بلومبيرغ: تراجع الصادرات وتراجع الإنتاج.. الجزائر مهددة بفقدان "عصب" اقتصادها

 بلومبيرغ: تراجع الصادرات وتراجع الإنتاج.. الجزائر مهددة بفقدان "عصب" اقتصادها
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الأربعاء 10 فبراير 2021 - 12:00

تعيش الجزائر الكثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية نتيجة وجود تخبط كبير في هرم السلطة بسبب غياب الرئيس عبد المجيد تبون الذي تولى حكم البلاد في وقت خرجت فيه الجزائر للتو من احتجاجات شعبية تطالب بالتغيير. غير أن مشاكله الصحية الأخيرة وتداعيات فيروس كورونا على صادرات الجزائر من الطاقة، تُهدد بتفاقم الأوضاع وعودة الاضطرابات داخل البلاد، وفق ما أشار إليه تقرير نشره موقع "بلومبيرغ" العالمي.

تحت عنوان " دولة نفطية لا أكثر؟ صادرات الطاقة الجزائرية تغرق بسرعة"، قال تقرير بلومبيرع، بأن صادرات الجزائر من الطاقة تُسجل تراجعات مستمرة، وهو ما يزيد من المعاناة المالية لأعضاء "أوبك"، ويُحتمل أن تتسبب هذه التراجعات في عودة الجماهير التي أطاحت ببوتفليقة إلى الشارع من جديد.

ووفق التقرير، فإن الجزائر، بعد سنوات من سوء الإدارة والتدبير، ونقص الاستثمارات في البلاد، فإنها اليوم تكافح من أجل أن تواصل تصدير شحنات النفط والغاز إلى الخارج، مشيرا إلى أن النفط والغاز هما شريان الحياة بالنسبة للاقتصاد الجزائري، وبدونهما فإن الجزائر لا تملك أي موارد أخرى قد تستعين بها لإنعاش اقتصادها.

الخطير في الأمر، حسب التقرير، هو أن الثورة النفطية والغازية لدى الجزائر أصبحت مُهددة بسبب ضعف الانتاج، حيث تراجع الإنتاج والتصدير معا بشكل حاد للغاية، وتضمن التقرير تصريح سابق للوزير الجزائر المكلف بالاستشراف، محمد شريف بلميهوب، الذي قد بأن الجزائر قد تفقد صفتها كدولة مصدرة للنفط الخام خلال عقد من الزمن.

وأضاف تقرير بلومبيرغ، بأنه بالرغم من ارتفاع سعر برميل النفط أمس الإثنين إلى 60 دولارا، وهو أول ارتفاع من نوعه منذ أكثر من عام، إلا أنه سعر يبقى أقل من نصف مما تحتاجه الجزائر من أجل خلق نوع من التوازن في ميزانيتها وفق صندوق النقد الدولي، الذي أشار إلى أن الجزائر تحتاج إلى أن يصبح سعر البرميل 135 دولار لخلق التعادل المالي.

وقال جليل حرشاوي، أحد أعضاء "المبادرة العالمية" التي يوجد مقرها في جنيف ، وهي منظمة غير حكومية، بأن "القيادة الجزائرية تتعرض لصفعات مستمرة، وهي الآن، ولأول  مرة منذ حوالي عقدين، يتوجب عليها أن تتخذ قرارات مؤلمة سياسياً من أجل الحصول على الأموال اللازمة".

ووفق بيانات التتبع لموقع "بلومبيرغ"، فإن صادرات الجزائر من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال، تراجعت بحوالي 30 في المائة خلال سنة 2020، ولازال الانخفاض مستمرا خلال العام الجاري، حيث تراجعت مبيعات النفط في الخارج بالنسبة للجزئر إلى 290 ألف برميل فقط في اليوم خلال يناير الماضي، أي بأقل بنسبة 36 بالمائة مما كان عليه الوضع في دجنبر الماضي، وأكثر إنخفاض في تاريخ صادرات الجزائر منذ عام 2017.

وأشار تقرير بلومبيرغ، بأنه بالرغم من الدول الأعضاء في منظمة أوبيك، اتفقوا العام الماضي على خفض الإنتاج بسبب تداعيات كورونا، إلا أن الجزائر لم تستطع حتى الوصول إلى السقف المتفق عليه في الصادرات، في الوقت الذي تجاوزت جل البلدان الأخرى المصدرة للنفط السقف المحدد.

وأضاف التقرير في هذا السياق، بأن ضعف الإنتاج الذي تعاني منه الجزائر اليوم، قد يفوت عليها الانتعاش الأخير في الطلب على النفط الخام، حيث ارتفع الطلب بأزيد من 50 بالمائة منذ بداية نونبر تزامنا مع انتشار لقاحات فيروس كورونا، وزيادة الطلب على النفط في الصين. بل أن الجزائر فشلت في الاستفادة من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال في منتصف يناير الماضي، بسبب افتقارها لفائض الغاز لبيعه.

وحسب منتدى الدول المصدرة للغاز، فإن انتاج الجزائر من الغاز، سجل انخفاضا في سنة 2019، وهو أدنى مستوى تسجله البلاد منذ عقد من الزمن على الأقل، وفي ذات الوقت، تشهد الجزائر ارتفاعا استهلاك الوقود في محطات الطاقة المحلية مع ارتفاع عدد سكانها، مما يترك مجالًا أقل للتصدير.

وفي هذا السياق، أشار التقرير، بأن الجزائر تستهلك  المزيد من الغاز على أساس سنوي بينما ينخفض الإنتاج، وهو ما دفع برئيس الوزراء، عبد العزيز جراد إلى المطالبة بخفض الإنفاق لتحقيق الاستقرار المالي للبلاد، لكن أعضاء الحكومة متخوفون من قرارخفض الدعم على الطاقة والغذاء وانعكاساته على الشعب.

بيل فارين برايس مدير شركة أبحاث الطاقة إنفيروس، قال في تصريح لبلومبيرغ بأن "الجزائر لديها واحدة من أكبر ميزانيات الرفاهية للفرد مقارنة بنظرائها الأخرين في منظمة أوبك، وبالتالي فإن الحفاظ على الإنفاق الاجتماعي سيكون ضروريًا إذا أردات الحكومة تجنب الاحتجاجات الجماهيرية".

وأضاف فارين برايس، بأن من بين أسباب الأزمة التي تعانيها الجزائر في قطاع الطاقة، هو التغييرات المستمرة في أعلى هرم إدارة شركة الطاقة الحكومة سوناطراك، حيث تم تغيير 4 رؤساء تنفيذيين خلال العامين الماضيين، وهو ما حال دون زيادة الصادرات، رغم أن الشركة أعلنت هذه السنة بزيادة صادرات الغاز بنحو 25 بالمائة.

هذا وأشار التقرير، بأن الجزائر لازال أمامها باب الاستثمار الأجنبي، حيث ألمحت بسماحها لمزيد من الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة لتجاوز أزماتها، غير أن المشكل هو أنها لا زالت تُعتبر من أكثر الاقتصادات انغلاقا في قارة إفريقيا، خاصة أن السياسيين مترددون في السماح للشركات الدولية بممارسة نوع من السيطرة على موارد البلاد، لكنها قد تضطر لاتخاذ قرارات "صعبة" للخروج من النفق الذي تعيشه.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

إهانة موسمية

المغرب ليس بلدا خاليًا من الأعطاب، ومن يدعي ذلك فهو ليس مُخطئا فحسب، بل يساهم، من حيث لا يدري في تأخر عملية الإصلاح، وبالتالي يضر البلد أكثر مما ينفعه، ولا ...

استطلاع رأي

مع تصاعد التوتر بين المغرب والجزائر وتكثيف الجيش الجزائري لمناوراته العسكرية قرب الحدود المغربية بالذخيرة الحيّة وتقوية الجيش المغربي لترسانته من الأسلحة.. في ظل أجواء "الحرب الباردة" هذه بين البلدين كيف سينتهي في اعتقادك هذا الخلاف؟

Loading...