنية "الفار"، إلا أن من دفع سعيد الناصيري، رئيس الوداد الرياضي، إلى النزول لأرضية الميدان ومطالبة لاعبيه بالتوقف عن اللعب، هو نفسه من يتحمل مسؤلية هذه النهاية القاسية للملف، حتى وإن كان ذلك بحسن نية، إلا أن أضر بممثل كرة القدم المغربية أكثر مما كان نافعا لها.

البعض ممن اتبع أطوار الملف، من زاوية محايدة، يرى أن معالجة التظلم الذي تعرض له الوداد، بطريقة انفعالية كتلك التي شهدتها أرضية ملعب "رادس"، أساءت إلى القضية في شموليتها، حيث لم يتطرق الحكم النهائي لمحكمة "الطاس" إلى كل الشوائب الأخرى في كواليس المواجهة، بل ركز على تزكية "الانسحاب" من المباراة، الذي نفسه جاء في حكم لجان تأديب الكونفدرالية الإفريقية.

مسار القضية، أتبث بالملموس، انسجاما تونسيا بين نادي الترجي  والاتحاد المحلي لكرة القدم، فيما على النقيض من ذلك، لم يستفد الوداد من دعم قوي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في شخص رئيسها فوزي لقجع، الذي هو نفسه النائب الثاني لرئيس "الكاف"، الأخير، غاب لأسباب مجهولة، عن اللحظات الحاسمة للملف، فلم يحضر لا خلال يوم المباراة النهائية ولا مع دفاع الوداد، خلال اجتماع اللجنة التأديبية لـ"الكاف"، كأن به يعرف أن القضية "خاسرة"، بالرغم من إظهاره عكس ذلك، من خلال مواقف رسمية تلت الواقعة.

في دردشة مع دفاع الوداد، بعد صدور الحكم النهائي لمحكمة الـ TAS، كشف مصدر مسؤول في تواصل مع "الصحيفة" أن النقطة التي رجحت كفة الترجي، هي تقدير الأحداث من قبل الهيئة القضائية "التي لا يمكن تغييرها، المعللة في 105 و106 من منطوق الحكم" ، حيث أن الأخيرة منحت الحق للطرف المغربي في كل المساطر التي اتبعها، لكن لسان حال محاميي النادي المغربي يقول "الانسحاب تابث رغم كل ما يمكن إثارته في القضية".

الخطأ الثالث.. غياب سند قانوني قوي!

وفي الوقت الذي يملك نادي الترجي التونسي خبرة كبيرة في مجال النزاعات القانوينة، مرتكزا على لجنة داخل النادي تعنى باتباع كل الملفات، وجد "الخصم" الوداد الرياضي نفسه مضطرا إلى تشكيل ترسانة دفاع، يعهد لها باتباع المساطر وكسب المعركة داخل ردهات محكمة التحكيم الرياضية.

 لجأت إدارة الوداد إلى محاميتين سويسريتين ومختصي قانون، إلا أن متابعة دقيقة لأطوار الملف، أظهرت أن دفاع الوداد لا يملك من الخبرة في الترافع داخل جهاز "الطاس"، كما هو الشأن بالنسبة للمنافس، حيث خسروا جميع فصول القضية، منذ عرضها على لجنة التأديب التابعة ل"الكاف" إلى غاية صدور منطوق الحكم النهائي.

اعترف رياض التويتي، رئيس اللجنة القانونية لنادي الترجي التونسي، خلال مقابلة عبر أثير أحد الإذاعات المحلية، بعد صدور حكم الـTAS، (اعترف) أن استرتيجية دفاعهم ارتكزت حول إغفال دفاع الوداد لبعض جوانب الملف، أهمها عدم التركيز على معاقبة فريق الترجي التونسي، مما كاد يمكن النادي المغربي من إمكانية "إعادة المباراة"، وهو الحكم الذي سيصب لصالحه في القضية، نقلا عن المصدر ذاته.

ولم تختر هيئة دفاع الوداد سلك نهج يمكنها من استخلاص قرار إعادة المباراة، حيث صبت كل توجهاتها نحو أحقية الفريق بالتتويج باللقب، إذ طعنت في قرار الكونفدرالية الإفرقية لكرة القدم، وهو ما قوى من حظوظ الترجي، باعتباره طرف نزاع "خارج المعادلة" وأن الجانب المغربي اختار مناقشة عقوبة اعتباره "منسحبا"عوض التركيز في الحكم الصادر عن اجتماع باريس، القاضي بإعادة المباراة على ملعب محايد.

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...