بعض الحقائق حول تجميد المغرب لعلاقاته مع ألمانيا

 بعض الحقائق حول تجميد المغرب لعلاقاته مع ألمانيا
خالد الشرقاوي السموني
الأربعاء 3 مارس 2021 - 17:37

قررت المملكة المغربية تجميد علاقاتها مع السفارة الألمانية بالرباط مع وقف جميع آليات التواصل معها والمنظمات الألمانية التي تنشط بالمغرب ، وذلك بناء على رسالة وزير الخارجية و التعاون الموجهة إلى رئيس الحكومة. قرار تجميد العلاقات لم يوضح الأسباب الكامنة وراء ذلك، لكن من خلال تتبعنا لعدد من مواقف السلطات الألمانية تجاه المغرب خلال السنتين الأخيرتين قد تؤدي بنا إلى معرفة حقيقة الأسباب التي كانت وراء الموقف المغربي .

بداية، من المفيد التذكير بعمق العلاقات التاريخية بين ألمانيا و المغرب ، إذ يرجع تاريخ العلاقات بين البلدين إلى سنة 1506م ، حيث أنشئت فروع تجارية ألمانية في ميناء آسفي بالمغرب. ومنذ عام 1781 م بدأت المحادثات بين المغرب ومدينة بريمن الألمانية من أجل عقد اتفاقية تجارية ، وقد تم التوقيع على أول اتفاقية بين المغرب ومدينة هامبورج لتنظيم سير السفن في الموانئ المغربية في عام 1802م . و في أواخر القرن التاسع عشر بادر المستشار الألماني بسمارك باتخاذ قرار بفتح القنصلية الألمانية بطنجة في عهد السلطان المولى محمد بن عبد الرحمن . وتعززت بعد ذلك العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية ، ⁴خاصة في عهد المرحوم الملك الحسن الثاني طيب الله تراه.

و قد ازدهرت العلاقات الألمانية-المغربية أكثر في عهد جلالة الملك محمد السادس ، حيث توسع نشاط العديد من المؤسسات الألمانية التي تنشط في مجال التنمية السياسية في المغرب أهمها "مؤسسة كونراد ادناور"، و"مؤسسة "فريدريش ايبرت"، و"مؤسسة فرديدريش ناومان"، بالإضافة إلى مؤسسات ثقافية أخرى ، فضلا عن الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) ، و شركات ألمانية تستثمر في المغرب و تحظى بجميع الضمانات و الامتيازات القانونية في إطار تعاون اقتصادي مثمر حقق نموا كبيرا في السنوات الأخيرة ، استفادت منه بالدرجة الأولى هذه المقاولات .

فكيف يعقل أن تتحرش ألمانيا على المغرب الذي تربطه معه علاقات تاريخية ، تعززت على جميع الأصعدة ، كان المغرب دائما خلالها حريصا على تمتين هذه العلاقات والسعي إلى تطويرها إلى ما هو أفضل ، بل كان مساندا للحكومة الألمانية و متعاونا معها في ملف محاربة الإرهاب و مكافحة الهجرة غير الشرعية .

فمباشرة بعد قرار اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال ديسمبر 2020 بسيادة المغرب على الصحراء ، طالب السفير الألماني في الأمم المتحدة بجلسة مغلقة لبحث هذا النزاع ، وكان ذلك يوم 22 ديسمبر ، خاصة و انه أبدى تعاطفا مع جبهة البوليساريو بدعم جزائري ، مما اعتبره البعض تشكيكا علنيا لألمانيا في شرعية القرار الأمريكي و تحيزا واضحا لجهة معادية للمغرب.

لم تقف ألمانيا عند هذا الحد ، بل سعت من خلال دورها المؤثر في الاتحاد الأوروبي إلى معارضة مساعي فرنسية داخل الاتحاد لبلورة موقف مساند للسيادة المغربية على الصحراء لدعم الموقف الأمريكي ، خاصة أن كثيرا من الدول الأوروبية نوهت بالموقف الأمريكي الرصين و كانت على وشك اتخاذ موقف موحد على نطاق واسع ، لولا الضغط الألماني.

ثم لم تكتف ألمانيا بمناوراتها داخل أروقة الأمم المتحدة و الاتحاد الأروبي ، بل وظفت بعض مؤسساتها تنشط في المغرب للقيام بأنشطة استخباراتية تضر بالمصالح العليا للمغرب.

تحرشات ألمانيا ، في الحقيقة ، لم تبدأ منذ إعلان الرئيس الأمريكي السابق عن قراره بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية ، بل بدأت منذ يناير سنة 2020 ، عندما سعت ألمانيا إلى إقصاء المغرب من خلال عدم دعوته لحضور مؤتمر برلين حول ليبيا ، علما بأن المغرب كان له إسهام كبير في حل النزاع الليبي و تحقيق السلام بالمنطقة ، ويشهد على ذلك اتفاق الصخيرات التاريخي الذي وافقت عليه الأطراف الليبية شهر ديسمبر من عام 2015، و الذي كان سيتحقق لولا اجهاضه مع الأسف من طرف دول عربية وأوروبية . مع الاشارة في هذا الصدد ، أن ألمانيا أصبحت منزعجة من الدور المغربي الرائد في افريقيا، خاصة على المستوى السياسي و الاقتصادي ، و أيضا من استثماراته في عدد من دول غرب و شرق أفريقيا ، ناهيك عن موقعه الجيوستراتيجي بين أوروبا والقارة الإفريقية ، مما جعل المانيا ترى في المغرب منافسا لها على مستوى الاستثمارات في هذه القارة، و ما تدخلها في النزاع الليبي الا وسيلة لإقامة استثمارات بليبيا و بالتالي البحث لها عن منفذ لاكتساح أسواق أفريقية، انطلاقا من تشاد و النيجر .

فضلا عن ذلك ، لاحظنا أن السعار الألماني تجاه المغرب ازداد خلال الأيام الأخيرة ، عندما احتفت جبهة البوليساريو برفع علمها أمام البرلمان الألماني الجهوي في “ابريمن” بمناسبة الذكرى الـ 45 لإعلان “الجمهورية الوهمية” ، بإيعاز من السلطات الألمانية، وهو ما زاد الطين بلة.

و هذا التصرف يعبر بشكل واضح ، بما لا يدع أي مجال للشك ، على أن ألمانيا صارت تشن حربا سياسية ضد المصالح العليا للمغرب و على رأسها وحدته الترابية في خرق سافر للعلاقات و المصالح التي تجمع بين البلدين .

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...