بين العام الماضي وهذا العام.. لماذا اختلف رد فعل الصحافة الجزائرية بشأن خطاب العرش للملك محمد السادس؟
قُوبل خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش الذي قدّمه للشعب المغربي يوم السبت الأخير (30 يونيو 2022)، بصمت ملفت من طرف الصحافة الجزائرية، بالرغم من أن الملك خصص جزءا من مضامين الخطاب حول العلاقات مع الجزائر حيث جدّد دعوته لإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين الجارين.
وفي الوقت الذي كانت أغلب التوقعات تشير إلى أن المسؤولين الرسميين في الجزائريين سيركنون إلى الصمت لأجل غير مسمى بشأن الرد على دعوة الملك محمد السادس أو التعليق عليها، فإن التوقعات بشأن الصحافة الجزائرية كانت مفاجئة، حيث لزمت بدورها الصمت في حين كان يُنتظر أن تتعامل مع الحدث على نطاق واسع.
ويرجع سبب هذا التوقع من الصحافة الجزائرية، إلى ما وقع في العام الماضي في نفس التاريخ والمناسبة، حيث مباشرة بعد دعوة الملك محمد السادس في خطاب العرش الجزائر لطي صفحة الخلافات وإعادة فتح الحدود بين البلدين، أطلقت الصحف الجزائرية العنان لأقلامها للتعليق على الخطاب بعناوين اعتبرها الكثيرون بأنها "غير لائقة"، من قبيل "المغرب يتودد للجزائر" والعديد من الأوصاف كـ"جار السوء" وغيرها.
لكن رد فعل الصحافة الجزائرية هذا العام، مختلف كليا، حيث لم تُعلق أغلب الصحف المعروفة بولائها للنظام الجزائري على الخطاب الملكي لا من قريب أو من بعيد، في "سلوك" يبدو وكأنه متفق عليه أو أن الصحف تلقت أوامر بعدم الرد أو التعليق على ما ورد في خطاب الملك محمد السادس.
هذا اللا"رد فعل" من طرف الصحافة الجزائرية يطرح العديد من التساؤلات، أولها هو هل قررت الجزائر تجاهل دعوة الملك محمد السادس كموقف رافض لهذه الدعوة؟ أم أن موقف الصمت جاء بهدف تدارس الرد المناسب على دعوة الملك بطريقة إيجابية قد تكون بداية انفراج التوتر الحاصل بين البلدين؟
العلاقات المتوترة بين المغرب والجزائر، يُجمع الكثير من المهتمين بشؤون المنطقة، ومن بينهم سياسيون مغاربيون، كالرئيس التونسي الأسبق، منصف المرزوقي، هي من الأسباب التي تقف وراء عدم تأسيس اتحاد مغاربي قوي على المستويين السياسي والاقتصادي، ويرجع سبب التوتر بالدرجة الأولى إلى قضية الصحراء.
وفي ظل التضاد الكبير في قضية الصحراء بين الرباط والجزائر، وفق ما يرى عدد من المهتمين بالعلاقات بين البلدين، فإنه يصعب التنبؤ بحدوث انفراج كبير في العلاقات بين الطرفين، خاصة أن المغرب قطع أشواطا مهمة في دفع المنتظم الدولي لقبول مقترح الحكم الذاتي للصحراء، في حين لازالت الجزائر متشبثة لموقفها الداعم لجبهة "البوليساريو" وما تسميه بحق "الشعب الصحراوي" في تقرير مصيره.
لكن الخروج من هذا الخلاف يتطلب مفاوضات مباشرة بين البلدين وتعامل ثنائي بين أصحاب القرار، على غرار ما أشار إليه الملك محمد السادس في خطابه الأخير عندما قال " إننا نتطلع، للعمل مع الرئاسة الجزائرية، لأن يضع المغرب والجزائر يدا في يد، لإقامة علاقات طبيعية، بين شعبين شقيقين، تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية، والمصير المشترك."
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :